شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
استثمروا أموالكم هنا
(محمد حسين زيدان)
ما نبض به قلم الأستاذ الصديق محمد حسين زيدان في مقال له نشرته هذه الجريدة منذ أيام، تعليقاً على حرية التجارة في المملكة، وعلى المشاريع التي (تفتح ذراعيها) وداعياً من يعنيهم الأمر إلى أن يستثمروا أموالهم هنا..) ما نبض به قلم الأستاذ الصديق عبّر في الواقع عمّا يتلجلج في الصدور ولا يتجاوزها تجنّباً للمحظور، عن الثروات الأسطورية التي تدفّقت من (هنا) لتستثمر - أنواعاً من الاستثمارات - في الخارج.
والمحظور الذي ظل يمنع الخوض في الموضوع دائماً هو التزام المملكة بمبدأ حرية التجارة.. وهي حرية مطلقة تماماً، تخول المواطن وغير المواطن، حق الخروج من المملكة بأطنان من الذهب أو الدخول بأطنان مثلها، دون أن يسأل، إلاّ إذا شابت تصرفاته شائبة تدخل فيما تحرّمه الشريعة من التصرفات. ومن مكرور القول، إن سنوات الوفرة أو الطفرة التي عاشتها المملكة قد أتاحت لمجموعة كبيرة من رجال الأعمال - مواطنين ووافدين أو طارئين - أن يكوّنوا ثروات تعتبر خيالية أو أسطورية بكل مقياس، وأن هذه الثروات قد انتقلت - وربما بالكامل - إلى خارج البلاد عبر مصارف المملكة وبنوكها إلى مصارف وبنوك في أمريكا وأوروبا، لتستثمر بعد ذلك في مشاريع أقيمت في بلدان معينة، ندر أن يكون بينها بلد عربي أو إسلامي. ولا نحتاج أن نقول إن هذه الأموال التي انتقلت إلى الخارج واستثمرت - ولا تزال - قد خرجت في الواقع من خزينة المملكة العربية السعودية.. مقابل ما أنجز من مشاريع الخدمات والأجهزة الأساسية فهي من هذا المنظور، حق لأصحابها، يخولهم مبدأ أو سياسة حرية التجارة أن يتعرفوا فيه كما يطيب لهم، وأينما شاؤوا من أقطار الأرض.
ولكن، ماذا عن الاستثمار في المملكة؟ ألم يكن في وسع ألوف الملايين التي انتقلت بالكامل إلى الخارج، أن تجد سبيلها إلى مشاريع تستوعب شريحة من هذه الأموال في المملكة؟ سؤال، يجيب عنه بعضهم بأن الفرص محدودة، والمجال ضيق، والعمالة المواطنة معدومة أو قادرة، بينما العمالة المستوردة، حتى مع تدنّي أجورها، قد تلتهم الجدوى فضلاً عن الربح وهذا إلى جانب أن الظروف الاجتماعية من جهة، وكثافة السكان من جهة أخرى، تغلق الأبواب أمام الكثير من مشاريع الاستثمار المتاحة في الخارج.
فمن هذا المنظور، نجد أنفسنا أمام واقع يتعذّر تجاوزه، ما لم تطرح حلول توائم بين مبدأ حرية التجارة، الذي لا سبيل إلى العدول عنه، وبين ضرورة اقتناع أصحاب الثروات التي نقلت إلى الخارج، باستثمار شرائح من هذه الثروات، في مشاريع مجدية في المملكة.
وما يبدو أنه أصبح يحتم محاولة إيجاد هذه الحلول، هو الأعداد المتصاعدة من المواطنين - ونسبة كبيرة منهم من المتعلمين أو المؤهّلين - المحتاجين إلى العمل.. والذين يتعذّر أن تستوعبهم وظائف الدولة مهما كثرت، لأنها في النهاية وظائف أجهزة إدارية لها طاقتها المحدودة على المدى الطويل.
في خطة التنمية الرابعة تطلّع جاد إلى تشجيع نمو القطاع الخاص، والإحصاءات المتوافرة تؤكّد أن الخطط السابقة قد أثمرت نسبة مرموقة من نمو هذا القطاع.. واستمرار حركة النمو في هذا القطاع يبشر باحتمال استيعاب نسبة من الأعداد المتصاعدة من المواطنين المحتاجين للعمل.. ولكن لا بد أن لا ننسى أن طبيعة حركة النمو هذه تتسم بالبطء، ومن هنا فهي لا تتناسب مع أعداد المؤهّلين الذين يتخرجون من الجامعات كل عام.
ومن هنا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي المشاريع المنظورة في المملكة التي تستطيع استيعاب الأموال التي تستثمر في الخارج، ويتاح لها أن تمتص نسبة معقولة من المحتاجين للعمل من المواطنين كل عام.
الفكرة السائدة لدى أصحاب الأموال، هي أن فرص الاستثمار عندنا محدودة، والمجال ضيق والمهارة المواطنة تكاد تكون معدومة.. والعمالة المستوردة، رغم تدني أجورها نسبياً تظل عالية التكلفة، بحيث تضيع الجدوى من أي مشروع.. وهي أساساً مرفوضة والاتجاه السائد هو محاولة التخلص منها.
أعتقد أن الصديق الأستاذ محمد حسين زيدان، قد فتح الباب أمام الآراء.. كما أعتقد أن هناك الكثير جداً من الآراء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :660  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 66 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج