شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صلة أندونيسيا بالحجاز قديماً وحديثاً (1)
تقوم صلات الأمم بعضها بالبعض الآخر على أسس من المنافع الحيوية؛ وهي كثيرة الألوان، متعددة الوجوه، فمنها الثقافية والاقتصادية، ومنها السياسية والحربية، ومنها الاجتماعية والفنية.. وصلة أندونيسيا وهي بلاد يعمر أغلبها شرقيون مسلمون - بالحجاز وهو البلد الذي انبثق منه نور الإسلام، فعم مشارق الأرض ومغاربها، ومنه انثالت جموع المسلمين الأول إلى مختلف أصقاع الدنيا ينشرون مبادئ الإسلام العالية ويوطدون بين البشر أركان الحرية والمساواة والعدل.. إن صلة هذين البلدين ببعضهما لا شك في أن أساسها هو الدين الإسلامي الذي اعتنقه الأندونيسيون، ورأوا فيه الهداية الصحيحة التي كانوا ينشدونها في جاهليتهم الأولى، حينما كانوا يعبدون الأوثان. وإنها لصلة العقيدة الراسخة في أعماق النفوس، صلة الإيمان المتغلغل في سويداء القلوب.
وتتأكد هذه الصلة المباركة سنوياً بالحج الذي فرضه الله على كل مسلم قادر استطاع إلى زيارة بيته الحرام - في قلب الحجاز - سبيلاً.
وقد أدى ذلك إلى امتزاج أبناء الأمتين الحجازية والأندونيسية في الحجاز بقدوم الأندونيسيين إليه للحج، وفي أندونيسيا يسافر كثير من الحجازيين إليها إما لزيارة محضة، وإما لكسب عيش وطلب رزق، وتوشجت بينهم بحكم تردد الطرفين بين البلدين، وطول إقامتهما فيهما وشائج المصاهرة والتزاوج، فنشأت منها الرابطة الاجتماعية، وإن الدين الإسلامي الذي يطلب من معتنقيه دراسة القرآن، وتعلم العلم، واستكناه أصول الشريعة وأحكامها وأسرارها، قد جعل وفود الأندونيسيين؛ وبعوثهم العلمية - تترى إلى مكة، يقيمون فيها، ويوقفون الدور وقفاً خاصاً أو عاماً لتؤوي وافديهم وطلابهم؛ فينهلون من مناهل العلم والدين على علماء الحرمين الشريفين وعلماء المسلمين المهاجرين إليهما أو القادمين من الحج ما شاء الله أن ينهلوا ثم يعودون إلى بلادهم مزودين بزاد كبير من العلوم العربية والدينية والاجتماعية والرياضية، ليبثوه بين مواطنيهم في أندونيسيا؛ في المساجد والجوامع والمدارس ودور التعليم الخاصة المبثوثة (2) في القرى والدساكر.
وإن الكثرة الكاثرة من الأندونيسيين يفضلون الهجرة إلى بلد الله الأمين عن بقية البلدان الإسلامية؛ طلباً للفضيلتين: فضيلة العبادة التي يضاعف أجرها في المسجد الحرام؛ وفضيلة طلب العلم والتفقه في الدين، ولهاته الصلة الثالثة الثقافية الأثر البالغ في شيوع روح الحب المتبادل، بين الأساتيذ ومريديهم وبالأحرى بين الحجازيين والأندونيسيين.
وهذه الصلات الثلاث بين البلدين وسكانهما، كما نشأت وتوطدت قديماً، فإنها وكلا البلدين الآن مستقلان، ولله الحمد، يقطنهما شعبان شرقيان مسلمان، وتحكمهما حكومتان إسلاميتان؛ وقد اعترفا ببعضهما الاعتراف التقليدي السياسي، فإن هذه الصلات لا ريب ستتأكد وتتوثق، وستكون الأداة الفعّالة في إيجاد الصلة الاقتصادية التي هي مدار الحياة، ومبعث القوة والسيادة والاحترام في الأمم، والتي كان الاستعمار يستغلها في البلاد الإسلامية لنفسه، ويقف حاجزاً منيعاً دون استفادة أهلها المستضعفين بها وتمتعهم بمزاياها الجمة التي تنهض بلادهم، وتعمر أقطارهم وتعود بالثراء والغنى عليهم، وبالمتعة والعزة على سلطانهم.. وليس بمجهول اليوم ما للبلاد العربية السعودية وأندونيسيا من مكانة اقتصادية مرموقة في العالم لما تحويه أراضيهما من كنوز طبيعية هائلة، وموارد تجارية قيمة.
وإن أمتين - كالأمة الحجازية السعودية والأمة الأندونيسية - تجمع بينهما هذه الصلاة الأربع، إذا تعاونتا على زيادة تأكيدها بينهما، سيكون لهما شأن أي شأن في توطيد دعائم السلام في ربوع الشرق، وفي إقامة شعائر الحق والعدل التي يدعو إليها دينهما الموحد، في العالم، وإنها لأمنية كل مسلم مخلص لدينه ووطنه وأمته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :802  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 134 من 143
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج