شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
القوة الإسلامية الضاربة في الجزيرة العربية (1)
منذ ألف وثلاثمائة واثنين وثمانين عاماً من التاريخ الإسلامي المجيد قامت معركة بدر الكبرى وكانت معركة فاصلة وضعت الحد الواضح المشرق بين الهدى والضلال. كما كانت القوة الإسلامية الضاربة في الجزيرة العربية التي بترت ساق الشرك فأقعدته، وكسرت جناح الكفر فأهاضته. ولم تكن قوة سلاح وعتاد، ولا قوة عدد واستعداد، ولكنها قوة عقيدة وإيمان خالطت اللحم والعظم، وقوة فداء وتضحية أرخصت النفس والنفيس في سبيل إعلاء كلمة الله.
قوة عقيدة وإيمان وفداء وتضحية تجلت في أقوال أبطال دوى صداها في جوانب الصحراء، وتناقلتها الأجيال عبر التاريخ، تبث في النفوس المسلمة روح الشجاعة والإقدام، في نصرة الحق ومحاربة الباطل:
(سر يا رسول الله على بركة الله. ولن نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيهم: أذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، بل سر إلى حيث أمر الله، ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك، ولو خضت هذا البحر لخضناه. وإنا لحمس في الحرب، صبر عند اللقاء، ولا نكره أن تلقى بنا عدونا غداً).
هذه الأقوال القوية الهادرة التي كشفت عن استحصاد القلوب المؤمنة، واستبسال النفوس المطمئنة، ضربت المثل الرائع للجيش الإسلامي في بطولته وفدائيته، كما برهنت على طاعة واعية منه لقائده المحنك، الذي جعل مشورة أصحابه ورجاله في هذه الغزوة دستوراً يقوم عليه صلاح الأمر، وتوحيد الرأي، وجمع الشمل، وأحكام النهج، ونجاح الخطة والتدبير في سياسة الجيوش والأمم وقيادتها.
غزوة بدر معجزة في تاريخ الحروب، وتكتيك الحروب، جيش قليل العدد والعدة خرج أعزل من السلاح ليحوز مغنماً عارضاً، لا ليحارب جيشاً قادماً مهاجماً، ثم يفاجأ بمناجزة عدد صلب عنيد، وافر العدد كامل العدة. خرج من دياره بخيلائه وكبريائه مدججاً بالسلاح، موفوراً بالمال، محملاً بالمؤن.. والذخيرة، يتحدى ويتبجح، ويستهتر ويتعاظم، فما هي إلا عشية وضحاها حتى كان النصر معقوداً من عند الله على هامات جنود الحق والإيمان، وكانت الهزيمة تنزل ساحقة منكرة بجيش الكفر والطغيان.
حقاً إن غزوة بدر لمعجزة أي معجزة!
ذلك إلى أنها كانت فاتحة انتصارات، كانت مبعث هيبة للإسلام والمسلمين من القبائل العربية.
* * *
فيا أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها: جاهدوا بأنفسكم وأموالكم في سبيل الله. ولا يهولنكم ما ترون من أسلحة فتّاكة يمتلكها أعداؤكم، وجيوش جرارة يباهي بها مناوئوكم. ولا تغرنكم مذاهب شتى براقة يزوقها وينشرها ملأ خلت نفوسهم من إيمان يحميها من بوائق الزيغ والانحراف، وخوت ضمائرهم من اطمئنان يريحها من شرور الحقد والبغي والعدوان ففي عقيدتكم الشامخة بربكم الفرد الصمد وفي إيمانكم بدينكم العاصم من الزيغ والفساد واللدد، والداعي إلى العلا والاستقامة والسلام والرشد، وفي التماسك القوة الدفاعية التي يأمرنا الله بها في كتابه وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ (الأنفال: 60).
ذلك كله ما يرد كيد أعدائكم إلى نحورهم ويزلزل أقدامهم، ويعلي شأنكم، ويرفع كيانكم، ولينصرن الله من ينصره، والله بالغ أمره، وهو العزيز ذو القوة المتين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1162  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 143 من 143

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج