شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حارة الأغوات (12)
في الصباح البهي الذي تشرق أنواره في سماء البلدة الطاهرة يتوافد الناس على الحارة يطلبون حانوتاً من تلك الحوانيت التي كانت تنتشر على طرفي الطريق الرئيس للحارة وهو حانوت صغير يلاصق جداره جدار مخبز المعلم حجازي ولا تتسع مساحته إلا لنفر محدود من الناس ولكن الناس يطيب لها أن تأتي لهذا الحانوت من أماكن متعددة فتجلس على تلك المقاعد العتيقة والمتميزة بقاعدتها المصنوعة من الشريط الذي يؤتى به من سعف النخل، ولربما اضطر بعض من يؤمون هذا الحانوت للوقوف حتى يأتي دورهم فيجلسون بين يدي الرجل الذي يتوجب عليك ألا تكثر الكلام عنده فهو مجيد لصنعته حافظ لسماء زبائنه. وهل يغيب عن الذاكرة التي نشأت في الحارة أو قريباً منها اسم ((العم حسن فرغلي)) الذي كان يتفنن في صناعة ((الفول))؟ لا يضاهيه فيها أحد إلا رجل آخر كان حانوته في سوق البرسيم وعند مدخل شارع العينية. وكان هذا الأخير يدعى عامر - رحمه الله - حانوت العم فرغلي كان من معالم الحارة البارزة يتساوى في ذلك مع مخبز المعلم حجازي ومقهى طيفور حيث الرحبة التي كانت في حقبة ماضية موضعاً يبرز فيه أتباع الأغوات مواهبهم في لف العصا ((القشاع)) أو ما يسمى بالتَّمدين، أو اللعب بالسيوف الراح من فوق ظهور الخيل ولا يكون ذلك إلا في المناسبات كالأعياد، ومن هنا أتت المرتبة التي يحتلها أحد الأغوات وتسمى (رأس الخيالة) وهي المرتبة التي تلي مرتبتي (المستسلم والنقيب) وقد عرفت من بين الأغوات شخصاً كان يشغل هذه المرتبة واسمه ((شاكر)) وخلفه شخص آخر فيها اسمه ((محمد قرآني)) وهذا الأخير كان من أكثر الأغوات نشاطاً وكانت تسند إليه مهمة فتح أبواب الحجرة المطهرة عند وصول الوفود الإسلامية للحرم الشريف وتشرفهم بالوقوف بين يدي المصطفى عليه الصلاة والسلام مسلمين ولتاريخه المشرق متذكرين ولمناقبه العظيمة متمثلين. وكيف لا يحن المؤمن إلى تلك المواضع وقد حن الجذع الذي لا يعقل ورقت القلوب التي كانت في جاهليتها لا تلين، وفاضت العيون التي لم تكن تعرف الدمع وانسكابه من قبل، فهي المواضع التي تعبَّدَ فيها نبي الهدى - عليه صلوات الله وسلامه - حتى تورمت قدماه - ونزل جبريل بين سواريها بالوحي على قلبه الممتلئ شفقة ورحمة - بأبي أنت وأمي يا سيد الرسل، ويا إمام المتقين، ويا قائد الغر المحجلين.
في الحارة الليل مضيء، فهي تقع بين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقيع ((الغرقد)) الذي يضم أكثر من عشرة آلاف صحابي - رضوان الله عليهم.. والنهار فيها يزيده إشراقاً إطلالة معالم مسجده الشريف وضريحه الذي حفظه الله على مر العصور والأزمان فلا يعرف في الدنيا جميعاً قبر بالتواتر المعلوم الذي لا يقبل الشك وعلى وجه التحديد والدقة كما يعرف ضريح خاتم الأنبياء والمرسلين - عليه صلوات الله وسلامه - وتلك معجزة خص الله بها هذا الدين العظيم.
فكتابه محفوظ من كل تغيير وتبديل، وسنته مصونة من التحريف، ومعالم مسجده يزيدها مرور الأيام قوة وبهاء، وهي اليوم بما تبذله هذه الحكومة الرشيدة بتوجيه خادم الحرمين الشريفين وإمام المسلمين، الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - هي في خير حلة وأكرم منزلة، وأعظم تقديس.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :640  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج