شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كراكسي.. وأحضان إسرائيل
إذا صحّت الأنباء التي تداولتها الصحف منذ يومين عن الأسرار التي كشفها رئيس الوزراء الإيطالي بيتينو كراكسي إلى شيمون بيريز، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، عن حواره مع السيد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في تونس، وعن لقاءاته واجتماعاته بقيادات عربية أخرى في كل من القاهرة والرياض والجزائر، وذلك في رسالة مكتوبة حملها إلى بيريز وزير الدفاع الإيطالي جوفاني سبادوليني، ومن هذه الأسرار، أن منظمة التحرير الفلسطينية خيّبت أمله في التفاوض مع إسرائيل بحيث يرى أن لا فائدة ترجى أو نتائج يمكن أن تتحقق بعقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط، إذا صحت هذه الأنباء، عن رئيس وزراء إيطاليا، وهي واحدة من الدول الأوروبية التي يعلّق الكثيرون في العالم العربي، آمالاً على احتمالات موقفها المستقل عن موقف الإدارة الأمريكية، فإن عيون القيادت العربية سواء منها التي اجتمع بها كراكسي في جولته الأخيرة، أو التي لم يجتمع بها ولكنّها سايرت موجة التفاؤل بالجولة التي قام بها، لا بد أن تظل مفتوحة يقظة، ليس فقط بالنسبة لأي مبادرة أوروبية، وإنما أيضاً بالنسبة لهذه التصريحات التي تتلاحق عن مصادر هذه الدول عن دعمها للموقف العربي أو ميلها للوقوف بعيداً عن الموقف الأمريكي، الذي لم يعد خافياً، أنه ما زال على ما هو عليه، في عهد الرياسة الأولى، للرئيس رونالد ريجان.
وليس غريباً في الواقع أن يتصرّف كراكسي على هذا النحو الرخيص والصغير، فيلتمس رضاء إسرائيل بكشف عناصر الحوار الذي دار بينه وبين رئيس منظمة التحرير، والقيادات العربية الأخرى، إذ إن أكثر أجهزة الإعلام والرأي في إيطاليا، ومنها التليفزيون، حريصة على استرضاء إسرائيل والتحبّب إليها، وهي معنية بتبرئة اليهود من النظرة الكاثوليكية القائلة إنهم الذين قتلوا السيد المسيح وصلبوه. ولعلّي قد سبق أن كتبت عن ذلك البرنامج التليفزيوني الذي شاهدته ذات ليلة في روما، وكان بكل لقطاته ومواده الإعلامية، ولقاءاته في القدس المحتلة، يستهدف تأكيد هذه التبرئة، من جهة، وتأكيد الوشائج الدينية بين المسيحيين واليهود، على ضوء العلاقة بين التوراة والإنجيل.
الغريب في الواقع هو هذا الوهم الذي يسيطر على أذهان البعض، عن الحقد الصليبي على الإسلام والمسلمين، إذ يذهبون إلى تجاهله أو تناسيه، أو حتى رفض وجوده كلياً، ومن هذا المنظور لا يرون ما يمنع، الثقة بالطوائف المسيحية، والتعامل مع عناصرها، وقد يذهب البعض إلى حد تفضيل التعامل مع هذه العناصر على التعامل مع المسلمين.
تلك واحدة من مشاكلنا وعللنا التي لا تزال تنخر في كيان الأمة الإسلامية، بل لا تزال تتفاقم، رغم الكثير من الظواهر التي أثبتت، وسوف تظل تثبت، أن تسامحنا، أو تجاهلنا لهذا الحقد المتأصل والمتجذر في ضمير الطوائف المسيحية ضد الإسلام والمسلمين، أصبح يغريها بالمزيد من المواقف الحاقدة، بل والتصرفات غير المسؤولة الحاقدة، وليست مجزرة صبرا وشاتيلا إلا مثالاً لوحشية هذا الحقد، لست أدري كيف هان أو يهون علينا أن ننساه.
كلا.. لا أدعو إلى مقابلة الحقد بمثله، ولا إلى مواجهته بأعمال العنف والإرهاب ولكني أدعو إلى شيء من الاعتدال في التسامح والإغضاء، وإلى أن نفضّل التعامل والثقة بالمسلم، قبل غيره من الطوائف الأخرى.. وأعتقد أن ذلك بعض ما يفرضه علينا انتماؤنا وتمسكنا بعقيدة التوحيد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :899  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 15 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.