شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عن الأطفال
حظ الأطفال، ليس في المملكة فقط وإنما في العالم العربي على رحبه وتعدد بلدانه ودوله، حظ موكوس بالغ السوء. ففي التربية مثلاً، لا وجود لتلك الأنماط المقررة التي يتوارثها الأب والأم في البلدان الأكثر تقدماً وتبدأ منذ شهور الرضاع وحتى الخامسة أو السابعة من العمر.. كل الموجود عندنا هو الطرق البدائية أو التقليدية المتوارثة بدورها عن الأجداد والجدات بكل حسناتها التي لا تنكر، وسيئاتها التي لا تزال تتوارث للأسف ربما حتى عند اللائي والذين أدركوا مراحل التعليم ومنها الجامعي العالي. ومنها الزواجر والنواهي التي تعتمد على التخويف من الظلام والمجهول ومخلوقات الوهم البدائية السخيفة مثل ((الهميِّه)) و ((الغوله)) إضافة إلى الجن والعفاريت الذين نزعم للصغار أنهم يتربصون بهم في كل مكان مظلم أو خالٍ من الناس.
أما في المدرسة فالمناهج والمقررات تستهدف تلقين أطفالنا معلومات نعتقد أنها الثوابت التي يجب أن ترسَّخ في أذهانهم ولكن بالأسلوب الذي ينعدم فيه إحساس ((مؤلف المادة)) بأنه يتعامل مع أطفال لا بد أن يهبط إلى مستواهم ليس في المعلومة التي يستهدف تلقينها أو ترسيخها إذ هي دائماً إحدى الثوابت التي يقررها المنهج أصلاً وعلاقته بها لا تزيد على علاقة الناقل وإنما في الوسيلة تعبيراً وتقريباً إلى الأذهان الغضة الهشة ((لتفهم)) هذه المعلومة، وليس لتحفظها حفظاً ببغائياً. والببغاء كما نفهم تستطيع أن تحفظ وتردد كلمة وجملة ولكن يستحيل أن تتوهم أنها تفهم مما تردده شيئاً.
فإذا التمسنا لأطفالنا وسائل أخرى للتربية والتوجيه نجد أمامنا الإذاعة التي لم تعد تجد، بعد أن كاد الإرسال التلفزيوني يصل إلى المناطق النائية، من يستمع إليها ومع ذلك فما أشد تفاهة برامج الأطفال فيها بل ما أشد ما يظهر فيها من عدم اكتراث أو اهتمام المسؤولين بالمواد التي تقدم فيها.. يكفي أن الأناشيد التي لا تزال تذاع في هذه البرامج عندنا هي نفسها التي كانت تذاع منذ أكثر من عشرين عاماً. دع عنك ضعف الأصوات التي تظهر في أداء فقرات البرنامج أو في تمثيليات هزيلة، لا سبيل إلى المقارنة بينها وبين تلك التمثيليات التي كانت تقدمها الإذاعة في عهد ماما أسماء قبل عشر سنوات.
أما برامج الأطفال في التلفزيون فقد شدت أطفالنا فعلاً وهم يتابعون البرامج باهتمام كبير ولكن يجب أن لا ننسَ أنها تعتمد على أفلام الكرتون الأمريكية وكلها باللغة الإنجليزية. أما تلك المدبلجة باللغة العربية الفصحى في لبنان - وهي في الأصل إنتاج ياباني - فإنها تعتمد على عنصر المغامرة الأسطورية بكل عنفها وجبروتها مما يغري الأطفال بهذا العنف والجبروت في علاقاتهم مع بعضهم البعض ولا ندري كيف سيكون أثرها على علاقاتهم بالمجتمع عندما يكبرون.
حظ الأطفال عندنا موكوس بالغ السوء. ومسوؤليتنا عن تصحيح نظرتنا وأسلوب تربيتنا وطرق معالجتنا لمشاكلهم لا بد أن يتجه إليها المتخصصون في التربية من جهة وفي برامج الإذاعة والتلفزيون من جهة أخرى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :579  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 96 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج