شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
روائع الفن التشكيلي في عصر النهضة وما بعده
في الواقع ظللت أضن بهذا الموضوع، على هذا الحيّز المحدود للمواضيع التي أعالجها تحت عنوان (مع الحياة ومنها)... لأنّه الموضوع الذي يستحق أن يجد مجاله الرحب، وليس في صحيفة سيارة، أو مجلة، وإنما في كتاب قد يستغرق ما لا يقل عن مئتي صفحة. ولكن مما استقر في ذهني، منذ دهر طويل أيام كنت أتابع دراسات موسّعة نوعاً عن الفن التشكيلي، وربما على التحديد، أيام كان ابني (ضياء) يدرس الفن التشكيلي في (أكاديمية الفنون الجميلة) في روما ملاحظة، أجدها اليوم تستحق أن أسجلها، لإظهار ما يتميز به الفن التشكيلي الإسلامي الذي ابتعد عن رسم كل ذي روح... ورغم ذلك فقد استطاع أن يقدم روائع أكدت عبقرية الفنان المسلم وقدرته على الإبداع... ولم يتح لي أن أرى قصور الأندلس التي أسمع عما فيها من روائع، ولكني كلّما أتيح لي شرف زيارة المسجد النبوي الشريف، لا أملك إلاّ أن أتأمل الإبداع في القباب، بما أبدعه الفنان المسلم فيها من رسم أزهار تستوقفك فيها الألوان من جهة والقدرة على الحركة في انعطافها هنا وهناك، انعطافات فيها رهَفُ الحس، وتعمُّق المعنى الذي تعرب عنه هذه الانعطافة في الكثير الكثير من الأزهار التي كانت دون شك نامية متأرّجة في تصور الفنان.
والذين دخلوا كنيسة الفاتيكان الكبرى، يجدون فيها، وفي المتاحف الكبرى، في باريس ولندن، وإسبانيا، ما يبهر الأبصار ويستوقف الأذهان من روائع الفن التشكيلي الذي ازدهر بعد عصر النهضة، سواء في الرسم، أو في النحت، هو أن المؤمنين بالإنجيل والتوراة رغم ما فيها من تحريف وتخريف، لا تزال في نفوسهم وفي أعماق وجدانهم بقايا أو حتى أصول الوثنية التي ورثوها عن أسلافهم القدامى... وفي الوثنية محاولة دائمة (للتجسيد) نراها ظاهرة، في أعمال النحت، حتى في معتقدات الهند والعين، ومعظم شعوب جنوب شرقي آسيا التي لا تستطيع أن تمارس طقساً تعبُّدياً من طقوسها إلا أمام تمثال يبلغ من إيمانهم به أن يقدموا له الهدايا والقرابين... ونفس التجسيد، الذي يؤكد هذه الوثنية، نجده في تمثال السيد المسيح، والعذراء، وما يدور حولهما من قصص فيها قطيع الحملان، الصغيرة تحوم حول الصورة وهي مما جاءت به القصص التي نسجها خيال الذين حرّفوا الإنجيل والتوراة، وغمروا فصولهما بأنواع من القصص، التي يريدون بها استعطاف الجمهور وشدّه إلى تقديس السيد المسيح والعذراء إلى حد عبادتهما...
ومن هنا يمكن القول إن الوثنية، أو عبادة الأوثان لا تزال هي التي تعنكب في عقول مئات الملايين من البشر من مختلف المعتقدات.
ونحمد الله سبحانه، على أن عقيدة التوحيد، خلّصت المسلمين من هذه الوثنية، وبالتالي من (التجسيد). ولذلك تجرد الفن الإسلامي في الأندلس واستمبول وحتى في مساجد المسلمين في الهند، من أي أثر لصورة مخلوق حي... وذلك لعمري هو الصفاء في العقيدة السمحة التي خاطبت العقل، فأخرجته من الخرافة بجميع أشكالها في جميع المعتقدات الأخرى.
بقي، مع هذه الحقيقة الساطعة كالشمس في عقيدة التوحيد، ما يقترفه الدجّالون والمشعوذون، من أعمال اعتبرها تخريباً خطيراً ينتشر للأسف بين كثير من العوام، وليس فقط في بلد بذاته في العالم العربي، وإنما في الكثير من بلدانه، مما يستدعي أن تتصدى له الدولة بالتحريم، وأن يتعدى له الدعاة والوعاظ بالتنوير من منطق الرفض، لكل ما يمس عقيدتنا السمحة الصافية، من تخريف... وتخريب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :990  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثاني - النثر - حصاد الأيام: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج