شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
انطلاقة التنّين (2)
والولايات المتحدة، أو الدول الغربية بعامة، أكثر وعياً وفطنة من أن تنسى ما يرمز إليه، وينطوي عليه تعلق الصين بشعار التنّين. وطوال الفترة التي طوّق خلالها ماوتسي تونج الشعب بسور الشيوعية، وبإيديولوجية لينين منها خاصة، ثم بجحيم الثورة الثقافية، لم تغفل عين الغرب، عن احتمال انطلاقة التنّين، وما يكمن في انطلاقته من خطر، ليس فقط على الديموقراطيات الرأسمالية الغربية، وإنما أيضاً على ما يسمّى العالم الحُر بأكمله.. وعندما انشق ماو على الاتحاد السوفياتي، لأنّه انحرف عن مبادئ لينين وتروتسكي، يمكن القول أن روسيا السوفياتية أيضاً دخلت في عداد الدول التي تتحسّب لخطر التنّين. ومع أن هذا الانشقاق بين أكبر وأضخم دول المعسكر الشرقي، قد اعتبره الغرب الديموقراطيات والعالم الحر، فإنّه لم يسقط من حسابه الخطر الصيني، أو خطر التنين، الذي لا يؤمّن أن يخرج على العالم عندما تسنح الفرصة وتتهيأ الظروف الملائمة، التي لا يدري أحد كنهها ومقوّماتها، ولكن الجميع لا يغفلون أبداً، عن أن خروجه محتمل، وأنه إذا خرج، فهو الخطر الذي تتجمّع فيه كل ما في التنّين من القوة الأسطورية، ومنها: (مخالب الأسد، وأجنحة النسر، وذنب الأفعى).
وكانت ظاهرة التغيّير التي أعلنت دون خفاء أخيراً، وأخذها العالم على أنها بداية نهاية الأيديولوجية الشيوعية في الصين، وهلّل لها الغرب، وأخذت شركات الاستثمار الأمريكية تتدفّق بنشاطها الشره، إلى بكين وغيرها من حواضر الصين، وفي الطريق شركات أوروبية بل ومن دول العالم الثالث أيضاً.. كانت هذه الظاهرة، مفاجأة ضخمة بكل معيار. وكان ممّا أعطاها مؤشرات صدق النية أو حسنها، أن اتحاد الكتّاب في الصين، أخذ يطالب بصراحة ودون تحسب لمخاوف الاعتقال والتشريد والنفي إلى المزارع الجماعية بالحرية الحقيقية للفن، وقال رئيس الاتحاد - وهو في الثمانين من عمره - أننا نتوق أن نتشوّق إلى أن يظهر في الصين، أمثال دانتي، وشكسبير، وجوته، وتولوستوي.. ودعم ذلك أحد القيادات الشيوعية، بقوله (يجب أن يكون الإبداع الأدبي حراً..)، ولكن السانداي تايمس، في إحدى افتتاحياتها، تعلّق على الخبر، فتقول: (يجب أن يؤخذ مثل هذه الأخبار بحذر).. ثم تضيف: (في عام 1957، دعا ماوتسي تونج، إلى أن تتفتح في الصين مائة زهرة). ثم سرعان ما بدأ الحصاد بالمنجل، إذ كان مصير أولئك الذين تشوّقوا إلى ظهور (شكسبير صيني) أن يتحولوا إلى سبّاكين.. ومنذ ست سنوات فقط، سمح ورثة ماو وخلفاؤه بإقامة (حائط الديموقراطية)، ولكن السجن كان مصير الذين استفادوا منه.. ومع أن اتحاد الكتّاب أصدر لائحة من نصوصها (حرية الإبداع الأدبي والفني)، فقد اجتمع في جلسات استمرت ثمانية أيام، ونشرت اللائحة وكالة الأنباء الصينية، فإن في اللائحة نصوصاً تفرض، على الكتّاب الالتزام بمبادئ الماركسية واللينينية، والإخلاص للحزب ممّا يترك الباب مفتوحاً أمام السلطة أو النظام الحاكم، لممارسة أي تصرف تراه، في مواجهة ما يمكن أن يفسّر بأنه جنوح أو خروج على الالتزام بالمبادئ، وضعف الانتماء إلى الحزب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :678  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 47 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.