شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نموذج للفكر الإسلامي... والمفكر محمد صلاح الدين
يندر جداً أن أتجاوز عن قراءة ما يكتبه الأستاذ محمد صلاح الدين، فيما ينشر له في صحفنا، ومنها - إذا لم تخني الذاكرة المتعبة - جريدة المدينة المنورة الغرّاء. وإذا كنت أنسى الصحف التي تنشر له، فإني لا أنسى ما يتألّق من أفكاره، في مقالاته الموجزة والإيجاز كما قال ابن قتيبة، (الكثير مما تريد في القليل مما تقول)... وفي مقالات وكلمات الأستاذ محمد صلاح الدين، الكثير مما يريد في القليل مما يقول، ومن هذا الكثير، الذي لا ينسى نبض فكره الإسلامي، الذي قد لا أجازف إذا قلت، إنه يتميّز، بالحرص على إظهار ما في العقيدة السمحة من جوهرها البعيد كل البعد عن التطرّف، لأن هذا الجوهر، في حقيقته يتعارض مع أي اتجاه متعنّت أو متطرّف، أو متجمّد، يرفض الحوار في محاولة للفهم...
ولقد منّ عليّ منذ يومين، بإرسال صورة من مقالين له، ربّما بدا له أني لم أقرأهما مع أني قرأتهما، بشحنة من الإعجاب والتقدير والتطلع إلى المزيد. ولي معه، عندما يتاح لقاء حوار يغلب عليه الهمس، إذا كان المكان مزدحماً بالرواد، كما يغلب عليه من جانبي التساؤل والرغبة في استيضاح ما أوقن أنه يحسن الرأي فيه مدعماً بالحجة القاطعة نصوصاً يحفظها.
أحد المقالين، حوار مع فصل بعنوان (موقف الإسلام من الحرية الشخصية) في كتيب من مؤلّفات الشيخ عبد الله سلامة الجهني، يقول فيه الشيخ: (إن علماء الإسلام لم يتحدثوا عن موقف الإسلام من احترام للحرية الشخصية للإنسان بأسلوب يتناسب مع متطلبات العصر العلمي والثقافي).
وكان ما جاء في مقال الأستاذ محمد صلاح الدين رائعاً وعميقاً بكل معيار. إذ أعاد إلى الأذهان الغافية حقائق حسم الإسلام فيها قضية الحريات الشخصية، حسماً سبق معظم ما عرفته الإنسانية عن هذه الحرية في تاريخها الطويل. ومن ذلك قوله: (لقد قضى الله سبحانه أن تقوم الحياة الإنسانية كلها على أساس من حرية الاختيار من مبدئها إلى منتهاها. وأمر عزّ وجل أن يكون ذلك مدار الوجود البشري كله ومناط التكليف وأي مساس بذلك هو خروج على شرعه سبحانه ومحادَّة لأمره ولا يفعل ذلك إلا الطواغيت الذين يجعلون من أنفسهم أنداداً له سبحانه - وأرباباً للناس من دونه. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً). ثم يقول: (إن المتأمّل في دعوة التوحيد التي جاء بها الرسل جميعاً من لدن آدم عليه السلام، لإفراده سبحانه بالربوبية والتوجه إليه وحده بالعبادة، لا بد أن يدرك بأنها ((دعوة لتحرير الناس من كل استعباد، واستنقاذ رقابهم من كل تسلّط والحفاظ على حرّياتهم من كل عدوان)).
وليس يعني ((التوحيد)) في حقيقته إلا رفض تسلط الناس على الناس، والثورة على طغيان البشر، والوقوف في وجه استرقاق العباد للعباد ((وليس لهذه الدعوة من مدلول إلا أن يتيقّن كل إنسان أنه لا سلطان على ضميره أو عقله إلا لخالقه... ولا وجود لقوة قاهرة من فوقه إلا لربّه)).
ويختم الأستاذ محمد صلاح الدين مقاله القيم العميق، والموجز أيضاً، بقوله: - (وأي مجتمع إسلامي لا يعكس هذا الجانب الأغر من الشريعة السمحة ولا تزدهر فيه الحريات ازدهاراً عظيماً، عليه أن يراجع إسلامه، وأن يدرس بدقة صحة تطبيقه والتزامه بشرع ربّه).
ويضيق مجال هذه الكلمة، عن الحديث عن المقال الثاني، الذي يرد فيه على الدكتور محمد الرميحي، رئيس تحرير مجلة العربي فيما نشر له في مجلة (المجلة) بعنوان: (الرأي العام ورأي العوام). والأستاذ محمد صلاح الدين يضع لمقاله عنواناً يلخّص رأيه الذي حرص فيه على الالتزام بأدب الحوار على أكمل وجه، وهو - وأعني العنوان - (منطقكم مرفوض لأنه يؤصّل احتقار الجبابرة لسواد الناس). ومن هذا الرفض ينطلق الأستاذ محمد صلاح الدين ليقول الكثير مما أنصح أن يقرأه كل مثقف، ليس في المملكة فقط، وإنما في العالم العربي كلّه، ليدرك من جوهر الإسلام والعقيدة السمحة، ما يزيح عن فكر الإنسان العربي في هذه الفترة من مسيرته ما ينتشر فيه من الضباب.
وبالمناسبة فقد أذكر للدكتور محمد الرميحي، رأياً أبداه في (ورقة عن الإعلام) في اللجنة التي رأسها الدكتور فهد العرابي الحارثي، في المؤتمر الصحفي الكبير الذي دعا إليه صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز في القاهرة حول ((التنظيمات الأهلية)) ناقشه الدكتور الحارثي، مناقشة فيها مفهوم الرفض لبعض ما جاء في الورقة، كما ناقشه عدد كبير، من حضور الحوار، بآراء تميل إلى النقد والاعتراض.
وعلى أية حال، فقد يكون مما يُحمد للدكتور الرميحي، أن يطرح من الآراء ما يدفع إلى الحوار... وبالحوار نقترب من الحقائق التي كثيراً ما تغيب عن الأذهان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :747  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 26 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.