شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأستاذ عبد الغني قستي
في ساحتنا الثقافية أو الفكرية منذ بدأت تبدو لها الملامح والسمات التي يمكن أن تميّزها بحيث يصح أن تكون شخصيتها الخاصة، شخصياتٌ بلغ من أُلْفتِنا لوجودها حيث اختارت، أو حيث أريد لها أن تختار أننا فقدنا، الإحساس بنبضها - ولا أقول وجودها - ومرجع هذا الواقع أو منشؤه هو نوع لئيم وسخيف من تبلُّدِ إحساسنا، الذي يؤخذ علينا، ولا بد أن نتقبل الحساب عليه - إذ فرض وجود حساب من أي نوع - وفي الطليعة الشامخة من هذه الشخصيات، صديقي الحبيب الأستاذ عبد الغني قستي الذي استقال من عمله أخيراً كما علمت منذ أيام. والمثير للدهشة في شخصية الأستاذ عبد الغني قستي، أنه لم يكن الكاتب المغمور، أو الشاعر المجهول أو مدير التحرير الكسول... بل كان من كتاب الطليعة، تفكيراً، قبل جمال الأسلوب، ولكنها الحركة الهادئة، البعيدة عن التوتّر والتوتير. ولم يكن شأنه في ذلك التَّحسُّب لِلَّوم أو العتاب أو المؤاخذة، وإنما هي شأن نفسه الصافية النقية، التي ترى الخطأ مثلاً... وتطالب بإزالته أو الخلاص منه، ولكن بفلسفته الخاصة... وهي على ما فهمت من مخالطتي إياه: (ما دام المطلوب هو الإصلاح أو التصحيح، فما الذي نستفيده من الضجة والإثارة)... والمسألة عنده: ما إن يتم الغرض فالحمد لله... وأما أن يهمل ويطول السكوت عنه... فتلك مسؤولية في عنق ذوي الشأن والأيام كفيلة بأن تضعهم أمام النتائج التي يدركون عندها خطأَهم.
وكان ما أخذته عليه منذ عهد طويل، هو تذرعه بالصبر، وانطواؤه على ما يؤذيه أحياناً، مع أن الصحف التي ظهرت، لا ترحب به مديراً للتحرير أو حتى رئيساً فقط، وكان يمكن أن يهجر مكتبه... إلى مكاتب أكثر أبهة وفخامةً وجدْوى، ولكن هنا له فلسفته النابعة من أصالة عنصره... وأعني الوفاء لمن يعمل، وعمل معهم سنين وراءها سنين... كيف يجدهم في المكاتب الأكثر فخامةً وأبهةً وجدْوى... فإذا قيل له - وما أكثر ما قيل - إن صبرك ضرب في حديد بارد، - كان يقول ولكني لا أضرب في هذا الحديد، وإنما أمحو عنه الصدأ والغبار، مؤمناً أنه سيعود قطعة من الصلب غير قابلة للصدأ...
وكان الأستاذ عبد الغني قستي شاعراً رقيقاً... أظنه أصدر ديواناً أو دواوين... ومن حق شعره أن يصدر وأن تتداوله أيدي القراء، ليس من أقرانه فقط، وإنما من تلاميذه الكثيرين فإذا لم يصدر شيئاً حتى اليوم - وهذا أرجح الظن عندي - فلأنه يأبى على نفسه أو كرامته أن يعرض نفسه على دور النشر. وما أكثرها في هذه الأيام، وما أشد حرصها على أن تنشر الأشد رواجاً وهو كتب الرياضة ودواوين الشعر الشعبي... ولا يلامون، فذلك واقع الجماهير هذه الأيام.
والأستاذ عبد الغني قستي يكره ويستنكف، بل ويرفض أن يدور الحديث عن الدخل الذي خرج به من عمله... وقد لا يحز في نفسه كلام كما يحز في نفسه أن يقال شيء عن ضآلة هذا الدخل، بينما الكثيرون من (تلاميذه) يعدون من الأثرياء الكبار. ولكن الحقيقة يجب أن تقال... وليس لتلاميذه، أو من عمل معهم، وإنما - وبصراحة - للدولة مُمثلةً في وزارة الإعلام التي أعلم أن وزيرها معالي الأستاذ علي حسن الشاعر، لا تفوته أوضاع هؤلاء الذين انحنت ظهورهم على الورق في الصحف، وفي غير الصحف... وكانوا دائماً في خدمة مصالح الدولة، يكاد لا يوجد فرق كبير بينهم وبين قواتها المسلّحة... وما أكثر ما قيل والوزير أول من يعرف أن الإعلام... هو سلاح الدولة في الحرب وفي السلم على السواء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :737  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 52 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج