شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بناء قواعد السلوك في تربية الأطفال
ما نسميه (القُدوة)، هرم ضخم له القمة التي تنير بما تشعه من أضواء سلوكياتها سبيل الاتجاه إلى الأفضل والأجدر بالاتّباع نهجاً، وسبيل انطلاق لبناء معمار الحياة، ليس فقط بالنسبة لجماهير الأمة، وإنما أيضاً بالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يدبون في الطريق إلى مستقبلهم المنشود. وإذا كان هذا من مسؤوليات القمة الشاهقة في حياة الجماهير، فإنه لا يختلف كثيراً عن مسؤوليات القمة في حياة الأسرة، في مختلف شرائح المجتمع.
وهذا يعني أن في حياة كل أسرة من شرائح المجتمع قمة اصطلحنا على أنها (القدوة) التي نطالبها بمسؤوليات القمة، وهي أن تكون لها خصائص القيادة، وإضاءة الطريق بالنسبة للأسرة - بغض النظر عن عدد أفرادها - ولكن بعيون مفتوحة وآذان مرهفة وفعّالية حازمة بالنسبة لأولئك الذين تتأرجح خطواتهم أو تترنّح، ويفتقرون إلى الوسائل التي تتيح لهم ثبات الخطوة القادرة على أن تسلك السبل - سهلة أو وعرة - نحو الغاية من مسيرة الحياة.
ولعل الواقع أننا قد درجنا على أن نلقي بركام الأخطاء السلوكية التي يقع فيها أطفالنا، بل وناشئتنا، على عواتق أو رؤوس الخدم والعاملين في بيوتنا، وننسب إلى هؤلاء ما يسبق إلى ألسنة الصغار من ألفاظ السباب والشتائم القذرة، وقد يصح أن يكون الكثير من هذه الألفاظ الفجة أو غير اللائقة مما التقطته أُذُن الصغير من الخادم أو السائق، أو مما تتقاذف به حناجر بعض العامة في الشوارع والأسواق... ولكن قد يكون صحيحاً، أيضاً أن الكثير والخطير من الأفكار والمشاعر والمفاهيم الرديئة، قد التقطه هؤلاء الصغار من (القُدوة) وفي غرف الاستقبال، وخلال ساعات التحلُّق حول ساحة (البلوت) التي قد لا يخلو منها منزل في جميع الحواضر والمدن.
يحكى أن الفيلسوف (ديوجينيس) عاقب والد الفتى الذي أقسم أو قال كلاماً أقسم على صدقه وهو كاذب... وحين تصايح عليه الناس، ضحك الفيلسوف وهو يقول: كيف يعاقَبُ من تعلّم الكذب، من القُدوة... وهو الأب. ثم أطلقها قاعدة عامة، تقول: (عندما يكذب الطفل، أو يرتكب خطأً، عليك أن تعاقب أباه أو أمه أو المسؤول عن تنشئته وتربيته).
ولنا أن نحمد الله سبحانه على أن التغيّر الذي أخذ يزحف على سلوكيات ناشئتنا لا يزال في بدايته - أو هكذا نتعشم -، ولكن البداية هي النذير الذي يطالبنا بأن نكون القدوة في سلوكياتنا، وأن تكون هذه السلوكيات النموذج الذي نتطلّع إلى أن نبني عليه مستقبل الأجيال الناشئة، وتلك القادمة في الطريق.
مسؤوليتنا، وكل منا قمة في الهرم، بالغة الحساسية والدقة... فهل لنا أن نرجو أن لا ينقلب الهرم، رأساً على عقب... أو قمة إلى قاعدة...؟؟؟
وبعد
فإن ما أسمعه عن تبذل، سلوكيات الصغار، والناشئة من أبنائنا يصيبني بالغثيان، ويحملني على أن أطيل التفكير، فيما ينبغي أن نستهدفه في بناء المستقبل وقواعده هي هؤلاء الصغار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :739  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 90 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج