الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

إنتاج مطبعة المصحف في المدينة المنوّرة

الاهتمام والعناية، بل والالتزام بطباعة المصحف الشريف... في مكة المكرمة والمدينة المنوّرة مطلب كثيراً ما راود أذهان المسلمين في مختلف أقطارهم، وكثيراً ما تطلّعوا في أن تثلج صدورهم بالعكوف على مصحف طبع ويطبع، في مكة والمدينة، وهما مهبط الوحي وفيهما تلقى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه كل كلمة في الكتاب الكريم، ومن المدينة أشرق على الدنيا مصحف عثمان رضي الله عنه، وهو المصحف الإمام كما هو معروف. فطباعة المصحف الشريف في الحرمين الشريفين عمل مبرور، يستحق من اهتمام الدولة نصيباً لا يقل عن اهتمامها بأعظم ما تقوم به في خدمة الحرمين الشريفين، وهي خدمة بطبيعتها للإسلام والمسلمين.

ولم تغب الفكرة والهدف عن أبناء الحرمين الشريفين، فكانت طباعة مصحف مكة المكرمة التي لا تزال تصدر وتوزّع بأعداد قيل إنها تبلغ الملايين... عملاً رائداً دون شك ثم كان مشروع طباعة الصحف في المدينة المنورة، الذي يعتبر واحداً من أعظم المشاريع الرائدة من نوعه، وقد استهدف غاية فيها من نبل القصد، بقدر ما فيها من الحرص على تحقيق أمنية مئات الملايين من المسلمين في أقطار الأرض... أمنية غالية يشعر بها كل من جرّب لهفة المسلمين في أقطارهم البعيدة، على القطرة من ماء زمزم وعلى الذرة من تراب الحرمين الشريفين.

وفي حديث عابر مع السيد حبيب محمود أحمد، مدير الأوقاف في المدينة المنوّرة وأظنه المسؤول في نفس الوقت عن مطبعة المصحف الكبرى نادرة المثال في المدينة، قال - إذ لم تخني الذاكرة - إن إدارة مطبعة المصحف - وأضع خطاً تحت كلمة إدارة - طرحت في مناقصة ورسّيت المناقصة على نفس الشركة التي قامت بإنشاء وتنفيذ المشروع، وكذلك بصناعة مكاين الطباعة وآلاتها ومعداتها على أحدث وأفضل ما بلغه العلم والتقنية في هذا المجال.

الملاحظة أن مناقصة (الإدارة) هذه قد رست على هذه الشركة بمبلغ قدره (485) مليون ريال في السنة الواحدة، وهي مسؤولة عن إنتاج (7,500,500) سبعة ملايين وخمسمئة ألف نسخة من المصحف الشريف في السنة، مع مليونين من أشرطة الكاسيت لقراءة المصحف المرتّل، والمنغّم الخ.

من هذه المعلومة نجد أن النسخة الواحدة من المصحف الشريف، المطبوع في هذه المطبعة تكلّف عند خروجها من المطبعة إلى المستودعات: (485,000,000) ريال على (7,5000,000) نسخة = 64,66 ألف نسخة... ومع أن التكلفة، بهذا المستوى العالي ليست موضوعاً في تقدير المشروع، إذ قد توزّع النسخ كلّها مجاناً لوجه الله تعالى على المسلمين في أقطارهم، فإن هذه التكلفة إذا قورنت بسعر البيع أو الشراء لكثير من المصاحف المطبوعة في أكثر من بلد من بلدان العالم الإسلامي تعتبر شديدة الارتفاع... مع ملاحظة أن هذه التكلفة لا يدخل فيها ما كلّفه إنشاء المطبعة نفسها أرضاً وبناء، ومكاين وآلات، وزمناً للتأسيس والإنشاء.

قد لا يكون الربح في حساب الإنتاج، ما دام التوزيع سوف يكون بدون مقابل... ولكن حتى في هذه الحالة أليس من طبيعة الخدمة المجّانية أن تتوخّى خفض التكلفة.