شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مشكلة البشر... مع الغذاء
في آخر تعداد لسكان الهند كان العدد يتجاوز ثمانمئة مليون. ولا حاجة إلى معرفة عدد سكان الصين إذ معروف أنه قد تجاوز الألف مليون منذ سنين. ورغم كل ما تتصايح به الدول المعنية من النذر، فإن زيادة عدد السكان مستمرة وبإصرار تؤكده - على سبيل المثال حملات الصحافة المصرية، ووسائل الإعلام الأخرى. إذ ما أكثر ما نشهد أما تقول وهي تبتسم (للست المذيعة) إن عندها ثمانية أولاد وبناتاً... وكانت أنديرا غاندي أشد جرأة من أي سلطة في العالم، حين واجهت المشكلة بتعقيم كل رجل عنده ثلاثة إلى أربعة أطفال... وقد عقمت سبعة ملايين ونصف المليون من الرجال... ولو عاشت لما توقفت عملية التعقيم... وفلسفتها - أو هو منطقها - يكفي الأسرة أن تنجب من ثلاثة إلى أربعة مواليد ذكوراً أو أناثاً، وما زاد على هذا العدد فخطر يهدد مستقبل الهند، التي لن تستطيع أن تؤمن للشعب حاجته من الغذاء... فضلاً عن الطب والعلاج... والتعليم... دع عنك الكساء، والسكن الخ...
ولعلّ الغذاء يأتي في مقدمة المشاكل التي تواجهها زيادة عدد السكان... والغذاء بالنسبة للكائن البشري، بتكوينه الخِلْقي، يختلف عن الغذاء بالنسبة لكثير من المخلوقات... من الأغذية الأساسية بالنسبة للبشر، (اللحم)... أو (البروتين). فهو مادة ظهر الإنسان على سطح الأرض، وهو لا ينام ليلَته في كهفه، حتى يكون قد اقتنص حيواناً يأكل لحمه (نيئاً) قبل اكتشاف النار... وهو لا يزال محكوماً بهذه الخصيصة، ولن يتخلص منها بكل ما يقدم له من أغذية بديلة مثل (فول الصويا) الذي يُعالَج ويُعطي نكهةَ اللحم وطعمه، ولكنه يظل مرفوضاً إذا وجد اللحم.
ومما يزيد من تعقيد وتضخم مشكلة الغذاء بالنسبة للبشر، اقتراب بعض الدول المنتجة للحوم والحبوب من حافة العجز عن تصدير الفائض كما هي الحال الآن... وليس ذلك نتيجة لمواسم أو حالات الجفاف الطارئة... وإنما لأن عدد سكان هذه البلدان يتزايد... ويطلب الفائض لنفسه... ولا يدري أحد ماذا تكون الحال، إذا تضاءلت القدرة على استيراد الحبوب واللحوم بأنواعها من بلدان مثل أميركا... وكندا، وأستراليا.
مما يبعث على شيء من الاطمئنان أن الثمانمئة مليون هندي، ليسوا كلهم من أكلة اللحوم... أكثر من 75% منهم نباتيون... مما يبعث الأمل في أن تكون الهند بلداً مصدراً للحوم (المعيز والخرفان) - وليس الأبقار - لأن البقرة كما هو معلوم حيوان يعتبرها الهنود أمّهم فلا سبيل إلى ذبحها وتصدير لحمها، كما تفعل أميركا مثلاً.
نحن سكان المملكة العربية السعودية ومعنا دول الخليج العربية، نأتي في مقدمة الشعوب آكلة اللحوم... والقمح والأرز... ومع ما يبدو من وفرة إنتاج الخرفان بأنواعها فإننا نعلم أن الاستيراد لم يتوقف قط، وبمئات الألوف من الخرفان - ولا أدري عن الأبقار والجواميس ونحمد الله، فإننا حتى اليوم لا نشكو من تزايد عدد السكان، ولكننا نتزايد على كل حال، وإذا عرفنا نسبة الزيادة السنوية الآن... فإننا سنصل إلى ما سوف يكون عدد سكان المملكة والدول الخليجية بعد مئة عام مثلاً.
ومن المفروغ منه أن مشكلة الغذاء، تتقدم الكثير من المشاكل في العالم، والأمم المتحدة معنية بها ولها تقاريرها المنذرة والمحذرة، التي تكاد لا تتوقف.
وأمام هذا الواقع، أعتقد أن العلم يضع المشكلة، في مختلف حسابات الكومبيوتر، والعلماء عاكفون على دراسة جميع الاحتمالات والحلول، المحتملة. وليس بينها - على الأرجح عملية التعقيم التي نفذتها أنديرا غاندي... ولكن لا أشك أن من أهمّها الوصول إلى الوسائل التي (تصرف) البشر عن شهوة أكل اللحوم... وأقول (تصرفهم) ولا أقول (تمنعهم)... والأمثلة الحية لإمكان الحياة، (الصحية الجيدة، بل والقوية)، في جميع الحيوانات التي لا تأكل اللحوم ومنها (الفيل) و(الجمل) و(الحصان) وكذلك (الحمار)... أنها مخلوقات أقوى عشرات المرات من البشر... فإذا استطاع العلماء أن يجدوا وسائل (صرف) البشر عن شهوة أكل اللحوم، فإن ذلك لا يحل مشكلة الغذاء فقط، وإنما يحل مشاكل أكثر خطراً، وهي الحروب التي كثيراً ما كانت الحاجة إلى الغذاء من أسبابها.
هناك، طبعاً - كمرحلة لحل مشكلة الغذاء - استزراع الصحارى... كما أن هناك الاستفادة من مياه نهر الأمازون التي تستطيع أن تروي كل صحارى العالم إذا عنيت التقنية بتوزيعها. وليس أسهل من ذلك... إذا لم يغب عن أذهاننا، أننا نوزّع البترول من أقصى العالم إلى أقصاه ولكن، كل هذا لا يغني عن وسائل (صرف) الإنسان عن شهوة أكل اللحوم... ومثلها الحبوب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :798  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 40 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج