شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كارثة الغاز القاتل - نتيجة استهتار بالإنسان
بعد أن قتل الغاز السام الذي تسرّب في سماء بهوبال في الهند من مصنع المبيدات الحشرية أكثر من مئتين وخمسين إنساناً، بين رجال ونساء وأطفال أبرياء، وأصاب بالعمى والاختناق، واهتراء الرئة والكبد الخ... أكثر من مئتي ألف أصبح معدّل من يموتون يوماً من هؤلاء المصابين لا يقل عن ثلاثين من هؤلاء المنكوبين مما يعني أن مصير أغلبية المصابين هو الموت.
والشركة الأمريكية التي تمتلك وتدير هذا المصنع، بتصريح من حكومة الهند، وهي (يونيون كاربايد)، لا تزال تدّعي أن وسائل السلامة، ومنها (الإنذار المبكّر) وأبعاد الكثافة السكانية عن المصنع، ببنائه بعيداً عن العمران، وفي الغابات أو البراري الخالية من السكان... إن هذه الوسائل كلّها متوافرة دون أي إهمال أو تساهل، ولا فرق بينها وبين المصانع المماثلة المقامة في كثير من بلدان العالم.
ولا حاجة إلى إثبات كذب هذا الادّعاء، إذ إن الواقع الرهيب المفجع، يؤكّد أن الشركة حين أقامت هذا المصنع في الهند، لم تكلّف نفسها الحرص على توفير نفس أسباب السلامة التي جرت العادة أو توفّرها بأعظم جانب من الدقة، في المصانع المقامة في أميركا وألمانيا وغيرها من البلدان المتطورة... مما يعني بوضوح، أن نظرة الشركة إلى بلدان العالم الثالث تختلف عن نظرتها إلى سكان تلك البلدان المتطورة... كأن الإنسان في العالم الثالث ليس هو الإنسان في أميركا وأوروبا واليابان.
والمضحك جداً، والمبكي في نفس الوقت، أن لا يستحي مسؤول في الشركة، أن يقدم تعويضاً للقتلى والمصابين ويتجاوز عددهم مئتي ألف إنسان، محكوم على أغلبيتهم بالموت، قدره مليون ومئتي ألف دولار فقط لا غير. مع أن المحامين الأمريكيين الذين تصدّوا للمطالبة بمحاكمة الشركة على هذه الكارثة، قد طالبوا بأكثر من ثلاثين مليار دولار.
ومع أن (يونيون كاربايد) هذه تنتج من هذا الغاز السام، أصنافاً من المبيدات الحشرية التي تخلّص المزارع من الحشرات الضارة بالإنتاج الزراعي، فإن هناك من يزعم أن هذه المبيدات لم تعد تصدّر إلى أي بلد من البلدان المتطورة... بعبارة أخرى لم يعد في الغرب بلد يحتاج إلى استعمالها، لأن هذه الشركة أو شركات أخرى، تصنع للبلدان المتطورة أصنافاً من المبيدات، ينعدم أو يقل فيها الخطر الكامن في المبيدات التي تصدر إلى العالم الثالث.
مات ما يقرب من ألفين وخمسمئة إنسان، وفي الطريق إلى الموت، ثلاثون شخصاً من المصابين في كل يوم... وهذا بالإضافة إلى الألوف الذين أصيبوا بالعمى، ويقول العلماء إنهم قد فقدوا القدرة على الإبصار إلى الأبد. ومع ذلك تظل صورة التقدم العلمي الذي تمثله هذه الشركة وأمثالها، مقبولة، رغم ما يهدد البشر من منتجاتها أو من أخطائها. والذي يقال في هذا المجال هو أن مسيرة العلم والتقنية يجب أن لا تتوقّف مهما حفّ بها من الأخطار الجانبية، وحتى لو كان فيها الدمار الشامل، كذلك الدمار الذي أصبح يهدد البشرية كلّها إذا ما انطلقت القنابل الذريّة عابرة المحيطات من عقالها في يوم ما.
سحابة الغاز القاتل التي تسرّبت وقتلت ودمّرت حياة مئات الألوف في بهوبال، لا تختلف في شيء عن القنبلة الذريّة التي ضربت هيروشيما وناكازاكي في اليابان... فإذا لم ننس أن مصدر الاثنين هو جبروت الولايات المتحدة الأمريكية، وتفوقها العلمي، والتقني الذي أصبح لا يقف عند حد، فإن البشر في العالم مطالبون، بأن يكون لهم موقف من هذا الجبار العملاق... ومن كل جبّار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :680  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 167 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج