شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
القوة الأعظم... ومفهوم الحضارة
من المؤسف حقاً أن ينحصر مفهوم الحضارة عند إنسان العصر، فيما تملكه قوتان ظهرتا بعد الحرب العالمية الثانية، واصطلح العالم على تسمية كل منهما باسم أو لقب (القوة الأعظم)... وما تملكه هذه (القوة الأعظم)، أمريكية أو سوفيتية هو وسائل التدمير والتخريب، بمستوى سلَّم العالم كله بأنّه القادر على أن يمحو عن سطح الأرض، مدناً، وحواضر، بل ربما قارات بأكملها. وبهذا استطاعت كل منهما أن تتمتع بسيطرة وعبث بمقدرات البشر، فكان من الطبيعي أن يكون المفهوم الحضاري ((الجديد (للقوة الأعظم) هو مفهوم التوحش الذي تجاوز كل صور التوحش في جميع عصور وأحقاب التاريخ.
وهو توحّش عاد بالبشر إلى حياة الغاب، التي كان يعيشها قبل ملايين السنين، رغم التقدم العلمي والتقني... وما ابتكره العقل من وسائل الترفيه والرغد... ورغم كل ما يسطع في المدن والعواصم الكبرى - بل والمدن الصغيرة والقرى - من الأضواء.
حياة الغاب، قبل ملايين السنين، ولكنه اليوم غاب (علمي وتقني)، يعصف بحياة الملايين، ويهدر دماءهم لتروى بها الرمال، بلمسة واحدة خفيفة على (زر).
ولكن حين تظهر هذه الصورة البشعة لمفهوم الحضارة أو لمفهوم (القوة الأعظم)، تشرق إلى جانبها صورة أخرى لمفهوم الحضارة، الذي غاب عن الأذهان، أو حجبته سحب الدخان أو ما شبّهوه بنبات (الفطر) أو (المشروم Mushroom).
ومفهوم الحضارة الذي غاب عن الأذهان، في هذا الضباب والدخان، هو المفهوم الذي جاءت به رسالات السماء، وفي مقدمتها كمالاً وسمواً، ونبلَ أهدافٍ، لمصلحة الإنسان في دنياه وآخرته، ومحققة لتطلعه الذي لم يتوقف قط أو ينقطع، هو عقيدة الإسلام السمحة، وشريعته الغراء كما جاء بها القرآن... كما جاء بها هذا التنزيل المحكم، وكما أرشدتنا إليها سنة نبينا رسولِ الله محمدٍ صلوات الله وسلامه عليه.
ونحن، أبناء هذه الأرض الطاهرة... الأرض التي هبط فيها الوحي على رسول الله، ومنها أشرق على الدنيا مفهوم الحضارة، أخلاقاً في نظرة الإنسان إلى أخيه الإنسان، وسلوكاً يقي المؤمن بها أخطار الانزلاق في أوحال الرذيلة والفجور، وعملاً، هو طريق الرزق الحلال... نحن نتحمّل مسؤولية الحفاظ على مثل العقيدة ومبادئها وقيمها، وقبل ذلك مسؤولية الدعوة الصادقة إلى الله نرفع صوتها جهيراً في إرجاء الأرض، يوقظ الضمير الإسلامي من إغفاءته ويعمل على توحيد صفوف الأمة الإسلامية، في مواجهة الغصب، والقهر والعدوان أينما يكون في المكان والزمان. ويتم لنا بهذا الموقف، أن نواجه كل ما يتمخض عنه مفهوم الحضارة لدى (القوة الأعظم) من أساليب ووسائل القضاء على الحضارة، ككل، بلمسة (زر) التدمير الشامل، والأعمى الذي لا يرى المصير الرهيب، الذي انتهى إليه مفهوم الحضارة في عقله ومنطقه، ولا أقول (ضميره ووجدانه) إذ لا وجود إطلاقاً لهذا الضمير والوجدان.
وبعد فرسالات السماء، وفي مقدمتها جميعاً رسالة الإسلام، حملت، ولا تزال تحمل المفهوم الحقيقي والطبيعي لحضارة الإنسان... ومن هنا فآن لنا أن نشعر، وأن نعمل على أن تكون حضارتنا في عقيدتنا، هي (القوة الأعظم)... التي تستطيع أن تخرج بالإنسانية من حياة الغاب في هذا العصر... وفي كل عصر على امتداد الزمان، وفي كل مكان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :695  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 81 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج