شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حارة الأغوات (21)
أقف بك - الآن يا صديقي على مشارف باب ((المصري)) ولعلّ التسمية جاءت من ارتباط هذا المكان بالحاج المصري ونزوله فيه، وهو واحد من أبواب سور المدينة الذي كان آخر بناء له في عهد السلطان سليمان العثماني وذلك في سنة 1946هـ كما يذكر ذلك المؤرخ المعروف الأستاذ عبد القدوس الأنصاري - رحمه الله - وأميل إلى أن الاسم الذي كان يطلقه الناس على السوق الذي يبتدئ بهذا الباب: والاسم هو (جوة المدينة) يدل على أن ما كان خارج هذا الباب يعده الناس في تلك الحقبة الماضية من أطراف البلدة ونواحيها البعيدة نسبياً عن دائرة الحياة ومركز النشاط التجاري فيها.
تدخل هذا السوق المسمى في كتب التاريخ باسم (الحدرة) والذي يعود تاريخه إلى عصور الإِسلام الأولى، فتشعر بالنسمات الندية المنبعثة من أرضه المبلطة بالحجارة، ولقد أدركت في بداية نشأتي قوماً يحملون الماء في (القربة) يرشون به الأرض، وكان بعض من هؤلاء القوم يجلبون ماء بئر ((عروة)) المشهورة ويبيعونه للناس في أسواق المدينة، وسوف تجد في هذا السوق صنوفاً متعددة من الحوانيت بعضها تخصص في بيع العطور والآخر يبيع الملابس أو الذهب. وعرفت في هذا السوق حانوتاً لرجل من وجهاء المدينة كانت تربطه بوالدي روابط المحبة والألفة وهو السيد أحمد محضار - رحمه الله -
وتنتشر في هذا السوق أماكن تسمى ((بالوكالات)) أشهرها وكالة ((آل الرفة)) وهي الأسرة التي ينتسب إليها الشاعر المعروف الأستاذ عبد الرحمن رَفَّه - أمد الله في عمره - وفي تصوري أن هذه ((الوكالات؛ ربما كانت أشبه بالنزل التي يقيم فيها بعض الزائرين عند قدومهم إلى المدينة ولقد قرأتُ أن هذا النَّوع مِنْ ((النّزل)) يوجد في بلاد عربية أخرى كمصر والشام وبلاد المغرب، ولكن لا بد من القول إن بعضاً من الباحثين توصل إلى أن تصميم الأسواق في حواضر العالم الإِسلامي والعربي كان مستمداً في الأصل من أسواق المدينة بحكم موقعها الدِّيني منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم واتخاذها عاصمة من بعده في عهد الخلافة الراشدة.
الصديق الفاضل الدكتور غازي مدني ذكر لي أن دارهم كانت تقوم في هذا السوق - ولا أعرف شخصياً موضع هذه الدار - ولكني أدركت منذ الصِّغر أن لهذه الأسرة الكريمة التي برز منها في هذا العصر الأديبان عبيد وأمين عبد الله مدني وشاركا في حياتهما الاجتماعية والفكرية مشاركة إيجابية وفعّالة، أن لها دوراً في هذا السوق وكذلك في الناحية الأخرى القريبة من الشارع الذي كنا نسميه - درب الجنائز -
لم تكن الوكالات وحدها أو الدور المنقوشة بالحجارة والمطلة على السوق هي كل ما يميز هذا المعلم الذي يعد من المعالم البارزة للمدينة القديمة، بل هناك معالم عديدة لا نستطيع وفقاً للمساحة المحددة لهذه المقالة - أن نسهب في وَصْفها أو الحديث عنها، ولكن لا بد من الإِشارة إلى معلمين هامين كانا يقومان قبل نهاية السوق من ناحية ساحة باب السلام، أولهما زقاق كان يعرف باسم ((الزَّرندي)) وكان يسكنه بعض من أسرة الأنصاري، وهي من الأسر العريقة - نسبة إلى الأنصار الذين نصروا النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد أدركت الشيخ حمزة أنصاري - رحمه الله - الذي كان يقيم في ذلك الزقاق وهو أخ لعثمان وعلي أنصاري - أمد الله في عمرهما، وربما وجدت ارتباطاً بين اسم هذا الزقاق وبين سكن نفر من آل الأنصاري فيه، فصاحب ((تحفة المحبين والأصحاب في معرفة ما للمدنيين من أنساب يذكر أن بيت الأنصاري ((يعرف قديماً ببيت الزَّرندي نسبة إلى زَرَند وهو كما ينقلُ عن الفيروز آبادي في كتابه المعروف ((المغانم.. المستطابة في معالم طابة)) قرية من أعمال المدينة المنورة من جهة الشمال بقرب وادي القرى والفيروز آبادي ينقل ذلك عن شيخه عبد الله محمد بن يوسف الزرندي الأنصاري - محدث حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
أما المعلم الآخر فقد كان يقوم في الجهة المقابلة لزقاق الزرندي، فهذا الأخير كان يقع في الجهة التي على يمين القادم من أعلى السوق إلى أدناه متوجهاً إلى الحرم النبوي، والمعلم الآخر كان في الجهة اليسرى، وهو ((رباط)) كانت غرفهُ تطل من الناحية الأخرى على شارع العينية، ولما سألت زميل الصبا الأستاذ عبد الرؤوف طاهر عن اسم ذلك الرباط، أجابني بأنه يعرف باسم الشام أو الشامي.
خاتمة
هاتفني مشكوراً السيد علي بن حسين عامر وهو واحد من الرجال الذين يعرفون المدينة ومعالمها وتاريخها معرفة دقيقة، وصحح - جزاه الله خيراً - معلومة أوردتها في الحلقة (19) وتتصل بموضوع منزل جَدِّهِ السيد عامر - رحمه الله - في حي العنبرية الذي يقع كما يذكرنا أستاذنا في أول زقاق ((العبيد)) ثم يليه منازل آل موسى وآل جعفر، كما أضاف لي معلومة لم أعرفها من قبل وهي أنه كان للشيخين محمد وسعود أحمد دشيشة أخ آخر يعرف باسم عبد الله.
فجزى الله أستاذنا الكريم خيراً وأطال لنا في عُمْرِه..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :700  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.