شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أي بنيّ - مقارنة بين ماضينا وحاضرنا (2)
ورغم أن هذا العنوان لكتاب، مؤلّفه هو من أوائل حملة مؤهِّل الدكتوراه ومن إنجلترا - إذا لم تخن الذاكرة -، وفي تاريخه أنه كان أول مدير لجامعة الملك سعود، وقد سجّل له بعض المرموقين من المثقفين في إدارته للجامعة، في تلك الأيّام، أنه انتهج سياسة استهدفت تجنّب التساهل أو السخاء في تقدير الدرجات في جميع الكليات، وفي جميع مراحل هذه الكليات، إلى مرحلة التخرج بمؤهل البكالوريوس، بحيث كانت نسبة النجاح تبدو ضئيلة وأقل ممّا كانت تتوقّعه، أو تنتظره حاجة الدولة إلى الجامعيين يملأون الوظائف الشاغرة، وما أكثرها في تلك الفترة، التي كانت في الواقع مرحلة من مراحل التأسيس بالنسبة لجميع مرافق الدولة... وكانت فلسفة الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخويطر، تنبع من حرصه على تحقيق هدفين، لكل منهما أهميته وقيمته في تقديره:
الأول: أن يكون المؤهّل الأكاديمي، في مستوى مثيله في الجامعات المرموقة عالمياً وأن يخرج حامله إلى الحياة، بقدرات، تملأ الفراغ، الذي كانت تملأه كفاءات استقدمها الاضطرار، من الخارج - والخارج هنا غير محصور في بلد بذاته -.
والثاني: أن تكون لهذه الجامعة ((الفتية))، مكانة وسمعة تحترمها جامعات، لعلها كانت تشك في احتمال قدرة خريجيها، على الدراسات العليا. ولعل الدكتور الخويطر، كان يدرك أبعاد المشكلة، التي لن يتاح تجاوزها إلاّ بأن يتخرّج من جامعة الملك سعود - في تلك الأيام - من يُثبت للجامعة التي يتقدم للدراسات العليا فيها أنّه جدير بالقبول أو حتى بالترحيب... ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بتجنّب التساهل والسخاء في تقدير الدرجات.
ولا بد أن نقول إن الدكتور الخويطر قد نجح في الوصول إلى الهدفين معاً، ولكن ذلك لم يكن ممّا يساعد على ملء الوظائف الشاغرة الكثيرة، ويقلّل من نسبة الكفاءات المستقدمة من الخارج.
فإذا لم ننس، أن مؤلّف هذا الكتاب، هو وزير المعارف، ووزير التعليم العالي بالنيابة فإن لنا، أن نسجّل له أيضاً، اكتفاءَه بأن يذكر اسمه مجرّداً من لقب (الدكتور) ومبتعداً عن التذكير بأنه ((الوزير)). فإذا قيل: (من الذي يجهل شيئاً من ذلك؟) ويريد أن يقول إن التصرف ليس تواضعاً، وإنما هو اكتفاء بشهرته، المقررة عند ألوف الطلاب، في مختلف مراحل التعليم ولكنني لا أتقبّل، ما أعتبره غمزاً مستوراً، لأني عبر سنوات طويلة، منذ كان مديراً للجامعة، أسمع عن خلقه الرضي، وسجاياه النبيلة، - مع ما طبع عليه من الحزم والدقة في إدارته لعمله والتزامه بأداء مسؤولياته - ما يؤكد استغناءه عن المظاهر وزهده فيما يسوّغه منصبه الكبير.
أمّا الكتاب فقد حرصت على قراءة بضعة من فصوله، لا تزال تغريني بأن أفرغ لقراءة بقية الفصول. لأن فيه الكثير، مما لا أشك في أن الجيل المعاصر، فضلاً عن الأجيال القادمة، لا يستغني عن تأمّله واستمداد العظة والعبرة، بهذه المقارنة بين (ماضينا وحاضرنا). وهو يقول في السطور الأولى من المقدمة، إنها كلمات وجّهها يوم 13 رمضان عام 1388هـ. في عمود، في جريدة الجزيرة، ثم وضعها فيما بعد في كتاب - لم أقرأه أو أسمع عنه - بعنوان: (من حطب الليل) عام 1398هـ قبل أن يكون له ابن... وقد وجّه هذه الكلمات بهذه الصورة قاصداً أبناء هذا الجيل الذي نشأ (بعد جيلنا) - ثم يضيف: - (وكانت هذه الكلمة ((أي بُني)) نشرت على رأس كلمة مختصرة، وقد قرأها - معالي الأخ الدكتور غازي القصيبي -، وأحسن الظن بها، واقترح أن أتوسّع فيها، ووعدت بأن أنفّذ هذا الاقتراح... وحاولت بهذا الكتاب أن أفيَ بما وعدت به قبل سنوات).
ويقع الكتاب في ثلاثمئة وأربع وسبعين صفحة من القطع المتوسط، وقد طبع طباعة ابتعدتْ عن أن تسمّى (مُترفة)، ولكنها مع ذلك أنيقة ورقاً وغلافاً، ورسوماً ملونة ومعبّرة للفنان ((صالح النقيدان)). وهذا العدد من صفحات الكتاب، استوعب أكثر من سبعة عشر فصلاً، ولكل فصل تفرعاته أو هي فروعه، يجدها القارئ في الفهرس، ويرى في هذه الفروع ما يعتبر بكل مقياس (طرائف) قد يندر أن يقع على مثلها في كثير مما يكتب عن الماضي الذي يقارن المؤلّف بينه وبين الحاضر.
ويقول الدكتور الخويطر: وقررتُ أن أسير فيما أكتبه على طريقة حديث ((المجالس)) ويمضي في التنويه بما يكون في حديث ((المجالس)) ووصْفِ ما يتنامى فيها من طُرف، وما يتداول من أخبار، إلى أن يقول: (وقد يتحمل الناس في المجالس بعض القول الثقيل أو الشيء المكرر (لأن بعده وليمة)، التفكير فيها يزيلُ الضيقَ ويبعدُ الضجر...) وتجد نفسك تبتسم عند هذه الالتفاتة إلى (الوليمة) التي يزيل التفكير فيها الضيق ويبعد الضجر.
واكتشفت من جانبي أن الدكتور الخويطر يملك (أسلوبه الخاص) فيما يكتب. وامتلاك أسلوب يتميز به الكاتب، ويمكن أن يعرف به حتى وإن لم يوقّع ما كتب، يدل على مستوى من التمكن في إبداع العبارة، التي يصل بها إلى وعي القارئ، وبكثير من العفوية، وتجنّب الصنعة، مع الالتزام الدقيق بالفصحى الصحيحة، لا تذكرك بكاتب معيّن ممن قرأت لهم وهذا في حد ذاته مؤشّر قوي للأصالة، والاستقلال، والقدرة على التخلّص من تأثير من قرأ لهم في التراث، أو في الأدب الحديث.
ولقد استوقفني الكتاب، ووجدت نفسي أقف عند الكثير من نواميه وأزهاره، وبراريه وقفاره... ولذلك حديث لاحق يستحقه القارئ، الذي لا أدري إن كان قد أضاف الكتاب إلى مكتبته... وما أقل ما نضيفه من الكتب إلى مكتباتنا في هذه الأيام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :844  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج