الكفاءة طريق (السعودة) |
السعودة.. بمعنى أن يحل السعوديون محل المستقدمين من غير السعوديين، في جميع مستويات العمالة، في القطاع العام والقطاع الخاص على السواء.. مطلب ظل مستهدفاً، واشتد الإلحاح على تحقيقه منذ بداية خطة التنمية الثالثة، ربّما كنتيجة طبيعية لتنامي حجم العمالة الأجنبية من جهة، وتزايد أعداد المؤهّلين من المواطنين من جهة أخرى. |
وليست لدى ساعة كتابة هذه السطور أرقام تحدد - بدقة - نسبة السعوديين في كثير من مرافق القطاع العام، ولكن إذا اعتبرنا مؤسسات بترومين، والخطوط الجوية السعودية ومصانع سابك، شرائح ذات حجم متميز بضخامته من القطاع الخاص، فإن من الإنصاف أن نقول إن ارتفاع نسبة العمالة السعودية في هذه الشرائح إلى أكثر قليلاً من 50%، أو أكثر قليلاً، في هذه الفترة المحدودة، يظهر حرص القيادات فيها على تحقيق الهدف. |
ولكن.. أهمّ ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن عملية السعودة في هذه المؤسسات، لم تكن عشوائية، أو مجرّد مسايرة لمطلب الدولة، وإنما تمت، عبر تخطيط واع ومدروس اشترط للسعودة، التدريب، بمختلف مستوياته، بدءاً بالعمل في ورش العمل والانتاج في المملكة وانتهاء عند الابتعاث إلى المعاهد الفنية والتقنية في أمريكا وأوروبا أو غيرهما من البلدان التي تتوافر فيها مستويات عالية من هذه المعاهد. |
هذا يعني أن الأساس في تفضيل السعودي على غير السعودي، هو الكفاءة والجدارة، يصل إليهما بالتدريب والدراسة تتكوّن بهما حصيلة الخبرة التي توهّله للعمل الذي يحتله غير السعودي، فإذا ارتفعت نسبة السعودة في هذه المؤسسات وأمثالها إلى أكثر من 50%. فإن ذلك يعني أيضاً، أن ألوفاً كثيرة من أبنائنا قد أصبحوا قادرين على التعامل مع التقنية المتطورة في أجهزة هذه المؤسسات. وذلك في حد ذاته استثمار عظيم، أو حصيلة لحجم الإنفاق الضخم، وهو حصيلة تعادل أضعاف أضعاف الإنفاق. |
نشرت الصحف خلال الأسبوعين الماضيين، خبراً عن الخطوط الجوية العربية السعودية يقول إنها تبدأ في هذا الشهر - رجب - تنفيذ برنامجها لتدريب طياريها العاملين على مختلف أنواع الطائرات في أسطولها الجوي، وبموجب هذا البرنامج تتيح السعودية الفرصة لطيّاريها للتدريب داخل المملكة دون الحاجة للابتعاث إلى الخارج. |
والطائرات في أسطولنا الجوي، كما هو معلوم، ليست طائرات عادية، وليس الذين يقودونها - عبر العالم - طيّارين عاديين.. إنهم المستوى الأرفع عالمياً، فالخطوة من هذا المنظور خطوة بالغة الطموح والشموخ نحو ما يمكن أن نسمّيه (السعودة من الألف إلى الياء). |
ومنذ سنوات قليلة، في عهد مدير عام الخطوط السابق، الشيخ كامل سندي، وصلت الخطوط إلى مرحلة الاستغناء عن إشراف (الخطوط الجويّة عبر العالم الأمريكية) التي التزمت بهذا الإشراف منذ الأيام الأولى لتأسيس الخطوط.. وكان هذا يعني أن - إلى جانب توفير النسبة التي كانت تتقاضاها لقاء ذلك الإشراف - أن الجهاز الإداري عندنا، في الخطوط السعودية قد تسلّم القيادة والإدارة، وهي خطوة رائدة، وواسعة نحو مطلب السعودة المنشود. |
ولكن.. حين نعتزّ بكل ما يتحقق، ينبغي أن لا ننسى أبداً.. أن الكفاءة والجدارة هما الأساس.. وهما اللذان نتمنى أن يتطلّع إليهما الشباب. |
* * * |
كما تختلف طرق الطهو في الصين، وتتعدد أنواع المآكل والأطباق، لتبلغ أكثر من ألف نوع يعرفها عشاق ارتياد المطاعم الصينية في لندن وسان فرانسيسكو - وهذه الأيام في جدة - تختلف طرق وأساليب مقاومة العادات الضارة ومثلها الحشرات والحيوانات، التي تتكاثر فتصبح ضارّة، أو خطيرة على المحاصيل الزراعية أو على حياة الناس. |
في عهد ماوتسي تونج، قررت الدولة، القضاء على عادة إدمان الأفيون.. وكان أكثر من 25%. من الشعب، ومن الطبقة العاملة على الأخص يدمن تناول الأفيون، استحلاباً، أو تدخيناً أو أكلاً وابتلاعاً. وكانت طريقة ماو، في القضاء على هذه العاهة في حياة الشعب - وعدده في تلك الأيام سبعمائة مليون - بسيطة جداً، كل ما تضمنه الأمر بالمقاومة، هو إعدام كل صيني يثبت عليه تناول الأفيون أو حيازته أو العمل على تداوله وانتشاره.. وحدد الأمر لبدء التنفيذ يوماً محدداً.. وفي هذا اليوم المحدد وما بعده، خلال فترة لا تزيد على أسبوع، شهدت الميادين الكبرى، كما شهدت المدن الصغيرة والقرى، عمليات إعدام الذين ثبت عليهم مخالفة الأمر.. وقد بلغ عدد الذين تم إعدامهم فعلاً وعلناً 175 ألف إنسان.. |
قالوا.. ومنذ ذلك اليوم - وحتى اليوم - لم يبق في الصين من يقترب من الأفيون. |
وزعموا.. أن نظام (ماو)، قرر أن يتخلّص من (الذباب).. فلم يفكر النظام في صنع أو استيراد مبيدات الذباب والحشرات، وإنما اعتمد طريقة في غاية البساطة.. وهي أن يقوم كل فرد صيني، بقتل أكبر عدد من الذباب.. يقدّمه في آخر النهار، لمراكز اللجان المختصة برقابة العملية، في فترة حددها الأمر.. |
زعموا.. أيضاً، أن الصين تخلّصت من الذباب بهذه الطريقة التي يزعمون أنها لا تزال متَّبعة حتى اليوم. |
ولكن آخر خبر نشرته جريدة السانداي تايمس في عدد الأسبوع الماضي، أن الإدارة الصينية الجديدة - وهي التي بدأت حركة الانفتاح على العالم - قد أحصت عدد (الفيران) في الصين، فوجدت أنه لا يقل عن أربعة آلاف مليون فار (بواقع ثلاثة فيران لكل صيني). |
ماذا يظن القارئ، أن الصين ستتخذ من إجراءات فعّالة وحاسمة للقضاء على هذه الجيوش الجرّارة من الفيران؟ التي تغزوا المحاصيل في الحقول وفي المخازن وفي البيوت؟ |
الأرجح أنهم لم يحتاجوا، إلى تفكير طويل، في الوسائل التقنية، ولم يتعبوا أنفسهم بمحاولة قتل هذه الجيوش، بالسم أو بالمصايد، وما إليها.. |
أبداً.. كل ما فعله وابتكره نظام الحكم، هو إصدار قانون، يقضي بفتح مطاعم الفيران تروّج لأطباق (القوارض). |
تروّج (للقوارض - وهي الفيران) كطبق متميّز شهي. وهذا بالطبع إضافة إلى إلزام كل بيت صيني بأن تكون الفيران ضمن إحدى الوجبات. |
بالمناسبة.. ليس في الخبر ما يستغرب بالنسبة للشعب الصيني، بل وحتى بالنسبة لكثير من شعوب جنوب شرقي آسيا، ومنها (تايلاند، وفيتنام، واليابان وكوريا) إذ كلها لا تمتنع من أكل أي حيوان أو زواحف أو حشرات حتى النمل. ولعلّ بلديات حواضرنا الكبرى لا تزال تذكر أن إقبال المستقدمين من هذه الشعوب، على الكلاب والقطط، قد ساعدها على التخلّص من هذه الحيوانات، دون أن تبذل كبير جهد. |
|