شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مفهوم التفوق في التعليم؟؟؟
شرفت بدعوة صاحب السمو الملكي، الأمير فهد بن سلطان بن عبد العزيز، أمير منطقة تبوك لحضور مهرجان، توزيع جوائز التفوق لطلاب مختلف المراحل، كما شرفت مرتين بدعوة صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية لمهرجان واحتفال توزيع جوائز التفوق على طلاب المراحل المختلفة أيضاً. وفي حفل سمو أمير منطقة تبوك، كان ضيف الشرف، سمو الأمير محمد بن فهد لأنه كان الأسبق بفكرة جوائز التفوق، يدفعها سموه، وينفق على مهرجانها الضخم الذي يدعى له المثقفون، والأدباء والمتخصصون في شؤون التربية والتعليم وأما في الحفل الأخير، في الدمام في المنطقة الشرقية فقد كان ضيف الشرف صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز، الذي يطيب لي أن ألقبّه بـ (أمير الشباب).
وفي المهرجانات الثلاثة، رأيت وعايشت ما بهرني من الجهود التي تبذل فعلاً لتكريم المتفوقين من طلاب مختلف مراحل التعليم، ومعنى الجهود، ذلك الإنفاق السخي، وعلى حساب الأمير مانحِ الجوائز والمُنفق على الاحتفال بها... وإلى جانب هذه الجهود المضنية بكل معيار ذلك السر المتواصل، ليلاً ونهاراً الذي يأخذه على عاتقه مدير التعليم في المنطقة ومعه ذلك الفريق الكبير المتميز بمشاعر الود والألفة تواجهك في الابتسامة العريضة، واللهفة على أداء ما يؤمن راحة المدعوين - وعلى الأخص منهم أمثالي من الذين يدرك القوم أنه إلى المزيد من العناية أحوج، وأجدر بالرعاية والعون.
ويضحكني على نفسي، إلى درجة السخر بل والاستسخاف، أني لا أسارع إلى الإبراق بعبارات الشكر على الفضل الذي غمروني به... والسبب - إن كان هناك سبب - فهذا النشاط المتخاذل الذي يخون الرغبةَ ويُقعدها، في انتظار من يَعين، ولا يستطيع، لأنّه يخفق في التعبير عما في النفس من الامتنان وهو كثير كبير.
وبعد، فلأقف عند مفهوم التفوق الذي أخذ الأميران الكريمان على عاتقهما تكريمَه ومنحه هذه الجوائز السخية، والاحتفال أو المهرجان الكبير.
لست من رجال التربية والتعليم طبعاً، ولم يتح لي أن أتفهّم أو أرى نموذجاً للتفوق الذي استحق المتفوق عليه الجائزة السخية من الأمير الحكيم... ولكن استسمح رجال التربية والتعليم أن أسألهم: (هل التفوق هو حصول الطالب على (درجات ما فوق جيد جداً) كدرجة (ممتاز) مثلاً في المواد التي اعتبر متفوقاً فيها؟؟؟ وهل حصوله على هذه الدرجات لأنه عند الاختبار وجد (حافظاً) المادة أو المواد التي استحق فيها درجة التفوق؟؟)، وأعني بكلمة (حافظ) هذا الحفظ (الصَّم) أم أن حصوله على درجة التفوق هذه لأن اختباره أظهر أنه (فاهم)؟؟ وفاهم هذه تعني أن الطالب استوعب المادة، وناقشها وفهمها الفهم الراسخ، الذي سوف يمهّد له استيعاب وفهم ما سوف يليها في المراحل القادمة من موضوعها؟؟
بالنسبة للمواد الدينية، وفي مقدمتها القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة وقواعد التوحيد والفقه، والتجويد، قد يكون الحفظ (الصم) هو معيار التفوق، الذي يستحق معه الطالب درجة التفوق والامتياز... تلك قضية مفروغ منها تماماً.
ولكن ماذا عن المواد الأخرى؟؟؟ هل (الحفظ) هو مؤشر التفوق؟ وعندئذ... ماذا عن الاستيعاب والفهم وإفساح مجال المناقشة والحوار اللذين يشعلان شرارةَ البحث ويؤهلان الطالب للمراحل القادمة في حياته العلمية.
واستسمح الأساتذة الإجلاء من رجال التعليم أن أقص عليهم قصة أذكرها من أيام زمان، وقد يذكرها الأستاذ الصديق محمد حسين زيدان. إذ كنا زملاء في مدرسة واحدة، ولكنه في سنة متقدمة عني، وكنت مع مجموعة من زملاء منهم السيد عبد الرحمن طه، وهو شقيق السيد حسين طه مدير المدرسة وأستاذ الرياضيات فيها.
كانت أنظمة المدرسة تقضي، بأن يمنح المتفوقون ظهر يوم الخميس من كل أسبوع شهادات تبدأ من: (تلطيف) مطبوعة بحروف ذهبية... يذكر فيها أن التلميذ استحق التلطيف لتفوقه في مادة الحساب مثلاً... فينادى عليه أمام صفي التلاميذ، ويقرأ التلطيف بصوت عال ثم يتناوله التلميذ ليعود إلى مكانه في الصف... وهناك (التحسين) شهادة مماثلة ولكن الورقة أكبر حجماً... وتمنح لمن كان تفوقه أكبر أو أفضل... ثم بعد هذا (التحسين)... يأتي (الامتياز)... وهو ورقة أكبر حجماً من الاثنين... يقرأها (المراقب) بصوت جهوري عال... ويتقدم التلميذ لتناولها بين تصفيق الصفين من التلاميذ... والامتياز شهادة نادرة... قد لا تصدر إلاّ مرتين أو ثلاثاً طوال العام.
ومع هذا المهرجان لتوزيع شهادات التلطيف والتحسين والامتياز... هناك (حصيرة الغضب) التي نجدها (مبسوطة) أمام المراقب، وعليها (الفلكة) و(الخيزرانة)... ومفهوم أن كل ذلك معد ليس فقط للكسالى وغير المتفوقين، وإنما قبل ذلك لمن يسوء سلوكهم في المدرسة أو في الشارع أو في البيت... لأن الشارع... والبيت، كانا يزوّدان المدرسة بأي سلوك يرفضه المجتمع ككل. وفي يوم خميس مما وصفت... كنت أقف في الصف مع زملائي... وفي تقديري أني سأدعى إلى (حصيرة الغضب) لأني (تضاربت) مع زميل هو (السيد ناصر غوث) رحمه الله و(فقشت) جبهته بحجر أسال دمه الذي رفض أن يكون (مدفوناً).
ولكن ما كان أشد وقع المفاجأة في نفسي، حين ناداني المراقب باسمي... قبل توزيع شهادات التلطيف والتحسين والامتياز... وكانت عمليات (حصيرة الغضب) تأتي في العادة بعد توزيع الشهادات... ترددت في الحركة... بل لم أتحرك، إلى أن ناداني مرة أخرى... لم أكن أتوقع تلطيفاً ولا تحسيناً ولا شيء من ذلك أبداً... ولكن الزميلين إلى جانبي لكزاني... ودفعاني... فمشيت متخاذلاً (مكسوفاً) متوقّعاً أن (فقشة) السيد ناصر غوث، كانت هي التي عكست العادة...
ووقفت أمام المراقب فإذا بيده أكبر الشهادات... شهادة الامتياز - وباسمي، وذلك لنجاحي وتفوقي في مادة (التوحيد)... وصفق التلاميذ... وتناولت الشهادة وأنا لا أصدق شيئاً وأرجح أن المسألة فيها خطأ ما.
واستأذنت... وقابلت أستاذ المادة، وكان الأستاذ محمد صقر يرحمه الله... واستسمحته أن أسأله عن سبب منحي شهادة الامتياز؟؟؟
قال باختصار شديد... وهو يضع يده على كتفي... (لأنّك لم تكن تحفظ الأدلة... وإنما كنت فاهمها... كان عقلك هو الذي يستدل... وإذا منحك الله هذا الفهم فسوف تكون أفضل مما أنت عليه الآن.
فالسؤال إليهم إلى المتخصصين في التربية والتعليم عن التفوق: (هل هو للحفظ الصم) أم (للفهم)؟؟؟.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :751  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج