شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الإيجاز... مطلب الإعلان
تخونني الذاكرة الآن، ويختفي الكتاب، الذي أشك في أن يكون قد استُعير ولم يُعَد، لأنه من الكتب التي يزهد في قراءتها جيل هذه الأيام... ولكني لا أشك في أن مؤلّفه هو ابن قتيبة... تخونني الذاكرة في اسم الكتاب، هل هو: (أدب الكاتب) أم (أدب الكُتَّاب)؟؟ على أية حال ليس هذا هو الموضوع، وإنما الموضوع هو (الإيجاز) الذي أقول إنه مطلب الإعلان.
في إحدى كنَّاشاتي تعريف للإيجاز، لابْن قتيبة، يقول: (اجمع الكثير مما تريد، في القليل مما تقول)، وفي الكناشة تعليق لي، وموجز كل الإيجاز أيضاً، قلت فيه: (إنه الإعجاز... والمطلب الذي يصعب أن يصل إليه الكاتب مهما كان متمكناً من فنّه).
واليوم أجد أن هناك علاقة شبه عضوية، بين (الإيجاز) وبين (الإعلان). ولقد اكتشفت هذه العلاقة، في هذا الذي أكتبه يوماً بعد يوم، وآخره المقال الذي نشرته هذه الجريدة بعنوان: (التجنيد هو الحل)... فقد حرص المخرج، أن ينشر المقال، ولكن ببنط يصعب أن يُقرأ دون الاستعانة بعدسة مكبّرة أو ربما (بمايكروسكوب)... وهذا بالنسبة لأمثالي في هذه المرحلة من العمر. ولا تسألني عن العلاقة بين المقال، والبنط الصغير جداً، والإعلان... يكفي أن تلقي نظرة على الصفحة لترى هذا الإعلان الذي تمطَّى واستراح على نصف مساحة الصفحة طولاً وعرضاً. فلم يكن أمام المخرج - عفى الله عنه - إلاَّ أن يوفّق بين حرصه على نشر المقال، وبين التزامه بنشر الإعلان على هذه المساحة، إلاّ أن يضغط البنط. وكأني به قد واجه احتجاج القرّاء بكلمة موجزة جداً وهي: (ليست مشكلتي) وعليهم أن يجد العدسات المكبّرة وأمرهم إلى الله.
وبعد أن ألقيت العدسة المكبّرة من يدي، وتنفّست الصعداء، وراجعت نفسي، وتساءلت: هل كانت الفكرة في هذا المقال تستلزم هذا التطويل؟ ألم يكن في وسعي أن أوجز فأتيح للمخرج أن يأخذ راحته في نشر الإعلان، دون أن يلجأ - من جانبه - إلى ضغط البنط؟؟ وتذكرت تعريف ابن قتيبة رحمه الله، للإيجاز، أن أجمع الكثير مما أريد، في القليل مما أقول... وقلت على الفور: هذا ما يجب فعلاً فيما يكتب للصحف خاصة، لأنّها ملتزمة بالإعلان أمام المعلن، الذي يمكن أن تعطيه الحق في أن يختار أو يحدد مكان الإعلان... له أن يفرض أن ينشر إعلانه في صفحة بعينها، ثم في موقع بعينه ومنه على سبيل المثال قاعدة مقال (لقاء) للأستاذ تركي عبد الله السديري. لأنه المقال الذي يحرص على قراءته أكبر عدد من القرّاء.
والإعلان في أي جريدة هو عماد حياتها، ويأتي التوزيع في المرتبة التالية، وأنت تستطيع أن تحكم برواج الجريدة أو نجاحها، بنسبة الإعلان فيها... كلّما ارتفعت هذه النسبة، كلّما كان في ذلك الدليل على نجاحها ورواجها وانتشارها. والذين يحددون هذه النسبة بثلاثين في المئة من المساحة الكلية للجريدة، يعتبرون اليوم (كلاسيكيين) لأن النظرة العابرة تلقى على جريدة مثل (الواشنطن بوست) أو (نيويورك تايمس) تريك أن الإعلان يلتهم أكثر من 60 في المئة من المساحة الكلية، لما لا يقل عن 80 صفحة.
ومن هنا، فمن حق الجريدة، أن تطالب محرريها، وكتاب المقالات فيها بأن يجمعوا الكثير مما يريدون في القليل مما يقولون... ومن هنا أيضاً تتفجّر المعركة، بين جهاز التحرير في الجريدة، وجهاز الإدارة المسؤول المباشر عن التمويل، ولا سبيل إلى التمويل بغير الإعلان أولاً، ثم التوزيع.
أما أن يستطيع الكاتب هذا الإيجاز، فيضمن أن لا يضغط المخرج حروف الكلمات في المقال إلى هذا الحد، فتلك هي المشكلة التي قلت إنها المطلب الذي يصعب أن يصل إليه الكاتب مهما كان متمكناً من فنه.
ولست، للأسف متمكناً من فني، والدليل هو أني لا أستطيع أن أوجز... فليكن الله في عون المخرج في هذه الجريدة... وعسى أن ترحمه الإدارة، فتخفف عنه زحمة الإعلان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :776  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج