شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مارغريت تاتشر.. والأكاديميون في أوكسفورد
السيدة مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا، التي ربحت الانتخابات مرتين، وانتصرت في حرب الفوكلاند، وهي الجزر التي يفصل بينها وبين الجزر البريطانية ألوف الأميال، لم تمنعها من الإصرار على كسب الحرب، لتعيد إلى الأذهان أن بريطانيا لا تزال قادرة على أن تحتفظ بالبقية الباقية من زخم الإمبراطورية التي لا تغرب عن ممتلكاتها الشمس. وأخيراً هي التي استحقت أن تسمّى المرأة الحديدية، قبل، وليس بعد نجاتها، من عملية نسف الفندق الذي كانت تنزل فيه في برايتون، وإصرارها بعد الحادث مباشرة على أن يتم اجتماع حزبها في موعده المقرر. ثم هي التي تواجه إضراب عمّال مناجم الفحم، وترفض أن تتزحزح عن قرارها إغلاق المناجم التي فقدت جدواها الاقتصادية، رغم أن الإضراب قد دخل شهره الحادي عشر..
مارغريت تاتشر هذه، خريجة جامعة أوكسفورد، ولذلك يسميّها (الأكاديميون) في هذه الجامعة العتيدة (بنت أوكسفورد).. وبطبيعة الحال ليس بين هؤلاء الكبار من العلماء ورجال الفكر في واحدة من أعظم جامعات العالم، من يجهل أن (بنت أوكسفورد) هذه هي المرأة الوحيدة في بريطانيا التي وصلت إلى القمة في جهاز الدولة، وبالتالي لا يجهل أحد منهم، مواقفها الصارمة والحاسمة التي ذكرت البريطانيين بداهية الحرب العالمية الثانية (ونستن تشرتشل). ولأنها (بنت أوكسفورد)، فالمفروض أن تباهي بها هذه الجامعة فتكرّمها (بتشديد الراء) بدرجة (الدكتوراه الشرفية)، كما كرّمت قبلها أكثر من سبعة رؤساء وزارات من خريجي أوكسفورد منذ أوائل القرن العشرين وحتى اليوم.
وقد اتخذ مجلس الجامعة قراراً بهذا التكريم، فعلاً، ولكن الأكاديميين في هذه الجامعة كان لهم موقف، لا يستطيع مجلس الجامعة تجاوزه كما هو التقليد المتبع، أو كما هي أحكام الديموقراطية حتى في هذا المعقل من معاقل العلم. وقد أعلن الأكاديميون بأعدادهم الكبيرة موقفهم فيما يسمّى (Fly Smeet) وهو بيان مفتوح نشر في مجلة الجامعة وقعه (275) من الأساتذة الكبار (Dons). قالوا فيه: (نظنه أمراً غير مقبول، أن نتوقع أن تكرّم الجامعة من تقتعد أكبر منصب تحت التاج، وأن تتجاهل أثر سياستها على القيم والأنشطة التي نلتزم بها كأكاديميين) ثم يقول البيان (إن حكومة السيدة تاتشر قد قامت بأحداث تخريب عميق ومنظم في هيكل التعليم البريطاني، شاملاً برامج الأطفال الصغار، وبرامج البحث العلمي المتقدمة).
وبهذا الموقف حجبت جامعة أوكسفورد عن (بنتها) درجة (الدكتوراه الشرفية) رغم تصدّي الكثيرين من اللوردات، في الحكم وخارجه، للدفاع عنها، وعن استحقاقها لهذا التكريم.
ليست لدي أي فكرة عن التخريب الذي أحدثته وزارة السيدة مارجريت تاتشر، في برامج التعليم في بريطانيا.. ولكن المسألة، ليست في الذي أحدثته تاتشر، وإنما في إحساس الأكاديميين في أوكسفورد، بأثر ما قامت به على التعليم، إلى هذا الحد الذي يجعلهم يحجبون عنها التكريم والتشريف.
تلك صورة مما أسميّه (موقفاً)، ما أقل ما نسمع بمثله في عالمنا العربي، ليس تجاه رئيس وزراء دولة، وإنما تجاه (عابر سبيل) من أصحاب الوجاهة والنفوذ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :763  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 26 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج