في أجواء هجرة اليهود السوفيت إلى فلسطين بروتوكولات حكماء صهيون |
ذلك الذي عقدوه في مدينة ((بال)) في سويسرا، وبرياسة (هيْرتْزِلْ). وربما كان هو أضخم المؤتمرات عددَ شخصياتٍ، إذ بلغ عددهم ثلاثمئة شخصية يمثلون خمسين جمعية (صهيونية) كانت منتشرة في مختلف أنحاء العالم... وفي هذا المؤتمر توصلوا إلى وضع ما عرف باسم (بروتوكولات حكماء صهيون). وكان أغرب ما تقرر بين الأعضاء، أن (السرية المطلقة) يجب أن يتمسّك بها كل عضو... حتى على اليهود (العبرانيين الذين يختلفون مع أهداف الصهيونية) فلا يجوز إطلاقاً أن يطلع عليها أو يعلم بها أي يهودي، حتى ولو كان من أكابر الشخصيات المرموقة... |
وظلّت هذه السرية الكثيفة تغلّف نصوص البروتوكولات فترة من الزمن، ولكنها لم تطل، إذ تسرّبت - في قصة يطول شرحها - إلى يد سيدة فرنسية (ليست يهودية) كانت صديقة لصهيوني من أعضاء المؤتمر، ومن أعضاء الجمعية (الماسونية) في باريس... وما كادت تطلع عليها حتى أدركت خطورتها البالغة على سلام العالم. وحين اكتشفت أن غالبية أعضاء المؤتمر يقيمون في روسيا، ويخططون لتخريب النظام الذي كان سائداً فيها. أسرعت إلى روسيا، وسلمت كامل النسخة التي اختلستها من محفظة صديقها الكبير، إلى أمير من أمراء الأسرة الحاكمة وهو (أليكسي نيكولاي نيفيتش). ولم يقم هذا الأمير بعرضها على الإمبراطور، إذ قدّر أنه لن يهتم بها بما فيه الكفاية. ولذلك سلّمها إلى أحد رجال الفكر والعلم ليطلع عليها ويتصرف من جانبه في النسخة، بالطريقة التي يستحسنها. |
وكان ما اكتشف هذا العالم المفكر، في نصوص هذه البروتوكولات رهيباً وخطيراً بكل معيار. ليس بالنسبة للعالم ككل، وإنما على الأقل بالنسبة لنظام الحكم الإمبراطوري في روسيا... فقد كان أقل ما فيها: - (سقوط روسيا في أيدي عملاء البروتوكولات، على أن تحكم بنظام (الراعي والقطيع). ونشر كل مبدأ هدّام لنظامِ الحكم... والعمل في نفس الوقت، على تصدير هذه المبادئ إلى (العالم)، على أيدي عملاء تسيطر عليهم قيادات البروتوكولات. ومنها (القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية) ثم العمل على إسقاط جميع الأنظمة الملكية في ألمانيا والنمسا ورومانيا وأسبانيا وإيطاليا. وأخيراً وهو الأهم: - (قيام دولة إسرائيل في فلسطين. وهي الدولة التي تُقرر البروتوكولات، أنها المسؤولة عن العمل لسيادة العالم - كل العالم - في يومٍ ما - تحت تاج ملك من نسل داوود. |
أما عن الوسائل التي تقررت في هذه البروتوكولات لتحقيق هذه الأهداف... فإننا نقدمها في كلمة تالية إن شاء الله. |
ليس في المعلومات التي أقدمها إلى القارئ عن بروتوكولات حكماء صهيون جديد لم يسبق له أن سمع به أو عرفه. ولكن الجديد عنها هو أنها رغم علاقتها بما يتلاحق من تصرفات إسرائيل، منذ زرعها الاستعمار دولة في القلب العربي، وكلّها تؤكد خروجها الصارخ على القوانين والأعراف الدولية وغير الدولية... رغم ذلك فإن القيادات العربية، وهي المسؤولة عن توجيه أجهزة الإعلام، لم تُعن بالاستفادة من الحقائق الرهيبة فيها عن التخطيط المدروس لتخريب سلام العالم، والعبث بقيمه وموروثاته الخلقية والدينية... لم تعن هذه القيادات، بالاستفادة منها، لتوعية جماهير الأمة العربية والإسلامية، ومحاولة تحصين أجيال الشباب فيها ضد ما خططت له هذه البروتوكولات، لاستدراج هذه الأجيال إلى بؤر التهتك، والاستهتار، في كثير من بلدان العالم المتقدم أو الثالث معاً، ولا غرض أو هدف إلا التخريب المدروس للسلام، وللقيم، والأخلاق، وصولاً إلى هدف الصهيونية الأعظم وهو (سلطان صهيون) ليس فقط على فلسطين أو الأرض العربية، وإنما على العالم... كل العالم. |
وهذا كلام قد يأخذه الكثيرون ممّن لم يستوعبوا التفاصيل عن هذه البروتوكولات، على أنه مبالغات وتهويلات، أو مادة دعائية تستهدف تشويه صورة اليهود، من منطلق العداء الذي ترسّخ عبر القرون، في وعي كثير من شعوب العالم ضدّهم... بينما الحقائق التي تؤكد أن ما خططت له هذه البروتوكولات، من أعمال التخريب - على مستوى العالم - يتم تنفيذه فعلاً، وليس منذ وُضعت هذه البروتوكولات فقط، وإنما على جميع الأمم والشعوب. وكل ما فعله الحكماء الذين وضعوا البروتوكولات هو: (التقنين) الذي يحصر المتناثر أو المَنسي من الأهداف، حرصاً من الحكماء على أن تظل المسيرة منطلقة في طريقها المرسوم، وصولاً إلى ذلك الهدف الأعظم المنشود. |
ويقول تاريخ هذه البروتوكولات إن زعماء الصهيونية - وهم الحكماء - وفي مواجهة تزايد حركة موجات الكراهية والنفور التي يبدو أنها تفاقمت في روسيا خاصة وفي أوروبا بوجه عام، إنهم - شرعوا يعقدون مؤتمراتهم السريّة في أكثر من بلد أوروبي... وهي مؤتمرات توالت - وفي أقصى درجات السرية - منذ عام (1897). ولكن ربما كان المؤتمر الذي حقق نجاحاً رضي عنده المؤتمرون هو ذلك الذي عقده (الحكماء) في القدس - ولأول مرة - في الرابع عشر من شهر أغسطس عام (1915). وكان مؤتمرهم الذي انتهوا فيه إلى وضع بروتوكولاتهم هو وللقارئ أن يتساءل كيف يستطيع الصهاينة - حكماء هذه البروتوكولات - أن ينفذوا مخططاتهم المدوّنة في هذه البروتوكولات... وهم - كما هو معلوم - أقليات أينما حلوا من بلدان العالم... هم أقليات في فرنسا، وفي إنجلترا، وفي مجموعة البلاد الاسكندينافية، ثم هم أقلية في روسيا القيصرية، وأقلية حتى اليوم في الاتحاد السوفيتي... وللعلم أيضاً، ونحن نرى دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل... ولليهود في أميركا... فإنهم أقلية في أميركا... بل أقلية ضئيلة جداً، بالنسبة للطوائف الأخرى في كيان الشعب الأميركي. |
ولكن كونهم أقليات في هذه البلدان، أو أينما وجدوا من بقاع العالم، يجب أن لا يصرف نظرنا عن حقيقة أن كونهم أقليات يجعلهم يتكتّلون، ويدعم كل منهم الآخر دعماً هو سبيل بقائهم المتميّز ورغم جو الكراهية والبغضاء الذي يطوّق حياتهم. |
يضاف إلى ذلك أن ما يثير الحقد والكراهية في نفوس الناس ضدهم، هو إيمانهم المطلق بالتوراة، التي يجدون فيها أنهم (شعب الله المختار)... وأنهم سادة البشر كافة... بل اعتقادهم أن (كل الأرض) بما عليها من بشر وحيوان ونبات، إنما خلقت ووجدت لهم وحدهم دون خلق الله. فمن طبيعة الأشياء... أن يتناقض ذلك مع ما لكل شعب من كبرياء ترفض مثل هذه الخزعبلات. |
والآن... إلى القارئ بعض ما يقوله البروتوكول الأول: - |
الفرق بين سياستنا - نحن اليهود - وبين سياسة (الأمميين) - وهم جميع شعوب العالم - أن الأمميين هؤلاء يعتمدون في أنظمة الحكم الشائعة والمتبعة على مبدأ الاستشارة، وتبادل الرأي حول القضايا التي تواجه مسيرتهم... أما نحن فقد ثبت لدينا أن خير النتائج التي تتحقق في الحكم، إنما تجيء عن طريق القمع والإرهاب. |
في الأطوار الأولى من حياة المجتمعات، كان الحكم الفصل هو (القوة) ثم جاء القانون. وليس القانون في حقيقته إلا قناعاً يخفي وراءه القوة التي يتمتع بها ويمارسها الحاكم إذا عرف كيف يسخّر القانون لأهدافه... وهذا يؤكد وجهة نظرنا في أن الحق يكمن في القوة وحدها. |
أمّا ما يسمّى بـ(الحرية السياسية)... فليس فيه من الحقيقة شيء... وإنما هو مجرد فكرة كنا نحن الذين زرعناها في عقول عامة الأمميين، ونحن الذين نروِّج لها... لأنها (الطعم) الذي نصطاد به العامة... ونحن لا نشك في أن سلطان الكثير من الدول القائمة لا بد أن ينهار كلما اتسع انتشار وباء (الحرية) هذا... والنتيجة بعد ذلك هي الفوضى وعدم الاستقرار والمنازعات والاختلافات، التي تتفاقم وتستشري... فتتطاحن شرائح المجتمع... بل تندلع النيران بين هذه الشرائح، وقد تمتد إلى الدول الأخرى... المجاورة أو البعيدة، لأنّ طبيعة هذا الوباء، أن ينتشر، على أوسع نطاق. |
وفي ذلك سبيل انتصارنا... وفي نفس الوقت سبيل انهيار هذه الدول وبالتالي زوالها من الوجود. |
ويتساوى عندنا أن يتسلل الضعف والخور إلى الدولة داخلياً... أو أن تستهلكها الحروب والمنازعات، التي تساعد على أن ينتصر عليها عدو خارجي... كل ذلك يؤدي إلى تحقيق هدفنا وهو أن تقع الدول في قبضتنا. |
ولا بد أن ندرك دون أي تفريط أو تهاون، أن السياسة لا تتفق مع شيء اسمه الأخلاق إطلاقاً ولذلك فلا بد لطالب الحكم من الالتجاء إلى المكر والحيلة والرياء والخداع. |
إن الأخلاق، وما يسمونه الفضائل الإنسانية ليست في السياسة إلاّ نقائص... تنخر في معمار الحكم... وهي التي تستطيع في النهاية أن تبلغ منه، ما لا يبلغه ألد الأعداء والخصوم. وحقنا... وبالتالي انتصارنا، يكمن في أن ما يسمّى (الحق) ليس إلا فكرة مجرّدة قائمة على غير أساس. |
نحن الذين دعونا الأمميين ونشرنا بينهم شعارات (الحرية والآخاء والمساواة)... وبذلك جعلناهم (ببغاوات) تصرخ، وتردد هذه الشعارات... ثم تلجأ إلى الاعتداء على كل الحريات باسم الحرية والتحرر... وكان ذلك هو سبيلنا للقضاء نهائياً على حقيقة الحرية. |
ولقد انتصرنا... وسوف نظل ننتصر... ما دام الأمميون يستقبلون ما ننفثه في عقولهم من السموم والأوهام. |
ولكن يجب، أن لا نتهاون إطلاقاً، في أن تظل بروتوكولاتنا هذه طي الخفاء... إلى أن يأتي ذلك اليوم - الذي لا بد أن يجيء - الذي نقبض فيه بيد من حديد على مقدرات العالم من أقصاه إلى أقصاه. |
وأبادر إلى طمأنة القارئ، بأني لا أنوي أن أستعرض له ما جاء في جميع البروتوكولات، لأن ذلك يطول من جهة، وقد يبعث على الملل من جهة أخرى... ولكن لا بأس - فيما أرى - أن يأخذ فكرة عن بعض ما جاء في البروتوكول الثاني. الذي نجد فيه: -. |
في كل حرب تنشب بين الدول، لا بد أن تتمخّض - إلى جانب الخسائر في الأرواح والممتلكات - عن عجزٍ اقتصادي يشمل الميزانية كلها فيعرّض مركزَ الدولة المالي للاضطراب، وربما إلى ما يشبه الزلزال، الذي يمس مصالح وأقوات معظم أبناء هذه الدول... وهنا تتاح لنا الفرص الذهبية التي تمكننا من أن نصل إلى أهدافنا الخفية... إننا نسرع إلى التلميح باستعدادنا لتقديم مساعداتنا - فنحن كما هو شأننا دائماً، نملك ونهيمن على مصادر المال وأسواق الأسهم والمصارف الدولية - وقبول هذه المساعدات - ولا بد من قبولها إذا لا سبيل غيرها لتغطية العجز وتدارك الحالة المشرفة على الانهيار - هو الذي يضع هذه الدول تحت رحمتنا... وأن الدول كلها تحت رقابة الملايين من عيوننا - وليسوا بالضرورة يهوداً - وهذه العيون تترصّد كل تطور في الأوضاع، نعمل من جانبنا على الاستفادة منه لصالح مخططاتنا... وأبسط النتائج أن تكون المساعدات التي قدمناها هي القانون الذي يحكم مقدرات الدولة كلها. |
فمن هنا يتاح لنا أن ننظم حركة الانقلابات على الحكم، ليصل إلى كراسي الحكم رؤساء خانعون، وخاضعون لتوجيهاتنا... فيهم خصال العبيد... نأمرهم فيطيعون... وبذلك يُمسخون ليصبحوا قطع رقعة شطرنج، يديرها ويلعب بها مستشارونا وعلماؤنا، الذين يدرسون في اللعب بالحكام، على ضوء خططنا السياسية وتجاربنا عبر التاريخ، إلى جانب المتابعة اليقظة للأحداث. |
والأمميون - عامة الناس - أكثر انغماساً في أساليب تضليلنا... وهم الذين نترك لهم الحبل على الغارب، يفرحون ويتمتعون، بوهم تفوقهم وذكائهم... علينا أن ندعهم يعيشون في أحلامهم، بملذات وملاه نبتكرها دون توقف أو انقطاع... أما الذين يسمّون (المثقفين) من حصاد الجامعات ومؤسسات التعليم، فإن سبيلنا إلى أدمغتهم وعقولهم هو (الصحافة) التي لا يهيمن عليها غير علمائنا، - من وراء ستار - وهذا سوف يجعل الطبقات المثقفة من الأمميين تختال زهواً بعلمها، وستقبل إقبالاً نهما على (المعرفة) التي يقدمها في الحقيقة الغائبة عن أذهان هؤلاء المثقفين، علماؤنا - وهم وكلاؤنا وعملاؤنا - ... ونحن لا ننسى بطبيعة الحال أننا نحن الذين أعددنا، وعملنا على نجاح (دارون) و(كارل ماركس) و(نيتشه)، كما لا ننسى الأثر المدمر للأخلاق والقيم ونظم الحكم، الذي كان حصيلة جهود هؤلاء العلماء، في حياة الأمميين وفكرهم واتجاهاتهم الفكرية، التي تبدو أو تتقرر كقيادات فكرية في مسيرة المثقفين ونشاطهم. |
وكل ذلك يتطور... ويستفحل وتكون نتائجه في صالحنا نحن بالتأكيد. وأهم ما يثبت ذلك، أن الأمميين لم يعرفوا كيف يستفيدون من قوة وقدرات الصحافة العظمى... وكانت النتيجة أننا خططنا وبذلنا الكفاية من الأموال والجهود لاحتواء وامتلاك هذه القوة... وتم لنا ذلك فالصحافة العالمية أصبحت تحت سلطاننا. وبهذه الوسيلة القوية نشرنا نفوذنا - مع حرصنا الدائم على أن نبقى وراء الستار - وعن طريق الهيمنة على الصحافة، وهي مجال الإعلان عن السلع والأسواق، استطعنا أن نكدّس (الذهب)... والذهب عن طريق الصحافة هو الإمبراطورية الخفية التي توجّه مقدرات الشعوب. |
ولكن أهم ما يجب أن نحرص عليه، هو السرية المطلقة، تحجب هذه البروتوكولات عن أي مخلوق، حتى لو كان من أكابر اليهود. |
|