شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
موقف العرب والمسلمين... من المتغيرات حولنا
أما المتغيرات من حولنا فهي التي تتوالى، ونكاد لا نستقبل اليوم الجديد من أيامنا إلا وأمام أعيننا مشاهد حركتِها، متسارعة، صاخبة، هادرة، تبشر بأن العالم مع بداية العقد الأخير من هذا القرن، قد بدأ خطواته الأولى، نحو حياة، الجديد فيها - والخطير في نفس الوقت - إن الذي يخطط لمسيرتها لم يعد مركز السلطة التقليدي في الكريملين وإنما هو (الشارع)؟‍‍!... جماهير الشعب في هذا الشارع، هي التي ترفع شعارات لم ينظِّر لها المنظّرون وراء الجدران، ولم تعلنها أو تصخب بها الإذاعات أو شاشات التلفزيون ومعها المارشات العسكرية، التي تُنذر بأن على الذين يسمعون أن يطيعوا، وعلى الذين يشاهدون أن يعو... شعارات ليس فيها جديد... بسيطة، وعفوية، يدرك مضمونها حتى الأطفال. وتلخّصها كلمة واحدة هي (الحرية)... وحق الإنسان في هذا الشارع أن يرفض ما ظلّت تنظّر له وتفرضه مراكز السلطة التي بدأت تمارس تنظيرها منذ سبعين عاماً، واستطاعت أن تنتشر وأن ترسّخ هذا التنظير في عالم عرفت كيف تستثمر معاناته الموروثة عبر قرون، وليس في أوروبا وحدها، وإنما في العالم على رحبه. لأنه كان عالم ما بعد الحربين العالميتين بكل ما تركتهما في حياة البشر من جراح، وفي تاريخهم، من عظام الملايين، انطوت عليها الأرض وكأنها انطوت على بذور نبات تنشق عنه التربة، في هذه الأيام، ليرى العالم في القرن الحادي والعشرين، إنساناً جديداً قد أدرك بما فيه الكفاية، حقه في أن يرفض ما يفرض عليه، وأن يتمتع بحقه في أن يعيش الحلم الذي آن له أن يراه حقيقة قادرة على أن تهدم سور برلين، وأن تقتلع تشاوتشيسكو من حصونه، رغم ما أراقت قواته الغاشمة من الدماء وأن تسقط حكم الحزب الواحد، في أوروبا الشرقية كلها، ويكون ذلك هو أضخم إنذار يتلقاه عالم الحكم الشمولي، في كل بلد زرعت فيه الماركسية العالمية بذورها...
ومع هذه المتغيرات العاصفة، لا بد أن نتساءل عن موقف العرب والمسلمين منها... بل أن نتساءل هل يمكن أن يكون لهم موقف معيّن أو مواقف، تدرك حقيقة أن (الشارع) هو الذي أصبح مركز السلطة القادرة على أن يرفض ما يفرض عليه، مما لا يتفق مع حقه في حياة كريمة، يعيش فيها الحلم الذي طال انتظاره، زماناً تجاوز عدداً من القرون...
ما أكثر مَنْ يصفق وهو يسمع أو يشاهد حركة هذه المتغيرات من حولنا، لأن الراسخ في وعيه، أنها متغيّرات تتناول الحكم الشمولي أو الشيوعي أو الماركسي... وهو الحكم الذي لم تتوقف أجهزة الإعلام في العالم العربي والإسلامي عن التنديد به، وتبصير الناس بما فيه من ظلم واستبداد وطغيان، ولكن هل تنبّه هذا الذي يصفق، لسقوط تشاوتشيسكو، وهدم سور برلين، وقبل ذلك دراما الميناء السماوي في الصين، وسقوط حكم الحزب الشيوعي في بولندة، والمجر الخ... هل تنبّه إلى أن الذي يقوم بكل ذلك هو (الشارع)، وليس المنظّرين في الكريملين، أو في غير الكريملين من مراكز سلطة الحكم الشمولي؟؟؟
إنها المرة الأولى، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، التي يستطيع فيها (الشارع) أن يكون المنظِّر، وصاحبَ الكلمة، والقادر على أن يهدم الأسوار، ويسقط رؤساء الحزب الواحد من كراسي الحكم.
وفي ذلك ما يستحق - فيما اعتقد - أن يكون للعرب والمسلمين معه موقف أو مواقف تعرف، كيف تتعامل مع نتائج هذه المتغيرات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :856  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 46 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج