شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أي بنيّ - مقارنة بين ماضينا وحاضرنا (1)
ويقول الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخويطر، في كتابه الذي يوجّهه إلى ابنه - قبل أن يكون له ابن في يوم 13 رمضان عام 1388 - ومعه (هذا الجيل الراكض اللاهث ليقف ويلتفت خلفه ويرى ما كان عليه أبوه بمحيطه وآلاته ومعداته وأدواته ومساكنه وعاداته). ويستوقفني هنا، أنه يذكّر القارئ بمهرجان (الجنادرية) الذي يقيمه الحرس الوطني كل عام، كما قد يذكّره أيضاً، بما يعرض في (معرض المملكة بين الأمس واليوم). واستبعد تماماً أن ما يعرض في الجنادرية، أو في (معرض المملكة بين الأمس واليوم) مستوحىً من كتاب الدكتور، الذي بدأ تأليفه في عام 1388 أي منذ ما يقرب من عشرين عاماً... ولكني لا أستبعد أن يكون الفنّان ((صالح النقيدان)) قد استوحى الكثير من رسومه التراثية الجميلة بريشته الناعمة وألوانه الهادئة - بل الناعسة أحياناً - مما عرضه مهرجان الجنادرية، وليس في ذلك مأخذ عليه، إذ يبدو لي أنه شاب، لم يسبق له أن عايش هذا التراث أو رآه إلا فيما عني مهرجان الجنادرية بعرضه.
وأقف من الدكتور وقفة قصيرة أشعر أنه يشاركني الإحساس بأهميتها، وهي ما ظل يتوارد ويتناثر في طرائفه وقصصه، من ألفاظ لا بد أن أسميها (شعبية) متداولة ومعروفة في نجد ولكنها بالنسبة لقارئ مثلي (من أبناء الحجاز) ومعي قراء أقطار عربية أخرى، لا تستغني عن شرح - في الهامش - يوضّح معناها. وبعد وقوفي حائراً عند (السَّعْلُوَّة) في الصفحة العاشرة، أخذت أعنى بإحصاء ما أقع عليه من هذه الألفاظ ولا أذكر الآن ما أتيح لي أن أحصي ولكنه كثير منه على سبيل المثال (المحرف) و(المنحات) و(اللزَّا) وخف البعير الذي يستخدم أحياناً دوّاسةً (لصاير) الباب... إني أفهم الجملة، ولكني أقف عند (صاير) الباب، هذا فلا أدري ما هو، وعلّلت نفسي بأن أجده في صفحة الرسوم - من أدوات الماضي - فلم أجد شيئاً عنه. ومع أنه لا يبخل أحياناً بشرح بعض الألفاظ كنوع من التعريف بها لأبناء الجيل الذين يريد أن يعرفوا الماضي، مثل كلمة (التبرقة) في الصفحة 164، فإنه يمضي شحيحاً بشيء كهذا في كلمات كثيرة أخرى مثل (خمطها) في الصفحة 157 و(الرّاج) و(الكافّ) في الصفحة 150 و(الرائس) في الصفحة 151 و(مشّاك) البئر في الصفحة 155. وقد توقّفت مبتسماً عند كلمة (المشقاص) في الصفحة 155، فهو الاسم الذي أطلقه على نفسه الفنان التمثيلي (حسن دردير)... ومع الابتسامة قلت لنفسي إنصافاً للدكتور: قد أكون أنا القارئ الوحيد الذي تعمى عليه معاني هذه الألفاظ، وقد يكون السبب أن طفولتي، وأيام صباي وشبابي قد خلت إلى حد، من البيئات الشعبية وهي عندنا في الحجاز (الحارة) التي أُبعدتُ عن ملاعبها قبل أن أبلغ العاشرة من عمري. ولكني أظل حريصاً مع قراءتي لهذه الفصول من الكتاب، أن أرجو الدكتور، أن يعنى بوضع معجم ليس فقط للألفاظ التي وردت في كتابه مثل (الزرنوق ص 149 - والدامغة ص 149 - والمرامة ص 107 والدشية ص 77 و((حسو)) ص 77) بل لكثير جداً من الألفاظ التي أمر بها في قصائد الشعر الشعبي، فلا أفهم منها شيئاً إلا بكثيرٍ من الجَهد أبذلُه في تفهم بعضها، حين أرى أن هناك معنى جميلاً يلتهمه اللفظ الشعبي الغريب... ولا أدري فقد يكون هناك معجم وضعه المنافحون عن الشعر الشعبي أو المغرمون به، وعلى رأس القائمة منهم الأستاذ عبد الله بن خميس، والأستاذ ابن إدريس.
يبقى أن أقول إن في الكتاب الكثير من الأخبار والطرائف، التي وجدت فيها عنصر الترفيه والتسلية، ولا عجب، فالدكتور الخويطر يذكُرُ لنا، أو ينبّهنا إلى أنه قرر أن يسير فيما يكتبه (في هذا الكتاب) على طريقة (حديث المجالس)... وما أكثر ما نجد في حديث مجالسنا من الطرائف والنكات (الساخنة) أحياناً كتلك التي يمتعنا بها في ليالي (الثلوثية) الأستاذ حسين العسكري، رغم التزامه الصمت والوقار في معظم وقت الجلسة.
فهناك على سبيل المثال أيضاً حكاية (أياس بن معاوية) الذي نظر إلى نسوة فزعن من بعير فسرعان ما أشار لمن معه إليهن وهو يقول: (هذه بكر... وهذه حامل... وهذه مرضع) ويعقب المؤلّف على الحكاية قائلاً: (هذه قصة طريفة كما ترى، ولكنك لا تملك نفسك من أن تعدها مصنوعة) ثم يضيف: (لو حككت جلد هذه القصة، لوجدت تحته ما يبتسم سخرية بمن يصدقها ويذكر أن أمثالها في التراث كثير وهي سجل لزمنها بفكره وأدبه، وتريك أحياناً كيف يتسلّى الناس).
وفي الكتاب بعد ذلك، نبذة عن (الجمل) وأن فائدته لا تقتصر على الحَمْل وإنما له فوائد أخرى يمتاز فيها عن منافسته الطائرة أو السيارة... ويذكر الدكتور هذه الفوائد، ومنها أن جلده يصلح (للحوض) وهو الإناء الذي يجمع فيه الماء الممتوح من البئر لتشرب منه الإبل ويستشهد على ذلك بمثَلٍ من العامية يقول (كم فاطر شربتْ بجلدِ حُوارها).
وبمناسبة ذكر الجمل، فإن الذي أعرفه أن الجمل لا يزال يلقى الكثير من العناية والرعاية، والشاهد على ذلك (سباق الهجن) الذي يعقد في الجنادرية كل عام. ولعلّ مما يؤكّد هذه العناية والاهتمام أن الأستاذ (محمد علي الحبرتي - بالحاء وليس بالجيم) قد ألّف كتاباً يقع في 138 صفحة تناول فيه الإبل عبر مراحل التاريخ، وصفاتها وطبائعها، والإبل في الشعر العربي الخ...) وعلى حد علمي المتواضع فهو أول كتاب في موضوعه.
وأخيراً فالكتاب الذي أتحفني به معالي الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخويطر، وزير المعارف، ووزير التعليم العالي بالنيابة، وإن كان قد كتبه على طريقة (حديث المجالس) فإنه حافل بالكثير الذي أتمنّى أن يقرأه أبناؤنا... ولأقل أبناء الدكتور من طلاب مراحل التعليم المختلفة... إذ فيه هذا الأسلوب الجميل، والعربية الفصحى النقية... ثم فيه أيضاً ما ذكرني بالكثير من حكايا أيام طفولتي وصباي وشبابي... مما سيفيدني وأنا أكتب قصة حياتي (مع الجوع والحب والحرب). التي لا بد أن تحفل بالكثير مما لا يعرف عنه أبناؤنا شيئاً في هذه الأيام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :867  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 7 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج