شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أوروبا جديدة... لا تحتاج أميركا
حتى اليوم، ليس هناك في أجواء العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة دول حلف الأطلنطي، أو مجموعة الدول الأوروبية ومنها إنجلترا بشيء من غطرسة وتأبّي السيدة مارغريت تاتشر، ما يُلمح إلى أن يوماً ما سوف يأتي، تشعر فيه أوروبا بأنها تستطيع أن تعيش دون حاجة إلى المظلة الأمريكية. ولكن الأحداث التي تفاجىء العالم كل يوم تقريباً، في دول أوروبا الشرقية، والتي يبدو، وكأنها تقتحم الحواجز بينها وبين جيرانها في أوروبا الغربية... هذه الأحداث تقول إن ميلاد (أوروبا واحدة)، ينتظمها كلها إطار ((القارّة)) ربما باستثناء الاتحاد السوفيتي الذي سوف يظل وحده (قارة) من جهة، وقوة عظمى من جهة أخرى. ذلك هو ما سوف يضع النهاية لمراحل من تاريخها، بكل ما كانت تعانيه بلدانها من تحولات بينها الحروب الطاحنة، والصراعات الساحقة، إلى جانب نظم الحكم المتناقضة. وقد كانت الكنيسة تتمتع بذلك السلطان الخرافي، الذي يمنح صكوك الغفران، التي تتيح لحاملها أن يدخل الجنة دون حساب أو عقاب... وكانت هذه الهرطقة، هي الطريق الذي أخذت تسلكه دول أوروبا واحدة إثر الأخرى إلى (العلمانية) أو (الليبرالية)... حيث تم في النهاية فصل الكنيسة عن الدولة، أو عن الحكم بمختلف دساتيره وقوانينه، ومنها (الديموقراطية) وأيضاً بمختلف مفاهيمها ومضامينها.
((أوروبا واحدة))، في إطار ((القارة))، بالكثير المتوافر من إمكانياتها، صناعةً وإنتاجاً وزراعة، وكذلك (تسليحا) تقليدياً، أو متطوراً تكنولوجياً، سوف تستغني عن المظلة الأمريكية، مما يمكن أن يعيد الولايات المتحدة إلى عزلتها القديمة واكتفائها بأن تجد في أوروبا بل وفي العالم كلّه الأسواق لمنتجاتها، التي سوف تجد المنافسة على هذه الأسواق، في أوروبا (القارة) الواحدة... ثم في اليابان... وليس مما يسقط من حسابها، أن الصين، حين تظل سوقاً كبرى، سوف تصل في يوم ما، إلى أن تكون هي أيضاً (حجماً أسطوري الضخامة) لا تسقط أي من الدولتين العظميين من حسابهما، الخطر على العالم من جهة... وعلى أسواق الاستهلاك من جهة أخرى.
وليست بنا من حاجة إلى أن نعود بالذاكرة إلى الأسباب التي أخرجت أميركا من عزلتها وأتاحت لها أن تكون هذه القوة الهائلة، ولقد استفادت من انطلاقها من قيود عزلتها كما استفادت - وبمستوى أضخم وأهم - من وجود الاتحاد السوفيتي أو ظهوره بعد الحرب العالمية الثانية كقوة عظمى، لا تنام عنها عين أميركا، ومعها كل دول أوروبا... ولذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه - في مواجهة النتائج المحتملة للأحداث المتلاحقة، هو: هل يطيب لأميركا والأميركيين، أن يعودوا إلى عزلتهم؟؟؟
لأميركا الآن في ألمانيا ثلاثمئة ألف جندي، ولها بالطبع في هيكل حلف الأطلنطي صواريخها، وما لا حصر له من أسلحتها المتطورة، الموجّهة إلى أهدافها في الاتحاد السوفيتي فهل يمكن أن تسحب كل هذه القوات، من أوروبا؟؟؟ بل هل يمكن أن تتقبل أوروبا (القارة) فكرة، أن تظل وحدها على مرمى حجر من الاتحاد السوفيتي؟؟؟
كل ذلك، ليس أكثر من أحلام بالنسبة للوقت الحاضر... ولكن من كان يتصور، ثم يصدّق، أن تشهد دول أوروبا الشرقية، ما تشهده، ويشهده معها العالم في هذه الأيام؟؟؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :760  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الخامس - حياتي مع الجوع والحب والحرب: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج