شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قرارات بصفة المبدع... إبداع
وهو إبداع قد لا يجانبني الصواب، إذا قلت إنه الأوّل، والأوحد، بل والأعجب أيضاً، وليس فقط، في عالمنا العربي، وإنما في جميع أقطار الأرض، وأعني أي قطر، نبتت على أرضه أنواع من العشب، الفكري، أهّلته للدخول في دنيا الإبداع.
ولي أن أقول إن مجرّد التفكير، في أن تخصص الوزارات المعنية بقضية الفكر والإبداع لجاناً تخولها حق تقرير (صفة المبدع) يزيح الستار عن حقيقة أن هذه الوزارات المعنية إذا أقدمت على تنفيذ فكرة تخصيص هذه اللجان، تضع في تاريخ الفكر الإنساني منذ كان وحتى اليوم، لافتة تقول إن الأمّة العربية، وهي على مشارف القرن الواحد والعشرين بكل ما يعد به من تطور وتغيّر، بلغت من حالة التشبع السُّلطوي، الحد الذي يخولها حق تقرير (صفة المبدع) - رسمياً - وعلى أساس من قرار تصدره (لجنة من المتخصصين).
لو عني الوزراء الذين اتفقوا على هذا القرار، بتأمل تاريخ الفكر الإنساني، وحاولوا أن يجدوا سابقة أو شبيهاً لمثل قرارهم، لأدركوا أن حالة التشبع السلطوي التي يعايشونها لم يسبق لها مثيل في أحلك عصور الظلام، إذ لم يحدث قط، في تاريخ هذا الفكر، إن جاءت أو تقررت (صفة المبدع) بقرار من السلطة، - والوزراء الذين انزلقوا في بؤرة هذا القرار - يمثلون بمراكزهم الرسمية السلطة، وكل ما يقررونه يعتبر قراراً سلطوياً بكل معيار.
ولقد كان التحقيق الذي قامت به جريدة عكاظ الغراء بعنوان التشريع النموذجي لرعاية المبدعين، ((إبداعاً صحفياً))، وكانت مجموعة الآراء والأفكار التي أفضى بها من وجهت الجريدة أسئلتها إليهم، جانحة إلى (مجاملة) قرار وزراء الثقافة، وتأكيد النوايا الحسنة، والرغبة في مساعدة، أو رعاية المبدعين (الذين تقرر اللجان المختصة صفتهم كمبدعين).
من جانبي، أساير فكرة النوايا الحسنة، والرغبة في رعاية المبدعين، ولكني أتساءل عن المواصفات، أو الشروط، أو الخصائص، التي ترى (اللجان المختصة) أنها يجب أن تتوافر في كاتب أو مؤلّف أو شاعر، لتعطيه (صفة المبدع) وبالتالي تفرض له حق الرعاية والعون. بل أتساءل: ما هي المؤهّلات والمواصفات التي يرى الوزراء أن تتوافر في (عضو أو أعضاء اللجان) التي تقرر (صفة المبدع) المستحق للرعاية والعون.
استوقفني، رأي الدكتور علي البطل الذي قال إن هذا القرار (لا تنقصه النوايا الحسنة) وانتهى إلى التساؤل بقوله: (ثم... من المبدع أو غير المبدع، الذي ستضمه هذه اللجان المختصة؟ التي تصدر شهادات ميلاد للمبدعين بوصفهم مبدعين؟؟؟ ثم: من المبدع أصلاً؟... هل هو كل ممارس للإنشاء الفني أم لنوع محدود، وشكل محدَّد من أشكال الإبداع... وهل تشمل كل من يمارس، أم من يتميّز في ممارسته. وهل تشمل المنشئين أم يمتد نطاق حمايتها ليشمل النقاد بوصفهم مبدعين أيضاً؟؟؟).
وبعد... فلا بد أن نفهم وأن نعي أن صفة المبدع لا تقررها لجان... وفي العالم العربي، منذ مطلع القرن العشرين أجيال من قادة الفكر، لم تتقرِّر لهم صفة (المبدع) لجان متخصصة (رسمية)... وإنما الذي قررها لهم، جماهير القراء... بالإقبال على العمل الفني بمختلف صوره وأشكاله ومناحيه.
ولا يحتاج المبدع الذي تقبل على قراءته الجماهير، إلى المكافآت أو المساعدات، إذ إن الإقبال على أعماله، والتسابق على شرائها، واقتنائها، هو المكافأة الحقيقية التي يعتز بها المبدع، والتي تضعه في المكانة التي استحقها الإبداع.
ولا نحتاج إلى ذكر أسماء معيّنة من الشعراء والكتاب، فهم معروفون، وهم النماذج التي عايشت بفكرها وأحلامها، أجواء الحرية... وبعيداً عن أعين الوزراء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :696  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 60 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج