شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يوميات قصيرة (1)
توحيد الصحف المحلية:
يظن كثير من الناس أن الصحافة عمل سهل هين لين. يعنى بجمع الأخبار كيف جاءت وسردها كيفما اتفقت. ورصف المقالات من محرريها المختصين أو من كتّاب متبرعين أو مأجورين. والجري وراء الإعلانات لسد النفقات وغير هذا من أعمال تبدو أقرب إلى العبث منها إلى الجد. ويظنون الصحفي ليس إلا شخصاً رأس ماله قلمه الحول القلب، ولسانه الطويل المتحذلق، وقد يكون هذا الظن على جانب من الحقيقة والواقع. فقد مرت على الصحافة العربية وخاصة في هذه البلاد أطوار ظهرت في بعضها بمظهر ضعف باهت. تقاذفتها الأهواء والأغراض ذات اليمين وذات الشمال. وتعاورتها أيد غير أمينة ولا مخلصة سخرتها تارة للمادة التي ما دخلت في أمر إلا أفسدته، واتجهت بها مرات اتجاهات منحرفة في غير هدى ولا رشاد.
هذه الصور البشعة، وهذه الألوان الغير السارة. أساءت في الصحف والصحفي الظنون. وجعلت شكوك وريب فريق من عقلاء القراء وذوي الشأن تحوم حول حماها. ولا تطمئن نفوسهم إلى كل صحيفة ولا كل صحفي.
وفي نظرنا أن منشأ ذلك يرجع لدينا إلى أمرين اثنين:
أولهما عدم وجود أهداف محددة، ولا خطوط مرسومة للعمل الصحفي في بلادنا يوجه سير الصحف إلى وجهتها الصالحة السليمة. ويجعل الصحفي والكاتب يؤمن في قرارة نفسه بقوة الحق والعدل التي يأمن معها العثار في خطاه ومسراه، ولا يخشى مفاجآت المآخذ من حيث يدري ولا يدري تقصم ظهره وتفصم عراه. فيسير نحو مبادئه السامية بقدم ثابت وقلب مطمئن.
وثانيهما ضعف الكفاءة والخبرة حيناً، ووهن الإرادة والعزيمة حيناً آخر، في بعض من تولوا تحرير وإدارة صحفنا.
ولئن برز بعض صحفنا في الأيام الأخيرة في مظهر غير المظهر الذي كنا نعرفه. وتلون بلون فيه بعض البهجة وبعض الإغراء مما لم نكن نألفه. إلا أن هذا لم يكن كافياً ليزيح النظارات القاتمة عن أعين القراء. أو يمحو ما علق بالنفوس من مناظر شائهة لبعض زميلاتها القديمات.
ولئن ظهرت في صحفنا حديثاً أقلام شباب طامح يكتب عن علم وإدراك وبحماسة وقوة ولئن لمعت في جونا الصحفي والأدبي نجوم أخذت تنهج في أدبنا الوطني والقومي منهجاً حافلاً متجدداً. يتجاوب مع أدب الأقطار العربية الأخرى. إلا أن ذلك كله لم يصل في نموه إلى درجة التكامل والاستقلال الشخصي. ذلك إلى ما بدا من جنوح عن قصد السبيل في مساجلات بعض الكتّاب في صحفنا وملاحاتهم. مما لم يرض عنه أغلب القراء كل الرضا. وتمثل لهم في ذلك ما كانوا عهدوه في الماضي القريب مرة أخرى.
دعانا إلى هذا القول كله لنبين الانحراف الذي اعترض طريق صحافتنا وأهم أسبابه. ولنعلن للناس بعد ذلك أن الصحافة ليست بالعمل الهين اللين كما يظنون. وليس الصحفي مهرجاً أو ثرثاراً مرتزقاً كما يقولون. كلا. فإن الصحافة في جوهرها أدب وفن، وثقافة وعلم، وتربية قويمة وتوجيه رشيد. والصحفي لا يكون صحفياً في حقيقته وكيانه إلا إذا جمع إلى أدبه وفنه وعلمه خلقاً نظيفاً، ومبدأ شريفاً، وذكاء وكياسة، وجلداً وشجاعة وخبرة حصيفة بموارد الأخبار الوثيقة المثيرة والحوادث الهامة الدقيقة والجليلة.
ولقد قضت الظروف والواجب الوطني في حين يسير من الماضي أن نمارس العمل الصحفي ونخبر شؤون الصحافة فتكشفت لنا عن أخبارها ومتاعبها، ، ما كان له أثر غير قليل في تصحيح نظرنا إلى معالجة مشاكل الحياة ومجرياتها.
واعتقادنا أن في توحيد صحفنا المحلية الذي صدر به أمر رئيس حكومتنا الجليل. خيراً وبركة، حيث تتوحد إمكانياتها المادية. وتتكل جهود نشرها المتبعثرة إلى ما فيه خيرها مادياً وأدبياً. فتعالج أمورها ومواضيعها ووضعياتها من قبل أفراد هذه الأسر كل في اختصاصه على نحو ما صرح به رئيس حكومتنا عن قصده في توحيدها. وهو ظهورها في ثوب بهيج مشرق. وتبوئها المستوى الرفيع الذي يجعلها فيه خير رائد وموجه للشعب العربي عامة والسعودي خاصة إلى حياة أكرم وأفضل يحوطها العز والسؤدد من العالم أجمع. ولنا الأمل الوطيد في شبابنا المثقف. أن ينير الطرق ويمهد السبيل ما تؤتيه من علم ودراية. وقوة وعزيمة. كما أن على شيوخنا المحنكين أن لا يقسوا علينا بوضع خبراتهم وتجاربهم الحيوية، لتتضافر القوى البناءة. لخير الأمة والبلاد. والله المعين الهادي إلى سواء السبيل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :715  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 135 من 143
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج