شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إنسان العالم العربي... ليس إنساناً
واحرص على تضييق دائرة مَنْ يسمى (إنساناً) في العالم، لأحصره في العالم العربي. وإن كنت لا أجهل، أن ما يسمّى العالم الثالث كلّه، يمكن أن نصف إنسانه، ملايين أو مئات الملايين من البشر فيه بأنه، لا ينطبق عليهم وصف (الإنسان).
وأنا أحصره في (العالم العربي) لأنه هو الذي نرى، ونلمس، ونعايش واقعه، الذي يؤكد أنه ليس (إنساناً) بالمفهوم الذي عناه، ولا يزال يعنيه (إعلان حقوق الإنسان) الذي يحتفل (العالم اليوم)، بذكراه، أو بذكرى إعلانه في العاشر من أوكتوبر عام 1948.
والعالم العربي يوم ظهر إعلان حقوق الإنسان، كان عدداً من الدول لم تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة لأن بقية الدول (الاثنتين والعشرين اليوم) لم تكن قد تخلّصت بعد من الاستعمار ولكن هذا لا ينفي قطعاً أنها دول أو شعوب موجودة، ومن حقها أن تكون لها (حقوق الإنسان)، لأن هذه الحقوق، لم تكن أصلاً (للدول والحكومات) وإنما (للإنسان...) إطلاقاً.
ومنذ عام 1948، وحتى اليوم كان الإنسان العربي، يعاني حالة مخاض... بالنسبة لهذه الحقوق... بمعنى أنه كان ولا يزال موجوداً، ولكنه وجود بلا حقوق. كان ولا يزال موجوداً، ولكنه (مُبعد من مظلة الحقوق التي تقررت وشملت (الإنسان) على سطح هذا الكوكب).
ولا ينبغي أن يفغر أحد منا فمه، مندهشاً، وهو يتوهّم أنه يتمتع بهذه الحقوق... وأن أنفي أنا تمتعه بها مقولةٌ تتجاوز الواقع المشهود.
ويطول البحث والشرح، والحوار، إذا تطلع القارئ - وأنا معه - إلى التماس وجود أو عدم وجود هذه الحقوق في حياة الإنسان، الذي هو أنا... وأنت... وهو... وكل منا يمثل الملايين العربية في الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه... ولكن يكفي أن نقول إن المشاهد التي تعرضها علينا الشاشة كلَّ مساء، لهذا الإنسان الذي تقتنصه رصاصات الوحش الإسرائيلي المدجّج بالسلام حتى أسنانه، تقدم لنا الكفاية، ليس من واقع الفلسطيني في الأرض المحتلة... وإنما من واقعنا نحن... على مقاعدنا أو أسرتنا، وهذه المشاهد تتلاحق أمامنا... مشاهد الصبية الأبرياء والبنات... والعجائز، وكل ما ملكوه من سلاح هو حجارة الأرض... التي يقذفونها ليتلقوا في مقابلها الرصاص... وسيل الدماء.
أميركا من أوائل بلدان العالم التي وقعت إعلان حقوق الإنسان... ومثلها هذا الاتحاد السوفيتي... ثم بقية الدول الخمسين... فأين هؤلاء جميعاً من حقوق هذا الطفل، الذي يذبح وهذه الصبية التي تسقط مضرجة بالدماء... أين حقوق الإنسان من هؤلاء؟؟؟ أليس الصحيح الماثل والمشهود، إن أميركا، ومعها جميع دول العالم، قد أجمعت على أن هذا الإنسان ليس إنساناً؟؟؟
إن ما تعرضه الشاشة كل مساء، يراه مثلنا العالم كله... وهذا العالم يعرف أن هناك حقوقاً، للإنسان... فكيف، وبأي منطق... تلتزم الدنيا... وليس أميركا وحدها الصمت... والتجاهل، وإدارة الظهر لهذا السافر المعلن والمشهود من انتهاك حقوق الإنسان.
وجود... أو عدم وجود هذه الحقوق في حياة الإنسان العربي، سؤال لا يوجهه هذا الإنسان إلى العالم، بكل دوله... وإنما يوجّهه إلى نفسه... سؤال يقول: (هل أنا إنسان حقاً؟؟؟).
ولن يجد جواباً إلا أنه ليس إنساناً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :870  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج