شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
علّقها على شفتيك
كثيراً ما نواجه ظروفاً، يصعب علينا معها حتى الابتسام... لأن هناك شيئاً، أخطر من وحش يكمن أحياناً في أعماق نفوسنا... يمتص بشراهة متوحشة آخر قطرة من قدرتنا على الابتسام.
نستطيع أن نتبيّن ملامح هذا الوحش أحياناً... ولكن كثيراً ما يختفي ويختبىء في الأعماق أو الأنفاق المظلمة، فلا نراه... ولكننا نشعر بمخالبه وأنيابه تنهش كل أسباب الدعة في حياتنا... بل تسدل على الحياة بكل مباهجها، ستاراً من الشَّوَه والضباب الأسود الكثيف.
وتلك حالة قد لا يجانبني الصواب، إذا زعمت أن الكثيرين يمرون بها ويجربونها... وأخطر ما فيها هو الاستسلام لها.
ولست ممّن يدّعون القدرة على التحليل والعلاج النفسي... ولكني كمجرب فقط، أستطيع أن أزعم أن أخطر ما في هذه الحالة هو الاستسلام لها. ولذلك فأهم ما ينبغي علينا، إزاءها هو مقاومتها... والاستمرار في المقاومة حتى عندما نشعر أن مخالب هذا الوحش وأنيابه تخفّف من نهشها وتمزيقها.
هذا الوحش، هو رواسب العديد من متاعب الحياة ومشاكلها، تتجمّع وتتراكم في الأعماق ثم يتكوّن لها شكل الوحش وفعاليته الرهيبة التي تمضغ كل ما يتاح من متع الحياة ومباهجها.
قلت: علينا أن نقاوم... ولكن كيف؟؟؟ وتلك هي المسألة فعلاً.
في تجربتي المتواضعة، أن كل ما نحتاجه - ببساطة - هو أن (نصطنع) الابتسامة... أن نبتسم، وأن نؤكد لأنفسنا أننا على وئام مع ظروف الحياة، كيفما كانت، ومهما بلغت من التعقيد، إذ ماذا بعد؟؟؟ كل ما سوف تتمخض عنه هذه الظروف أو هذه المشاكل، لن يصل إلى أكثر من طبيعة الواقع في هذه الحياة.
قابل كل صديق - وحتى كل خصم - بابتسامة عريضة مهما كلّفك ذلك من جهد... علّقها على شفتيك، كما تعلّق (النظارة) على أنفك وعينيك.
لا شك أنك - في أول الأمر - ستشعر أنها ثقيلة باهتة... لا روح فيها ولا حياة... ولكن سرعان ما يذهلك أن تكتشف أنها عملية (حَفْر) ناجحة... عملية (حَفْر) في الأعماق البعيدة من مغاور النفس.
وهذه الابتسامة، لها القدرة على أن تحفر ينبوعاً تتدفّق منه الابتسامات بلا حساب.
وسرعان ما ترى أن ابتسامتك تغري الذين تعاشرهم وتعايشهم من أهل وولد وأصدقاء بأن يبتسموا هم أيضاً.
جرّب هذه الطريقة، وعندما تجيد ممارستها، سوف ينهزم هذا الوحش المختبىء في نفسك... سينزع مخالبه من مغارسها... ولا ندري أين يذهب... فليذهب حيث يشاء ولكن لتبقى الابتسامة معلّقة... أو نابعة من الأعماق نفسها... والأرجح أن ذلك الوحش، إذا ذهب، فلن يعود.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :716  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 82 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.