شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شامير... أمام المحاكم المصرية
مع إحساسي بواجب الاعتذار للقراء، عن تدخل هذه الكلمة، عن (شامير - رئيس وزراء دولة العدو الإسرائيلي) بين الكلمات التي التزمت بها عن (العمة) في الجزء الثاني من كتاب معالي الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخويطر - وزير المعارف، ووزير التعليم العالي بالنيابة، فإني لا أشك أن القراء، ومعالي الدكتور الكريم، لا يجدون ما يمنع أن يمنحوني غض النظر، والعفو عن عدم الموالاة في الموضوع، لأنهم معي على الأرجح في أن خبر (شامير، أمام المحاكم المصرية)، يستحق أن نقف عنده، وعلى ثغورنا ابتسامة عريضة لا بد أن تكون (شامتة متشفية)، إذ ماذا يمكن أن يحمل على مثل هذه الابتسامة، أكثر من أن نتصور هذا (الشامير) واقفاً أمام المحاكم المصرية، متهماً بجرائم، - وليس جريمة واحدة. ومن هذه الجرائم (قتل الأطفال) عمداً ومع سبق الإصرار والترصد في الأراضي المحتلة، ومن أهمّها وأخطرها التعدي على أشخاص الأنبياء، وخاصة ((النبيَّ محمداً صلوات الله عليه)). والدعوى المقامة على (شامير) أمام محكمة جنح عابدين، من المحامي المصري إبراهيم عكاشة، يطالب فيها بتعويض قدره خمسة ملايين جنيه مصري، وحبس (شامير) لمدة ثلاثة أعوام... ومن عناصر الدعوى أيضاً، إهانة المصريين بإعلانه أنهم لا يرعون عهداً - بالنسبة لاتفاقيات كامب ديفيد و(هم مثل رسولهم محمد الذي خان عهده وصلحه مع يهود يثرب في الزمن القديم). وهذا إضافةً إلى دأبه في الفترة الأخيرة على تعمد جرح مشاعر المصريين والعرب، بالتسفيه علنا بتدنيس المساجد والكنائس، والتشويش على إقامة الشعائر الدينية بها، بما وفر في حقه الجريمة المنصوص عليها في المادة رقم (160) من قانون العقوبات... الخ...
ومما يستوقف النظر في مجرى القضية، أن المحكمة قررت تأجيل النطق بالحكم فيها إلى يوم الأحد المقبل - العاشر من شهر يونيه 1990 - وهذا يعني أن الحكم جاهز ولكن النطق به هو الذي تأجل. فإذا أضفنا إلى ذلك أن مصدراً من وزارة العدل صرّح بأن من الممكن تنفيذ هذا الحكم - إذا صدر - وفقاً لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، في إطار الشق المتعلق بالجرائم والنواحي الأمنية وتبادل المجرمين. فإن لنا أن نقف احتراماً وتقديراً لمنطق القضاء في مصر وقدرته على رؤية الحيثيات - من القوانين - ليس في الحكم فقط، بل في إمكان تنفيذه، على أساس قانوني.
وقد يقال - من منطق اليأس من جهة ومنطق استحالة إمكان إلقاء القبض على شامير وتنفيذ الحكم بحبسه ثلاث سنوات إضافة إلى الغرامة التي يطالب بها المدعي وقدرها خمسة ملايين جنيه مصري من جهة أخرى، لأنه رئيس وزراء دولة، ولا سبيل إلى المجيء به إلى القاهرة لإيداعه (ليمان طره) أو أي سجن من السجون في مصر، ولكن سوف يظل الحكم قائماً وسوف يظل شامير (مطلوباً) وقوات الأمن المصرية مكلفة بإلقاء القبض عليه، ليس في حالة تواجده في مصر فقط، بل حتى عندما يحدث أن يكون في أي بلد سوى إسرائيل، على أساس أنه مجرم محكوم عليه من محكمة اعتمدت على حيثيات ومرتكزات من القانون.
وهذه الواقعة تذكرني، بمناحيم بيجين، وهو ذلك الذي كان من قَدَرِ الرئيس محمد أنور السادات، أن يوقّع معه اتفاقيات كامب ديفيد، بصفته رئيس وزراء إسرائيل... كان (مناحيم بيجين) هذا مطلوباً من حكومة بريطانيا (حياً أو ميتاً) لأنه المجرم الذي فجّر فندق الملك داود في القدس، فقتل عدداً من كبار ضباط القيادة البريطانية التي كانت تستعمر فلسطين. وهذا إلى جانب جرائم عنف وإرهاب ظل يمارسها ضد الإنجليز، بصفته رئيساً لعصابة أو عصابات الإرهاب و القتل الجماعي. وكان مطلوباً (حياً أو ميتاً) على أساس حكم محكمة يرأسها قضاة بريطانيون، وقد اكتسب صفة القطع بالتمييز في المحاكم المختصة في لندن.
ولكن ما أعجب أن يأتي يوم، يدخل فيه مناحيم بيجين بريطانيا رئيساً لوزراء إسرائيل وأن يُستقبل استقبالاً رسمياً، وتشرب بريطانيا الحكم، وتنسى قتلاها من كبار ضباط جيشها، ولا تثير الصحافة البريطانية القضية أو تذكر الحكم أو تطالب بتنفيذه إلا بسطور هامشية فيها الدُّعابة أكثر مما فيها من الجد.
فهل يكون موقف مصر، من ((إسحاق شامير))، المحكوم عليه، من محكمة جنح عابدين، شبيهاً بموقف بريطانيا. ((مناحيم بيجين؟؟؟))
المسألة من وجهة نظري تتوقّف على تواجد شامير في الأراضي المصرية... وما تتلقاه قوات الأمن المصرية من أوامر، إذا قُدّر للظروف أن تتيح لهذا المجرم أن يدخل مصر ضيفاً، وبصفته رئيساً لوزراء إسرائيل...
ينطلق خيالي، وأحلامي بعيداً، فأذهب إلى حد أن شامير سوف لن يغامر بالدخول إلى مصر تحت أي ظرف... لأنه يعرف، أن القضاء الذي حكم ببطلان مجلس الشعب بكامله... وتم تنفيذ الحكم، لن يتردد، في الإصرار على تنفيذ الحكم على المجرم (إسحاق شامير).
وقبل أن أختم كلمتي أتمنى أن أزجي تحية ملؤها الإكبار للمحامي المصري الأستاذ إبراهيم عكاشة، وهو الذي أقام الدعوى أمام محكمة جنح عابدين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :639  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 95 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج