شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مخارج... للإنقاذ والنجاة
في (أوراق محرر)، من هذه الجريدة، كتب الأستاذ علي أحمد الشمر عمّا أصبحت البلديات و(الأمانات) - الجديدة كما سمّاها تطالب به ملاّك العمارات والمباني السكنية من استهداف التناسق والتواؤم اللذين يحققان الجمال والمظهر اللائق بالنهضة العمرانية التي تنعم بها البلاد، وحين لا يجد مأخذاً، في هذا المطلب، بالنسبة للمباني الجديدة أو التي تجري إقامتها، فإنه يقف عند مطالبة أصحاب المساكن والعمارات وملاك العقارات السكنية كافة بإدخال إصلاحات وتعديلات تتناسب مع متطلبات التنظيم الجديد، إذ يرى أن المسألة ليست من البساطة بحيث تتم بجرة قلم، نظراً لأن أصحاب هذه المساكن من المواطنين يتفاوتون في قدرتهم على مجازاة أو تنفيذ هذه التعليمات. إلى آخر ما رأى وقال.
ولا أدري من جانبي شيئاً عن نوع هذه الإصلاحات والتعديلات التي أصبحت البلديات والأمانات تطالب بها أصحاب المساكن، ولكن الذي أدريه ويدور بذهني منذ زمن طويل، وأجده مُلحًّا أشد الإلحاح، كلّما سمعت عن حادث حريق، لمسكن أو عمارة، أو فيلا، يعجز سكانها عن النجاة من اللهب والدخان، وتساقط الأنقاض، مما يذهب بأرواح هؤلاء السكان، وأقرب هذه الحوادث، ذلك الحريق الذي ذهب ضحيته ست صبايا من بنات السيد أحمد سعيد... هو ظاهرة افتقار جميع المباني، وعلى الأخص منها العمارات ذات الطوابق المتعددة، إلى ما يسمّى (مخرج) (Exit) يتيح للسكان في حالات الحريق، النجاة بأرواحهم بالخروج السريع دون التعرض للهلاك.
في لندن - على سبيل المثال - ندر أن دخلت مبنى للسكن، أو إدارة الشركة، أو مصلحة حكومية، ولا أجد في الممر، لافتة حمراء مضيئة كتب عليها (Exit)، (مخرج) وهو ليس مخرجاً يُرتفق للدخول أو الخروج من الطابق الذي تكون فيه، وإنما هو مخصص للخروج في حالة حوادث الحريق، أو أي حادث يفرض الإسراع بالخروج طلباً للنجاة من الهلاك.
ومثل ذلك في نيويورك، وسان فرانسيسكو، ولوس أنجيلوس، كنت أرى في معظم المباني سلالمَ معلّقةً على جدران العمارات، ومتدلّيةً من البلكونات، لتصل إلى التي تليها منتهية إلى الشارع، وعندما استغربت وسألت، قيل لي إنها معدّة للخروج طلباً للنجاة من الحريق.
أما عندنا، وفي جميع المدن، ثم في جميع العمارات الضخمة، التي أتيح لي أن أدخلها لم أر تلك اللافتة، التي تقول (مخرج)، مما يعني أن السبيل الوحيد للخروج في حالات الحريق على الأخص، هو ((السلالم))، التي نستطيع تصور ارتفاقها إذا كان الحريق في الطابق الواقع أسفلَ، الطابق الذي يهرول منه السكان طلباً للنجاة... ودع عنك التزاحم ومشكلة حمل الأطفال، وصيحات الرعب، وما إلى ذلك مما يزيد من احتمالات الهلاك والعياذ بالله.
أعتقد أن الأهم، في التنظيمات التي تطالب بها الأمانات أو البلديات - قبل المظهر ولمسات التجميل، والرغبة في التناسق والتواؤم مع النهضة العمرانية، كما أفهم من كلمة الأخ أحمد الشمر، هو فرض وجود هذا المخرج (Exit) في كل مبنى، أياً كان حجمه، ونوعه، إذ من المفروغ منه أن النجاة من الهلاك، من حصار اللهب والدخان وتساقط الأسقف والجدران، أهم ألف مرة، من أي مظهر، ومن أي تنسيق.
ربّما كان جهاز (الدفاع المدني)، هو الجهة التي تملك أن تفرض وجود هذه المخارج حتى بالنسبة للأبنية القائمة، على اختلافها، بل وحتى لو كانت المخارج تشبه تلك السلالم المعلّقة والمتدلية على الجدران التي رأيتها في أجمل الشوارع في أميركا.
الأرواح أغلى، والعمل على توفير الوسائل لنجاتها، هو ما يجب أن يكون المطلب الأهم في كل تنظيم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :770  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 27 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.