شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سكة حديد الحجاز... وقف إسلامي
قضية الأسبوع في مجلة اليمامة، التي نشرت في عددها الصادر، يوم الأربعاء 28/4/1409، من القضايا التي عالجها عدد من علمائنا، وأكابر رجالنا، بآراء، تعلّل للإلغاء الذي وقع في أكثر من بلد إسلامي، وتدعو في نفس الوقت إلى إعادة إحياء ما أهمل من هذه الأوقاف في المملكة. وكان رأي الدكتور حمد الجنيدل، ضرورة إعادة النظر في مشاريع الأوقاف بعمق، وأضاف: اقتراحاً بعقد ندوة (عالمية إسلامية) تتبناها المملكة.
ولا أشك في أن وزارة الأوقاف في المملكة، تعلم أن للحرمين الشريفين أوقافاً أوقفها المسلمون في كل بلد إسلامي، بدءاً من تركيا (في أيام الدولة العثمانية)، وانتماء على الأرجح، في كثير من بلدان جنوب شرقي آسيا... ومصدر هذه الأوقاف للحرمين الشريفين هو ما التزمت به مشاعر المسلمين نحو الحرمين الشريفين باعتبارهما ملاذاً للمسلمين من جميع أنحاء الأرض. فكان من يملكون عقاراً (أرضاً أو بناء)، يوقفونه على الذريّة بشروط معيّنة، ثم يؤول ريع العقار، أو ثمنه، إلى الحرمين الشريفين، بعد انقراض الذرية أو بعد تنفيذ شروط الواقف.
ولا أدري إن كانت لدى وزارة الأوقاف سجلات، لهذه الأوقاف، في بلدان العالم الإسلامي ولكن لا شك في أن دوائر (التوثيق) أو هي المحاكم التي كانت تقوم بالتوثيق، في جميع هذه البلدان، تحتفظ بسجلات لما وثّقت من عقارات، نص فيها الواقف على أيلولة ما أوقف من العقار على اختلاف أجناسه وأعيانه، إلى الحرمين الشريفين.
هذه العقارات، ومنها المزارع، والأراضي، وما عليها من أبنية، بعد إلغاء أو تحريم عمليات الوقف وبعد انقراض الذرّية التي أوقف عليها العقار، أصبحت تحت يد الدولة، أو فلنقل إن الدولة قد وضعت عليها يدها، مع أن شرط الواقف يقضي بأن تؤول إلى الحرمين الشريفين.
حدث هذا، في تركيا بعد سقوط الخلافة... ثم حدث، في مصر بعد الثورة أو قبلها - رغم وجود وزارة للأوقاف - كما حدث في سوريا ولبنان... ولا أدري شيئاً عن الواقع في أقطار المغرب العربي، أما في الهند، (وكانت منها باكستان) فإن ما آل إلى الحرمين الشريفين، يكاد يفوق ما في جميع بلدان المسلمين... وقد يذكر بعض أهل مكة المكرمة ما كان يرسل إلى أهلها، من (نظام حيدر آباد) وما كان موقوفاً في مكة نفسها من عقار أوقفه (النظام) لمصالح الحرمين الشريفين.
والعين، أو العقار الموقوف على الحرمين الشريفين، يعتبر (من ممتلكات) الحرمين لا تملك الدولة التي ألغت حق المالك في (الوقف)، أن تلغي ملكية هذا العقار للحرمين، إلا بموافقة المالك الذي آل إليه العقار أو (العين). كما لا تملك الدولة التي ألغت الوقف، أن تنص على هذا الإلغاء بأثر رجعي، لأنها في هذه الحالة تتصرف فيما لا تملك، وهو تصرف قد لا تقره القوانين الدولية التي تلتزم الدولة باحترامها. في أول بيان جرت العادة أن تصدره بعد الانقلاب أو الثورة أو التغيير.
ودعوة (الدكتور حمد الجنيدل) إلى عقد ندوة إسلامية تتبناها المملكة هي في تقديري بداية الطريق الذي سبق لي أن اقترحت على وزارة الأوقاف أن تسلكه للمطالبة بأوقاف الحرمين في كل بلد إسلامي... ولا مجال هنا لمقولة إن الحرمين الشريفين في غنى عن ريع أو ثمن أو دخل هذه الأوقاف. لأنها مقولة (تتصرف) من جانبها فيما لا تملك حق التصرف فيه... ونحن نحمد الله طبعاً على أن الحرمين بخير، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله، يضع ألوف الملايين لخدمة الحرمين، ولكن مع هذا يجب أن لا نعطي أنفسنا حق التصرف، في حقوق مهما كانت قليلة أو ضئيلة أصبحت للحرمين الشريفين.
أمّا سكة حديد الحجاز، التي دمّرها لورانس وحلفاؤه، في الحرب العالمية الأولى لقطع خطوط التموين على حامية المدينة المنورة العسكرية، فإنها كما نعلم، (وقف إسلامي) بمعنى، أنها ليست مما أوقفته الخلافة العثمانية، وإن كان السلطان عبد الحميد هو الذي دعا المسلمين إلى المساهمة في بنائها. وليس معروفاً، من هي الدول التي ساهمت وكم كان المبلغ الذي تجمّع لدى دار الخلافة أيامها من المسلمين لهذا الغرض... ولكن يظل الواقع المقرر والمعروف أنها وقف إسلامي، وحيث إن جزءاً كبيراً من خط هذه السكة يقع في المملكة، من المدينة إلى حدود المملكة الأردنية الهاشمية، فإن المملكة سوف لن تتكلّف الكثير إذا أخذت على عاتقها إعادة بناء الجزء الذي يقع على أرضها، إحياء لوقف إسلامي من جهة... ودعماً لحركة النقل الواسعة والكبيرة التي أصبحت تعتمد على شاحنات أردنية وسورية وتركية... خصوصاً وأن عدداً كبيراً من الحجاج يفد لأداء الفريضة، على هذه الشاحنات والحافلات.
قد يوجد من يقول، إن قطار السكة الحديد، سوف يقلّل من فرص العمل لأصحاب الشاحنات، ولكن تجربة خط السكة الحديد بين الرياض، والدمام، أثبتت، أنه لم يقلل فرص الشاحنات أو السيارات بأنواعها...
وبعد... فاعتقد أن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، حفظه الله وهو ينفق ألوف الملايين لإعمار وتوسعة المسجد النبوي الشريف... بل وتجديد عمران المدينة المنورة كلّها، قد يستحسن حفظه الله، أن يضيف إلى سجله الذهبي وتاريخه الحافل بالمبادرات التي لم يسبق لها مثيل بالنسبة للحرمين خاصة، مبادرة إعادة بناء وتسيير خط سكة حديد الحجاز من المدينة إلى حدودنا مع الأردن... ولا أستبعد عندئذٍ أن يمتد هذا الخط إلى دمشق، ومنها إلى تركيا فأوروبا إلى باريس، اتصالاً بقطار الشرق الذي لا يزال يعمل حتى اليوم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :745  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 127 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.