شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سيرانودي برجراك.. وشكسبير
في صفحة (صوت وصورة) من هذه الجريدة - ولا أذكر في أي عدد، ومتى - خبر قال إن ممثلاً لا أذكر من هو الآن، يستعد لتمثيل شخصية سيرنو دي برجراك، ربّما في هوليود، في فيلم عن (مسرحية شكسبير).
وقد كشف لي الخبر أن كاتبه قد ابتعد عن تحري الدقة من جهة، وأنه خالي الذهن تماماً، من أن أجيالاً مقتالية من عشّاق الأدب العربي، في نماذجه الكلاسيكية الرفيعة، لا بد أن تكون قد قرأت قصة بعنوان (الشاعر.. أو سيرانودي برجراك) بقلم مصطفى لطفي المنفلوطي رحمه الله.. والذي يجعل القصة من نماذج الأدب العربي الكلاسيكي الرفيعة، هو أن القصة ترجمت عن الفرنسية، للأستاذ المنفلوطي، الذي أعاد كتابتها بذلك الأسلوب العربي، الذي تعشّقه القراء، وتهافتوا على قراءته فترة طويلة ربمّا حتى نهاية الأربعينيات من هذا القرن. ومع هذه القصة للمنفلوطي كما يذكر كثير من القراء قصة (الفضيلة.. أو بول وفيرجيني) وقصة (ماجدولين - أو تحت ظلال الزيزفون) ثم قصة (في سبيل التاج).. وكلّها ترجمت من الفرنسية، وقام المنفلوطي بإعادة كتابتها بأسلوبه الذي افتتن به القراء، ولذلك فقد أعيدت طباعة هذه القصص بقلم المنفلوطي مرات عديدة ولعلّها لا تزال تطبع، ويتهافت عليها القراء حتى اليوم. ثم للمنفلوطي رحمه الله، إلى جانب هذه القصص المترجمة عن الفرنسية، عملان أدبيان إنشائيان، هما (النظرات) في جزءين إن لم تخني الذاكرة، و (العبرات). وفي كل منهما مجموعة من المقالات، بنفس الأسلوب العربي الكلاسيكي، الذي كثيراً ما نصح كبار مدرّسي وأساتذة اللغة العربية الناشئين بالعكوف على إدمان قراءته، إن لم يكن لشيء، فلتكوين حصيلة من الألفاظ العربية التي أحسن الكاتب انتقاءها للتعبير عن معانيه وصوره وأفكاره في هذه المقالات، التي تناولت مواضيع، تغلب عليها العواطف الرقيقة النبيلة، والمشاعر التي تفيض إنسانية وإحساناً.
والمهم، بعد هذا الذي جرّ إليه الخبر عن برجراك، هو أن القصة ليست من مسرحيات شكسبير، ولعلّها ليست مسرحية أصلاً، وهي لكاتب فرنسي لا يحضرني اسمه الآن وموضعها هو الحب الذي يكابد حرقة أشواقه الشاعر (سيرانو) للجميلة (روكسان) بينما كانت هي تحب شاباً آخر.. ومع أن الشاعر فارس، شجاع، إلاّ أن مشكلته كانت في أنفه، الذي يثير عليه سخرية الآخرين، ولذلك كان يخشى لقاء الحبيبة بهذا الأنف، فلا سبيل إلى أن يبثّها عواطفه ومشاعره.. ولكن الشاب الذي تحبه هي كان صديقاً لسيرانو، فكان يلجأ إليه ليكتب له رسائله إليها.. ولكن أي رسائل؟ إنها رسائل الشاعر المسحوق بحبه، وعقدته، وفيها بلغة المنفلوطي وأسلوبه العذب، وألفاظه المنتقاة، نماذج للتعبير العربي، الذي أعتقد أن الناشئين من عشاق الحرف والكلمة، يجدون فيها أكثر من سبيل للتمكن من التعبير المشرق الجميل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :835  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج