شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الرفض.. والتطور
لو قلنا إن كل تطور في حياة البشر، منذ ألوف السنين وحتى اليوم.. ثم إلى ما بعد ألوف أخرى من السنين، لا ندري ما سوف يكون حال الإنسان أيامها مع حركة هذا التطور المتواصلة، التي ما أراد الله لها أن تتوقف قط. لو قلنا إن كل تطور، نشهده ونعيشه ونحلم به وسوف تعيشه الأجيال بعدنا، مدين في حقيقته لحالة رفض، يمكن أن نتلطّف فنسميها حالة (تطلع إلى الأفضل أو الأجمل أو الأكمل).. وهذا التطلع بطبيعته دفق إحساس بأن الواقع المعاش، في أي زمن أو ظرف، ليس هو الذي يرضي العقل والمدارك والذوق أو المشاعر والأحاسيس.. لو قلنا ذلك، فإننا لا نتجاوز منطق الحياة (الآدمية)، ومعاناتها الدائمة مع مطلب إعمار الأرض أو في معالجة الانتفاع مما سخّره الله لها في السموات والأرض جميعاً بنص الآية الكريمة في قوله سبحانه: وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الجاثية:12).
ومشكلة الرفض في حياة المجتمعات البشرية على اختلافها عناصرَ ومواقعَ وثقافاتٍ، تكمن في التعامل مع نسبةِ عمقِ الإحساسِ بضرورته وأهميته أو الحاجة إليه. وتختلف الاستجابة لهذا الإحساس، باختلاف الأمزجة، وربما باختلاف مراحل العمر.. والأكثر شيوعاً - وهو ما ينصب عليه النقد أو النظرة الرادعة - هو طريقة استجابة الشباب للإحساس بالرفض والرغبة في الخروج على الثوابت التقليدية المتوارثة. وطريقة الاستجابة، والتعلق بالتمرد والخروج تتنسب طردياً، مع ارتفاع نسبة الإحساس من جهة، ودرجة حدة النقد والردع من جهة أخرى. ولذلك فإن الكثير جداً من تصرفات الانفلات والمنفلتين بغض النظر عن تسمية أجناسهم وأصنافهم في أمريكا وأوروبا، وحتى في إنجلترا - التي لا يزال ينظر إليها كأمّة أكثر انضباطاً (نسبياً) - ليست في الواقع أكثر من تعبير جامح أو منفلت، أو متجاوز الحدود، عن الرفض لواقع الحياة في المجتمعات التي يعيشها هؤلاء الرافضون.
والملاحظ، ربما طوال العقد الأخير من السنين، أن تهتك وانفلات أجيال الشباب في كثير من بلدان العالم - ولا تُستثنى بلدانُ العالم، الثالث - ليست في الواقع أكثر من تصعيدٍ للرفض، من سلبية تبدأ بالتقوقع على نفسها، ثم تنفلت، بتجاوز الروادع القائمة إلى حد ممارسة أنواع من العنف، منها الاغتصاب ثم القتل، ومنها أيضاً الانتحار، الذي نسمع ونقرأ أنه أكثر شيوعاً، في السويد والنرويج والدانمارك، وهي البلدان التي توصف بأنها الأكثر أخذاً بمنطق حرية الفرد، من الجنسين، وهي في نفس الوقت الأرقى مستوى حضارياً بمفهوم الحضارة الأكثر أو الأرقى تطوراً.
ومع ما يبدو من أن حالة الرفض الشائعة، تختار مناخ الشباب، بما في طبيعته من توفّز وحرارة، وبما يتوافر له من الأنظمة والقوانين السائدة من تربة ملائمة للنمو، فإن مما لا ينبغي أن يُستبعد، أن مصادر تغذيتها، تأتي في الغالب من الطبقة أو الطبقات التي استنفدت قدرتها على الحركة خلال، وبعد الحربين العالميتين، ولكنها لم تستنفد قدرتها كروافد لتيار الرفض العالمي، وخطؤها الذي لم تحاول النظم والقوانين القائمة استدراكه، أو معالجته، هو التمهّل، إن لم يكن العجز عن تقديم البديل.
وهذا يعني - فيما أرى - أن تحولاً كبيراً، وخطيراً طرأ ولا يزال يطرأ على عالم (اليوم ونظم اليوم، وأسلوب حياة اليوم. وخطورة التحول تكمن في أن الذين يغضون النظر، أو حتى يشجعون الرفض، أو يرفضون بطبيعة مسؤوليتهم عن التطوير، يعجزون عن التماس البديل.. يرفضون - على سبيل المثال - نظم الحكم الديكتاتورية، ولكنهم يرفضون أيضاً نظم الحكم الديموقراطية المتاحة أو الممكنة.. يرفضون نظام الحياة في المجتمع الرأسمالي ولكنهم حين يختارون البديل الاشتراكي، يقعون في دوامة المراجحة والمفاضلة بين أنواع هذا البديل.. وهي أنواع، قائمة، ليس في الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية فقط، وإنما أيضاً في دول أخرى، خارج الطوق الشيوعي، كتلك المعروفة في السويد والنرويج وفنلندة وإلى حد ما في فرنسا وبلجيكا والدانمارك.. يرفضون مثل الأخلاق المتوارثة، والتراث الحضاري القائم.. ولكنهم يرفضون أيضاً حتى مجرد أن يحلموا بالأفضل إن وجد، أو بالأقوى أن توافر.. وحتى في الفنون والآداب، يرفضون قيود (القاعدة) و(الأساس) و(القانون)، ويعبرون عن هذا الرفض في الفنون ومنها الآداب، بالانطلاق غير المسؤول، وبالتمرد على الهياكل والأعمدة، أما في الموسيقى، فبشق الحناجر، وتمزيق الطبول، وتقطيع الأوتار.. وكل ذلك تعبير صارخ عن الرفض.. ولكن المشكل - والمحزن في نفس الوقت - أنه لا يحمل أو يقدم مؤشراً للبديل.
تلك نذر تهدد القائم من التراث الحضاري، والنظم الاجتماعية القائمة، بل تهدد معمار الحياة نفسه.. بالهدم، بفلسفة أن لا سبيل إلى الجديد إلا بهدم وتدمير القديم.. ولكن ما هو التصور القائم في أذهانهم في ذلك الجديد؟ والسؤال الذي يطرح نفسه، هو: ما هو موقف أو مسؤولية العلم، ومراكز الإشعاع الكبرى، ومعها - أو يجب أن تكون معها - قوة الدولة وهيبة القوانين - ولا أعني الجبروت والإرهاب والقمع، ولكني لا أعني في نفس الوقت التساهل والتميع وغض النظر إلى الحد الذي يغري بالمزيد من التدهور إلى الأخاديد والسفوح.
من صور ونماذج الرفض التي أخذت تنتشر أو تتسلّل، تحت ستار استرجاع القديم، بأساليب يبلغ بها التطرف حد ممارسة العنف، إن لم يكن باستعمال الأيدي، أو استعراض العضلات، خوفاً من السلطان، فبالكلام الجارح، الذي يدخل في معنى القذف، وهو ما تحرّمه الشريعة، كما تحرّمه النظم والقوانين. والبديل عند هؤلاء تقدمه تصرفاتهم، ومظاهرهم، التي يزعمون أنها هي القديم الذي يجب أن يُسترجع وأن يسود ولكن بعيداً عن منطق الحكمة والموعظة الحسنة والأخذ بها هي أحسن، مع أن كل ذلك هو من صميم الجوهر الأصيل، الذي لا سبيل إلى إنكار الالتزم به التزاماً مشهوداً في كل مجتمع إسلامي، وعلى أوسع نطاق.
* * *
بالنسبة لي شخصياً، أجمل وأحبُّ وأمتع، ما يعرضه التليفزيون، هو مشاهد التطور والتكامل المتلاحقين، في قواتنا المسلّحة، وفي تلك الأجهزة التي أصبحتْ أيدي أبنائنا قادرةً على التعامل معها وبها. وفي مختلف الأسلحة، البرية والبحرية والجوية، ولن أنسى بهذه المناسبة، ما شاهدته من براعة فرد من قوات الحرس الوطني، في التعامل مع سلاح متطوّر لا يكتفي بآلية الاستعمال، وإنما يحتاج إلى (علم) بحساب المثلثات، وطلب المعلومات من الحاسب الآلي في المدفع الذي يصوّب قذائفه السريعة إلى العدو في مواقعه.
وليس من شك في أن مما نحمد الله عليه كثيراً، أن أصبحت قواتنا المسلحة، تمتلك - في البر والبحر والجو - هذه الأسلحة المتطورة، أو بالغة التعقيد في تطورها، وأن القيادة العليا، ظلّت تحرص على ألاّ تستورد سلاحاً تدخله في الخدمة، إلاّ بعد أن تتوافر له الكفاءات العالية من أبنائنا.. وهذا وحده، حين يتحقق على هذا المستوى المقنع الرفيع، يكفي، في تقديري، ليُلقِم تلك الأصوات المسعورة المشبوهة حجارة تخرسها عن نباحها القائل: (أين ذهبت، وتذهب مواردنا الضخمة من البترول.).. إذْ حسبُنا أن نتصور حجم الأموال الهائل، الذي تنفقه القيادة الراشدة، لتدريب هذه العناصر وتزويدها بالمهارة التي تصل بها إلى مستوى القدرة على التعامل مع التقنية في أشد مبتكراتها تعقيداً لندرك أين تذهب.
في مشهد عرض التليفزيون فيه لقطات سريعة من القوات المسلّحة البحرية، غلبني مع الإحساس بالفرحة، إحساس بالذهول حين رأيت الرجال من أبنائنا، يتعاملون بمرونة ويسر مع فرقاطة أو بارجة، وأخذتُ، أقوم بتقدير (عشوائي مرتجل) لقيمة القطعة، مضافاً إليها المبالغ التي أنفقت لتدريب تلك العناصر السعودية العاملة عليها.. تجاوز تقديري عشرات الملايين من الدولارات. فلم أملك إلاّ أن أتمنى لو أن في يدي صاروخاً - وليس حجراً - أسدّده إلى أفواه أولئك الذين لا يزالون لا يملكون ما يشوّهون به الحقائق في الصروح التي نبنيها، إلاّ مقولة (أين ذهبت الأموال؟).. ويدور في ذهني - في نفس الوقت - حوار من جانب واحد، أقول فيه لهؤلاء.. قولو لي أنتم.. كيف يستطيع أكابر العباقرة عندكم أن يبنوا قوات مسلّحة بهذا المستوى المذهل بكل معيار، وفي هذه الفترة القصيرة من الزمن، إذا لم ينفقوا ما أنفقته الدولة، وما لا تزال تنفقه من أموال.
لن أنسى لخادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، كلمة أعتقد أنها الشعار الذي أتمنى لو يحفر على باب كل جامعة، ومعهد علمي، ومركز للعلوم، بل على باب كل مستشفى من هذه المستشفيات المتخصصة، التي أصبح يضرب المثل بما توافر لها وفيها من أحدث الأجهزة الطبية، مع أرقى الكفاءات المؤهلة على أرفع وأفضل مستويات الخبرة والعلم.
إنها الكلمة التي أفضى بها في أحد لقاءاته مع أبنائه في إحدى الجامعات.. حيث قال: (البترول ثروة ناضبة.. والإنسان هو ثروتنا الباقية).. وهي كلمة تبدو عفوية عابرة ولكنها تعبّر عن نظرة مستقبلية، كم أتمنى أن يعيها أولئك الذين يجهلون أو يتجاهلون أن هذا الإنسان الذي نراه يتعامل مع أحدث الأجهزة التقنية، في القوات المسلحة، وفي الطب والعلاج، وفي الاتصالات بكل قدراتها العالمية، وفي الطرق بألوف الكيلومترات، في الجبال الشاهقة، وعلى امتداد وترامي مناطق شبه القارة العربية، ثم في الزراعة، التي زودت الاكتفاء الذاتي من القمح إلى تصدير أجمل وأرقى أنواع الورود والزهور التي يستوردها العالم من بلدان متخصصة أصبحت المملكة واحدة منها، بل من أهمّها.. أن هذا الإنسان هو الذي قال الفهد العظيم إنه الثورة الباقية، وفي سبيل بنائه، أنفقت الدولة، وسوف تظل تنفق بلا حدود ولا قيود.. إذْ ماذا أعظم من أن تنمو هذه الثروة الباقية، وأن تحقق أفضل مستويات التقدم والرقي، وبذلك تستطيع - بإذن الله - أن تعطينا الثروة العظمى، وهي مخزون العبقرية القادرة على الخلق والابتكار.
وبعد.. فكم أتطلّع إلى أن أشهد المزيد والمزيد من الإنجازات في قواتنا المسلّحة، التي يؤكد سمو الأمير سلطان وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، في كل خطاب ملهم يلقيه، إنها للدفاع، ولخدمة الإسلام، وللعمل في سبيل الخير والسلام، وليست إطلاقاً، كما لم تكن قط للاعتداء والعدوان.
* * *
يروى أن سائلاً تقدم إلى رسول الله صلوات الله عليه يسأل عن الكلمة التي تجمع، كل معاني ومضامين الإسلام، فتلا صلوات الله عليه قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ، وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ، لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون (سورة النحل: 90).
ولا أدري كم من أكابر العلماء والفقهاء، في مختلف العصور والأجيال، قد عُني بأن يعكف على تأمل واستيعاب، ما أمر الله به المسلمَ في هذه الآية الكريمة. وكم منهم، من شعر بمسؤوليته عن التنبيه - إن لم تكن المطالبة - إلى ما يتفجّر في كل ما ذكرته الآية من الصفات السلوكية التي أمر سبحانه وتعالى المسلمين كافة أن يتصفوا بها.
وقد يتعذّر، أن أستعرض، في هذا الحيز المحدود من المقال، مراحل من مسيرة الحكم الإسلامي، في عهوده المختلفة المتعاقبة، ومواقف الفقهاء والعلماء من قضايا العدل والإحسان والمنكر والبغي، وكل منها قد فرغ منها جوهرُ العقيدة السمحة بأنها أمرُ الله، واجب الطاعة والإذعان.. ولكن لي أن أقول إن العصر الذي نعايشه أو نعيش كل تناقضاته وتمزّقات دوله ومجتمعاته الإسلامية، هو العصر الذي طال فيه تغاضي وإغفاء الفقهاء والعلماء عن واجب التنبيه إلى الانحراف الظاهر والمكشوف - بل والمفضوح - عن أمر الله، في العدل والإحسان والمنكر والبغي، ليس فقط بالنسبة لسلوك الأفراد، أو للسلوك الفردي، وإنما بالنسبة لسلوك الدول والمجتمعات، وبعبارة أصرح، بالنسبة لسلوك الحكم في الدولة الإسلامية وتصرفاته في قضايا العدل والإحسان والمنكر والبغي، مع شرائح المجتمع، أو مع جماهيره العريضة.
وأتجنّب، في مواجهة الحيز المحدود لهذا المقال، أن أخوض في شرح تصوري للعدل، ولكنني، لا أشك إطلاقاً في أن مضمونه ومفهومه أكبر كثيراً، وأعظم من أن يحدَّهما إطار من أي نوع، إنها صورة تشمل ما لا يقع ضمن حدٍ محدود، إن العدل في الإسلام - وكما أمر به الله سبحانه يتجاوز المفهوم القانوني، أو الشرعي ليشمل (التعامل) بين الأب وابنه، وبين الابن وابيه.. بين الأخ وأخيه.. بين الزوج وزوجته.. وبين الجار وجاره.. بين البائع والمشتري.. بين الآجر والمستأجر.. بين العامل ورب العمل.. بين الرئيس والمرؤوس.. وأخيراً بين الحاكم والمحكوم.
إننا نسمع ونشهد منذ أكثر من عقد من السنين، ما تصفه الصحافة، بأنه (تطرّف ديني وتصف المتمسكين به، أو المتظاهرين بمظاهره، أو المتصرفين تصرفاتهم العنيفة التي بلغت أحياناً حد الاعتداء على النظام أو على قادة هذا النظام أو ذاك.. تصفهم الصحافة بأنهم جماعات التطرف الديني، أو جماعات التكفير والهجرة، الخ.. والحملات الصحفية تتلاحق في التشهير بهم واستعداء النظام عليهم، أو فلنقل المطالبة بالخلاص من شرورهم وخطرهم، على أمن المجتمع ككل. ولقد عالج الكتّاب في الصحف والمجلات، المشكلةَ أو الظاهرة فنوناً من العلاج - وأعني التحليل والتعليل - واستكناه الأسباب الكامنة وراء كل ما وقع وما يحتمل أن يقع على المدى الطويل، ما دام قطر الدائرة يتّسع يوماً بعد يوم، بل ويبلغ من اتساعه أن يستوعب نوعيات من الناس، في أعمار متفاوتة أغلبها من أجيال الشباب. ولكن - كلّما وقع حادث وكان المتهم فيه أفراد من هذه الجماعات - أجد نفسي: أتساءل، أين أكابر العلماء والفقهاء؟ أين أصواتهم التي يجب أن ترتفع، ليس فقط في المساجد وحلقات الوعظ والإرشاد، أو وراء مايكروفونات الإذاعة والتليفزيون، وإنما في جميع الأندية، والمدارس، والجامعات، وفي مواجهة النظام الحاكم، ورموز هذا النظام؟ أين هذه الأصوات، ترتفع، ليس بالوعظ المحفوظ عن ظهر قلب، وإنما بالدعوة الصادقة المخلصة المدركة للخطر المنتظر.. إلى اتِّباع أمر الله سبحانه في العدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي.. الدعوة، التي تنطلق من إدراك، عميق لمضمون كل صفة من هذه الصفات السلوكية التي أمر الله بها المسلمين كافة.
إذا كان المتطرفون، أو جماعاتهم بما أطلق عليهم من أسماء، قد استطاعوا أن يكوّنوا أنفسهم في جماعات، لها نظامُها، وأساليب العنفِ في معارضتها للنظام، فما الذي منع أكابر العلماء والفقهاء وقادة الفكر الإسلامي، وعددهم يربو على المئات والألوف، أن يكّونوا هم أيضاً أنفسهم في جماعة، عريضة كبيرة، لها نظامها الذي يستهدف ترسيخ مضامين العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي.. بل ما الذي يجعل هؤلاء العلماء الأجلاء، يؤثرون العافية، فيلتزمون الصمت، بينما جماهير الشعب تنتظر أن تراهم قادةً يحملون راية الدعوة إلى الله وإلى أتباع أمر الله.
وبعد.. فإني أعلم أن القارئ يتساءل، ما الذي يحملني على الخوض في موضوع كهذا؟ وأجد أن الإجابة تتلخص في أن ما يقع في بلد من البلدان الشقيقة، وما تتناقل أخباره الإذاعات والصحف والمجلات، وما يمكن أن يشاهده الذين يقضون إجازات الصيف هنا أو هناك.. كل ذلك لا يختلف عن الأمراض المعدية أو السارية أو الوبائية الخطيرة، وأبسط ما يجب علينا، أن نتحصّن ضد العدوى، وأن نتحسّب لخطرها، وأن لا نغفل، عن احتمالات انتقالها.. ومعلوم بالطبع أن المرض المعدي الوبائي، يظل سراً خافياً، لا يُرى، أو يظهر له أثر إلاّ بعد فوات الأوان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :569  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 101 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.