شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ومذنّب هالي
(لا يعلم الغيب إلاّ الله سبحانه)، حقيقة مفروغ منها ولا يجوز الجدل فيها أو حولها، مهما وجد من يهرطق أو يجد في تنبؤات عمّا يزعم أنه سوف يحدث، في يوم من شهر أو سنة معيّنة. ولكن قد لا يدخل في مضمون العلم بالغيب بعض الاستنتاجات العلمية والرياضية، التي يصل إليها علماء الرياضة البحتة والفلك، إذ ليست استنتاجاتهم نوعاً ممّا يسمّى (التنجيم) أو (الكهانة) وإنما هي اكتشاف حقائق يصل إليها العلم بعد أن ظلّت خافية أو مستورة طوال مراحل من حياة الإنسان على الأرض. ولاختلف اكتشاف هذه الحقائق عن الكواكب والنجوم، عن اكتشاف الطاقة النووية، أو حتى قوانين الجاذبية الأرضية، أو قوانين الاحتراق الداخلي الخ.
من النجوم التي اكتشفها العلماء، وأوسعوها درساً أسفر عن معلومات قيّمة عن مادة تكوينها، وحجمها، وسرعة انطلاقها، والفترة الزمنية التي تغيب خلالها عن مجال رؤية الإنسان على الأرض، حيث تكون في رحلتها الكونية الواسعة... من هذه النجوم، النجم الذي يسمّى (مذنّب هالي)... ويسمّى (مذنّباً)، لأنه يتميّز من غيره من النجوم التي نراها في السماء، بأنه يسحب وراءه ذيلاً طويلاً من الضوء شبّهوه بالذنب أو وهو يضاف أو ينسب إلى العالم البريطاني الذي اكتشفه، وهو (سير إيدموند هالي)... الذي تقول دوائر المعارف، إنه الذي اكتشف حركة النجوم، ومن اكتشافاته وإنجازات دراساته المتعمّقة في الفلك، أن المذنّب الذي ظهر فرآه سكان الأرض عام 1682 كان له فلكه الخاص، وظهوره يتم دورياً كل ست وسبعين سنة، وهو نفسه الذي سبق أن ظهر في عام 1531، ثم في عام 1607. والمتوقّع أن يظهر للعيان، حيث يكون في أقرب نقطة من الشمس في التاسع من فبراير عام 1986 وفي أقرب مدى من الأرض في 11 إبريل من العام نفسه... وهذا المدى الأقرب من الأرض واحد وستون مليون كيلومتر أو 38 مليون ميل... ويقول العلماء، دون أن يوضّحوا الأسباب، أن توهّجه حين يظهر لسكان الأرض سوف يكون أقل من المرات السابقة... وسكان نصف الكرة الجنوبي سوف تتاح لهم رؤية أفضل من تلك التي تتاح لنصف الكرة الشمالي.
ومعلومة عابرة عن (أيدموند هالي) هذا،وهي أنه كان معاصراً لإسحاق نيوتن، مكتشف قانون الجاذبية الأرضية، ومجموعة القوانين الميكانيكية الأخرى التي فتحت الأبواب واسعة أمام التقدم المذهل في الميكانيكا وحتى اليوم... ولأن هالي كان يتمتع بتقدير كبير في بريطانيا وبظروف مالية أفضل، فقد كان يدعم إسحاق نيوتن في بحوثه العلمية معنوياً وماديّاً مما ساعده على تحقيق الكثير من النتائج التي وصل إليها وكانت فتحاً كبيراً في الطبيعة والرياضيات.
والآن، أعلم أن القارىء يتساءل عن علاقتي بحكاية المذنّب هالي، وما هي أهمية تقديم هذه المعلومات عنه لقراء (نشر وطي)؟؟؟
أما علاقتي، فمصدرها أني أصبحت أسمع ما يدور بين كثير من الناس، عن الأحداث التي يزعم الزاعمون أنها سوف تقع عند ظهور هذا المذنّب لسكان الأرض... ومنهم من يذهب إلى أن حروباً كبرى وكوارث طبيعية، كالأعاصير، والزلازل، والفيضانات، سوف تقع متزامنة مع ظهوره... ويضيف آخرون أنهم سمعوا من الكبار عن الأحداث التي وقعت منذ أكثر من سبعين عاماً، عندما ظهر هذا النجم... وقد يذكرون الحرب العالمية الأولى، التي نشبت عام 1914، أي منذ سبعين عاماً، وقبلها الكثير من الأحداث والكوارث الأخرى.
وأهمية تقديم هذه المعلومات للقراء، فهي أن المصادر العلمية المتاحة، كدوائر المعارف، البريطانية والأمريكية وغيرها، حين أعطت كل هذه المعلومات و الحقائق عن المذنّب وعن مكتشفه، ودوريّة ظهوره، لم تذكر حرفاً واحداً عن الحروب والكوارث التي تزامنت مع ظهوره كما يتداول أخبارها الناس.
كل ذلك من وجهة نظر العلم أوهام... وأنا لا أطيق أن أسمح بانتشار الأوهام بيننا إذ هي في حسباني، التي تخرّب المنطق والعقل، وترسّخ فيه الميل إلى الخرافة والدجل وليس ذلك مما يليق بالإنسان في عصر العلم والتكنولوجيا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :590  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 151 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.