شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هيكل الأسرة عندنا.. وفي الغرب
ما أشد ما يقصر نظر الكثيرين من أنصاف المثقفين وأرباعهم، حين يرون في النظم الاجتماعية التي يعيشها الأوروبي، مستوى من التكامل، يزعمون أنهم يفتقدونه عند المسلمين، أو في الإسلام.. ومن هذه النظم بناء الأسرة الأوروبية، وما يبدو في الظاهر أنها تتمتع به من دعة واستقرار مصدرهما التكافل من جهة، وطريقة التربية والتنشئة من جهة أخرى. إلى جانب نظم الضمان التي تسود أكثر المجتمعات الأوروبية، وهي التي تلجأ إليها الشيخوخة والعجز من جهة ثالثة.
وبغض النظر عن مناقشة هذه النظم، وتتبع فاعليتها في المجتمع الأوروبي.. وما انتهت إليه بنية الأسرة من التفكك والضياع والانحلال، فإن ما ينبغي أن تتفتح عليه عيون الناشئة المسحورة ببهرج الغرب، هو بناء الأسرة في المجتمع الإسلامي السليم..إذ هو البناء الذي يضمن مستوى من التكافل والتعاون، يقل نظيره في أي نظام اجتماعي آخر، في هذا العصر أو في العصور التي سبقته طيلة قرون.
الأسرة في النظام الاجتماعي الإسلامي، أو في حياة المسلمين إطلاقاً، دائرة واسعة تحتضن فيمن تحتضنه: الزوجين، والأولاد، وما يتفرع من هذه النواة امتداداً في المستقبل ثم ما يتلاحق على الأجيال.. كما تحتضن الآباء والأمهات، ومنهم الأجداد والجدّات.. والأعمام والعمّات، والأخوال والخالات.. بل هي تحتضن في حنان عجيب زوج البنت، وزوجة الابن.. بل كثيراً ما تشمل زوجة العم والخال، وزوج العمة والخالة.. وزوج الأخ، وزوجة الأخت، إلى آخر ما يدخل في دائرة هذا المجتمع الصغير من الأرحام والأقارب القريبين والبعيدين منهم.. تربطهم جميعاً أواصر عنصرها الود والرحمة والإحسان.. ويبلغ هذا الاحتضان والحدب أرفع مستواه، وأنبل معانيه حين يشمل ما تنفرد به الشريعة الإسلامية، وهو وشيجة الرضاع، إذ يحرم منه ما يحرم من النسب والمصاهرة..
هذا هو هيكل الأسرة في النظام الإسلامي، وهو حين يتّسع هذا الاتساع، ويشمخ هذا الشموخ، لا يكتفي بمجرد الصلة العابرة الفاترة، وإنما يرتب عليها أنواعاً من الالتزام والحقوق، قد تتفاوت قوة وضعفاً، ولكنها تظل التزاماً فرضه التشريع أو استحسنه وحثّ عليه ودرجت عليه الأسرة المسلمة وظلّت تلتزمه عبر القرون. واحترام التزام الأسرة بهذا الاتّساع والشمول هو في حد ذاته تضامن اجتماعي متين وقويم، علينا في هذه المرحلة المتفجّرة بمتغيرّات ومنعطفات حادة في حياتنا، أن نرفده ونغذّيه بروافد التوجيه والإرشاد والتشجيع، إلى جانب الردع، إذا ما بدرت بوادر التحلل أو التنكر له.
لا شك أن الحياة عندنا في المملكة تتطور في سرعة مذهلة، ولا شك أن هناك غزواً هدّاماً ينتهز فرصة هذا التطور للإجهاز على ما عندنا من مبادئ ومثل وعادات وتقاليد، وهو غزو يتسلّل إلى النشء عبر كثير من القنوات التي فتحها هذا التطور، ومسؤولية الآباء والأمهات أن يبذلا الكثير من الجهد، للتوجيه والحث، وتفتيح العيون وتهيئة القلوب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :718  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 53 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.