شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حلم التفرّغ للفكر
علّق الابن عبد الله علي الخشرمي - من الشباب الذين أرى كيف يشتد تطلعّهم إلى التواجد في ساحة الفكر - على تلك الكلمة التي كتبها الأستاذ عبد الله عمر خيّاط، وأضفى فيها على شخصي من الثناء والإطراء ما كاد يبعث في نفسي من الخيلاء، ما يجعلها أقرب إلى فصيلة الديكة، منها إلى أبناء آدم وحواء. ولا أخفي أني - رغم هذا الطارئ من الغرور الديكي أو الصبياني - كدت أكتب ما يعيد الخياط إلى صوابه، لأقول له إني أخذت ما أضفاه عليّ من هذا الإطراء، مأخذ السخرية، أو المزاج الثقيل، الذي يصح أن نتسامح في تداوله في لقاء أو اجتماع عابر، ولكن يصعب أن ترتضيه، مكتوباً في صحيفة سيّارة يقرأها المئات والألوف. ثم التزمت الصمت انتظاراً للمناسبة، التي يبدو أن الابن عبد الله الخشرمي قد أتاحها بتعليقه عليها في جريدة البلاد الغرّاء.
ويركّز الابن الخشرمي، على ما سمّاه (جناية الصحافة على الفكر) وهو ما لعلّ الأستاذ الخيّاط قاله في كلمته التي لا أدري أين هي الآن.. وكأنّه يريد أن يزعم هو والخياط، أني مؤهّل لأن أعطي، أفضل مما أعطيت وأعطي للعمل الصحفي، وهو من جانبي لا يزيد على كتابة مقال، لو أني تفرغّت للفكر.
ولا أدري في الواقع، شيئاً عن الدوافع التي تجعل الخياط وغيره من الزملاء والرصفاء والأصدقاء، يتوقّعون أو يرون أني أستطيع لو تفرّغت، للفكر أن أعطي أفضل مما أعطيت. قد راجعت هذه المقولة التي سمعتها أو قرأتها أكثر من مرة، ووجدتني أقرع جمجمتي بجمع يدي محاولاً أن أختبر ما فيها مما يصح أن يسمّى فكراً.. ولن أفاجئ الخشرمي والخياط، إذا صارحتهما بأني أحسست أن ما في هذه الجمجمة، زحمة من الخواء وصفير الرياح في فراغ لا فرق بينه وبين الصحراء القاحلة، في أيام الجدب والجفاف.
ثم، ما هو الفكر، الذي يمكن أن أعطي منه لو تفرغّت له؟ الكلمة بالغة الضخامة وشامخة المسؤولية والمعاناة.. ولذلك فهي أضخم وأعظم من أن تسكن جماجم أمثالي، في عالم، عاهته الدائمة نضوب مادة الفكر، وخواء حوافزه، لأنه - في حقيقته - وأعني الفكر - لا ينبت، وتقوم له السوق، وتشقّق هذه السوق عن النوامي من الأوراق الخضر، إلاّ إذا توافرت له التربة وقطرات الندى، وهبّة الريح الناعمة، وكل ذلك لا يزال في ضمير الغيب.
أود أن أقول للأستاذ الخيّاط، وللابن الخشرمي، أن عليهما أن يكثرا من الحمد لله على ما أغدقه علينا من النعم الموفورة، وأقلها القدرة على البحث عن الفكر والمفكرّين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :726  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج