شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أيام الجنادرية (2)
ويحسن بي بداية أن أعترف بأن اهتمامي ومتابعتي لما كان ينشر في الصحف والملاحق، عن مسرحيات تمثل في مسرح الجامعة، أو في فروع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون... كان هذا الاهتمام أو المتابعة ضئيلاً إلى حد أني كنت أشعر بعدم ضرورة القراءة، فضلاً عن استيعاب ما يقال... وإن كنت أشعر أن رعيلاً من الشباب مولع بالمسرح ويتشوق إلى وجوده ويبذل الكثير من الجهد بل والمعاناة، لوجود هذا المسرح، بأي ثمن.
وتخونني الذاكرة اليوم، فأكاد لا أذكر تفاصيل عرضٍ لمسرحية، قلت لمخرجها أو بطلها أو كاتبها - لا أذكر الآن - أن المحاولة قائمة، والجهد الذي بذل يؤكد التطلع الذي أرجو أن يثمر، وإن كنت أعجز عن تصور أي عمل مسرحي ليس فيه إلاّ الرجال... وتعاودني في كل مناسبة أقرأ فيها عن تمثيل مسرحية في جامعة أو غيرها، ذكرى الأستاذ أحمد السباعي رحمه الله، فقد كان مؤمناً بدور المسرح في تنوير الجماهير، وبالتالي إيقاظ مشاعرهم، وبالتالي توجيههم نحو تحقيق الكثير من الآمال والأحلام، التي كان رحمه الله يرى أنها لن تتحقق إلاّ بإضافة العمل المسرحي إلى مصادر ثقافتهم المدرسية أو الأكاديمية أو حتى الحرة... وكان الأستاذ السباعي من أكابر مطوّفي الحجاج المصريين، ولذلك كانت له رحلاته السنوية تقريباً إلى القاهرة، بل وإلى الريف المصري، ولا شك أنه كان من رواد مسرح رمسيس، ومسرح الريحاني، ومسرح الكسّار، وغيرها إلى جانب (الأوبرا)... فكان من طبيعة طموحه المتوافر أن لا يرى ما يمنع أن يوجد في المملكة مسرح، إن لم يكن بمستوى هذه المسارح الكبيرة والعريقة - نسبياً - فبمستوى يبدأ صغيراً محدوداً، ثم يكبر مع الأيام، وذلك هو خط سير تلك المسارح الكبيرة بداية ونهاية.
وقد بلغ من اقتناع الأستاذ السباعي، بل إيمانه، بضرورة وجود هذا المسرح أن أخذ على عاتقه بناء وتشييد مسرح... وأين؟؟؟ في مكة المكرمة‍‍‍!!! وسمعت من صديق للطرفين أن الأستاذ قد بنى وشيد المسرح في جرول واستقدم له مخرجاً من مصر يدرّب الراغبين من الشباب على تمثيل مسرحية، لم أحاول أن أعرف إن كان هو الذي ألفها أم غيره من زملائه. وكَوْنُ المسرح في مكة بالذات، جعلني أرى النهاية التي لا بد أن يصل إليها هذا المسرح... فلم أتردد في أن أزور الأستاذ شخصياً في مكة، وأن أدير معه الحديث ضاحكاً، ومستبعداً أن يكون قد شيّد مسرحاً. فضحك وقال قم بنا... وكان... ودخلت البناء... المشيّد بالإسمنت والحدِّ المسلّح... ورأيت ما يسمى (الاكسسوار)، ثم المناظر المرسومة على الكانفاه أو الورق المقوّى بأحجام كبيرة مما لا يعني أقل من أن الأستاذ لم يبق عليه إلاّ أن يعلن عن افتتاح المسرح، وأن يستقبل جمهوره... وإذْ كانت الساحة المخصصة للنظارة صغيرة نسبياً... وأبديت ملاحظتي، ليقول ضاحكاً: لا تنسَ أن هناك (الماتينيه) (والسواريه)... فالذين لا يجدون مقاعد في (الماتينيه) يجدونها في (السواريه).
وعندها... لم أجد ما يمنع أن أنبّه الأستاذ رحمه الله، إلى أن وجود مسرح، وفي مكة المكرمة، مسألة تبدو لي مستحيلة تماماً... وأخشى أن يصدر إليه أمر بإغلاق المسرح وبالانصراف تماماً عن الفكرة من حيث هي وإلى الأبد.
ـ ((فال الله ولا فالك))... كانت الكلمة التي سمعتها منه... ولكن الذي حدث فعلاً، أن تلقى رحمه الله أمراً بعد أقل من شهر بأن يقلع تماماً عن شيء اسمه مسرح... وانتهى مسرح السباعي... وحتى اليوم.
ومن هنا يمكن القول، ودون تجنّ على أحد أو هضم لحقوقه، أن الأستاذ أحمد السباعي رحمه الله، سوف يظل (رائد) المسرح في المملكة العربية السعودية... وهو رائد ليس فقط بما قد يكون قد ألّفه هو أو أحد زملائه من مسرحيات أعدت فعلاً للعرض، بل بما أنفق من ماله لبناء ذلك المسرح، وهو كثير بمعيار تلك الأيام، ثم بما ذهب إليه من استعداد وإعداد للعرض الذي لم يتم.
وفي أيام الجنادرية، أتيح لي أكثر من الاستماع إلى ندوة الجلسة الثانية عن المسرح يوم السبت 6/8/1410... فقد كان لي لقاء بالأستاذ ((راشد الشمراني)) الذي علمت أنه كاتب مسرحي، وقد سبق له أن كتب عدة مسرحيات مثلت وعرضها التلفزيون فعلاً... وقد طمعت أن أرى مسرحيته التي فهمت أنها ستعرض في القاعة الكبرى في الجنادرية... ولكني لم أستطع حضورها للأسف الشديد... وإن كنت قد رأيت (بروفة) لها في إحدى قاعات فندق قصر الرياض ثم تكرّم فزوّدني بنسخة من نص المسرحية عندما رجوته أن يمن عليّ بذلك.
وعكفت على قراءة النص، قراءة متأنية، أغراني بها اسم المسرحية وهو (ديك البحر) إذ ظللت أتابع الأحداث صفحة بعد أخرى إلى أن انتهيت إلى (ديك البحر)...
ولا بد لي من وقفة مع هذا النص، الذي أبادر فأقول إن أهم ما أعجبني فيه أنه مكتوب بلغة عربية فصحى، من جهة، وخالية من الأخطاء النحوية أو اللغوية من جهة أخرى.
أما عن موضوع (ديك البحر)... وما أراد أن يقوله كاتب النص... أو ما أرادت أن تقوله هذه المسرحية، فلا بد لي أن ألتمس سبيلاً إلى انتظار القارئ لمقالٍ تال في الموضوع.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :748  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 65 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج