شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شركة يونيون كاربايد.. عندنا في المملكة
في اللحظة التي كنت أتهيأ فيها لصلاة المغرب يوم الأحد 24/3/1405، اتصل بي الأخ عبد الله هاشم صاحب المصانع المعروفة باسمه في جدّة، وبعد تبادل كلمات الترحيب من الجانبين بدأ يمطرني بالدعوات الصالحات، والثناء الحميم، على ما كتبته عن فاجعة الغاز القاتل الذي تسرّب من مصنع (مبيدات الحشرات) الذي تملكه وتديره (شركة يونيون كاربايد الأمريكية) وقال: (إن هذه الشركة موجودة في المملكة.. وفي المنطقة الشرقية على التحديد) وأردف هذا الخبر، بسيل من اللعنات، إلى جانب سيل آخر من (الدعوات الصالحات) لأني نبّهت إلى تساهلها في التدقيق، في تزويد مصنعها بوسائل السلامة، التي لا تتساهل فيها في مصانعها المقامة في أمريكا وألمانيا واليابان، وبعض بلدان أوروبا، وزعمت أنها تحرص على التدقيق البالغ في وسائل السلامة في هذه البلدان من الدول المتطورة أو المتقدمة، وتتساهل فيها، في بلدان العالم الثالث، ولم أزعم ذلك من فراغ، وإنما مما قرأته في أكثر من جريدة ومجلة من الجرائد والمجلات التي تصدر في إنجلترا وأمريكا.
وتطلّعت إلى أن أفهم من الأخ عبد الله هاشم شيئاً عن علاقته بهذه الشركة، وعن السبب في اتحافها بسيل من لعناته، ثم كيف علم أنها موجودة في (المنطقة الشرقية من المملكة) فأسرع يقول إن بينه، وبينها قضية منظورة في المحاكم المختصة، وعندما رجوته أن يزيدني إيضاحاً، فيزودني برسالة يشرح فيها الموضوع ضحك وهو يقول (أنا لا أقرأ ولا أكتب)، فاقترحت عليه أن يتصل بي بعد الصلاة، ووعدته أن أسمع منه كل ما عنده.. ولكنه لم يتصل حتى اللحظة التي أكتب فيها هذه السطور.
وليس غريباً أو لافتاً للنظر أن تكون شركة (يونيون كاربايد) في المنطقة الشرقية، أو في أي مكان في المملكة، إذ إنها شركة كبرى تملك مصانع للمبيدات الحشرية، وغيرها من المنتجات في أكثر من ستين بلداً في العالم. ولكن ما يمكن أن يكون محل نظر وموضوع اهتمام من قبل الجهة التي تتعامل معها - أياً كانت - هو تساهلها في وسائل السلامة في المصانع التي أقامتها في دول العالم الثالث - ومنها أمريكا اللاتينية - واستهانتها بقيمة الإنسان في هذا العالم - وفاجعة بهوبال في الهند، دليل ما بعده دليل - إضافة إلى ما قيل في بعض ما قرأت، عن أنها لا تصدّر إلى أوروبا واليابان نفس النوعية من المبيدات التي تصدّرها إلى العالم الثالث، وذلك من زاوية حرصها على عدم تعرّض الأوروبي والياباني للأخطار الكامنة في هذه المبيدات..
وبعد.. فقد يكون مما يجب أن يعلمه الأخ عبد الله هاشم وغيره من الذين يمكن أن يفكروا في إقامة مصنع للمبيدات الحشرية، يعتمد على الغاز الذي يسمى (ميتيل ايزوسيانايت)، أن هذا الغاز بالغ الخطورة، إلى درجة أن المتخصّصين في السميّات أو الغازات السامة، يترددون وقد يرفضون أن يعالجوه في المعامل.. والسبب هو أنه سريع التسرب من الوعاء الذي يختزنه. وقال أحد أساتذة مدرسة الصحة العامة في ولاية من ولايات أمريكا: (إننا لا نتعامل مع هذا الغاز بالذات نظراً لصعوبة السيطرة عليه). ويزيد من خطورة استعماله والاعتماد عليه أنه من الغازات السامة التي لا توجد له مضادّات تبطل مفعوله السام القاتل. وفي إبادته للحشرات، يقوم بتدمير جملتها العصبية، مما يعني الموت السريع. وفي حالة تعرّض الإنسان أو الحيوان لتسلّله، فإن أول ردود فعله هو دمع العينين وتدمير القرنية، لأنه سريع التوغّل في خلاياها بحيث يدمّر هذه الخلايا مما ينجم عنه فقد القدرة على الإبصار.. أما في حالة استنشاقه، فإنه يعمل على (تقبّض) مجاري الهواء وتقلّصها، ويمكن مقارنة حالة الإصابة به بحالة ما نسمّيه (اللبطة) الحادة، بفارق أنها غير قابلة للشفاء، إذ تكون النتيجة تمزّق الغشاء الرئوي ثم فصوص الرئة نفسها.
فإذا كان الأخ عبد الله هاشم أو غيره من الصناعيين قد فكّروا أو يفكّرون في إنتاج المبيدات الحشرية، اعتماداً على هذا الغاز الذي تعتمد عليه شركة (يونيون كاربايد) في صناعة المبيدات التي تصدرها إلى العالم الثالث، فإن المعلومات التي قدمتها، خليقة بأن تجعلهم يفكّرون مائة مرة ومرة.. قبل الإقدام على المغامرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :832  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.