نفسي مروعة وقلبي يخفق |
والفكر في جو الظنون محلق |
في ليلة حاك الجمود ظلامها |
والهم أوسعني اضطراباً يقلق |
ما ذاق فيها الطَّرف من طعم الكرَى |
سِنَةً،وكنت كما يكون الشَّيِّق |
وأقض مضطجعي وأنهكني الأسَى |
والهم يودي بالأبي ويؤرق |
ولَكم أسوت القلب وهو مُوَلَّهٌ |
وكففتُ دمعي وهو هامٍ مغدق
(1)
|
حزناً على أحوال أمتي التي |
ما زال يرديها الشقاق المعرق
(2)
|
مالي أراها والحوادث حُوَّمٌ |
يقظى تبيد السادرين وتسحق |
تنصاع للأمراء لا تبدي قِلاً |
وتدين إذ يسطو عليها الأحمق
(3)
|
ما قط قاد إلى الرقي زمَامَها |
من بعد حكم (الراشدين) مُوَفَّقُ |
ألقى بنو مروان نحو شآمهم |
نظراتِ إصلاح فضاءتْ جلَّق
(4)
|
وعنى بني العباس أمرُ عراقِهم |
فزها بجهدهم العراق المشْرقُ |
والترك ما نظروا لغير بلادهم |
نصفيهم منا الوداد ونمذق
(5)
|
ومضى الحسين بقضه وقضيضه |
وبنو الحجاز هم هم لم يرتقو |
درجوا على الجهل المشين عصورهم |
ونأوا عن الإصلاح، وهو الأليق |
فقضوا كما يقضي الكسول حياتهم |
نفس ملوّعة، وعيش ضيق |
* * * |
أسفي على وطني العزيز وماله |
راع يقوم بأمره مترفق |
لعبت برقعته السياسة جهدها |
وغدا كشلْوٍ ذائبٍ يتمزق |
كم من مصائدَ عُتَّدَتْ لثبُوره |
وسهام أضغانٍ إليه تُرشَّقُ |
ما ناء عنه من المصائب فيلق |
إلاّ وعن كثب تبدى فيلق! |
في كل يوم يستجد له عَلَى |
كرسيِّه ملك يصول وينعق |
هذا يُمنِّيهِ السعادة ساخراً |
منه، وذلك بالهدى يتشدَّق |
والكل لم نرهم لغير شقائه |
عملوا - وما أغناه ذاك المنطق |
ما سادَ هذا العرشَ إلاّ طامعٌ |
جَشِعٌ، وآخرُ غادرٌ متملق |
ولهي على وطني العزيز وأهلُه |
عبثت بهم أيدي الهوَى فتفرقوا |
ألِفوا الخضوعَ لكل باغٍ غاشمٍ |
وسعَوْا لهدم فخارهم فتوفقوا |
(علماؤهم) بين التجاهرِ بالهُدى |
والخوفِ من بطش المُمَلَّكِ أخفقوا |
(ورجالهم) لا يدأبون لغير ما |
يرضي الظلومَ. فجاهد ومُحلَّق |
أما (الرعاع) (فسينما) متجسم |
يتحركون كما ابتغى المتفوِّق |
* * * |
آه أيا وطني المجيد متى أرى |
شمس الحضارة في الرُّبَى تتألق |
ومتى أراك متوجاً بجلالة، |
أيدي العلوم تحوكها لا تمزق |
ومتى أرى أبناك قد جنحوا إلى |
كسب العلا وعلى الفضائل أطبقوا |
وأراهم نبذوا الصغائر وابتغوا |
سبل الفخار وبالنظام تعلقوا |
وأراهمو اطّرحوا الضغائن وانبروا |
يتآزرون ليُستباح المأزق |
وأرى الجمود تحطمت أصنامه |
ومضى الظلام ولاح صبح مشرق |
وأرى العمائم هُدِّمَتْ أبراجها |
إن العمائم للتقدم مِزهَق |
وأرى السعادةِ طنَّبتْ بربوعنا |
وأرى الهناء مَسيلهُ يتدفق |
وأرى العدالة حلَّقت بسمائنا |
والحرُّ موفور الكرامة ينطق |
يبدي لنا الحق الصراحَ مُوضِّحاً |
ويرد كيد المعتدي لا يفرق |
ويبين عن خدَع السياسة حينما |
في سَلبنا السُّواسُ لا تترفق |
وأرى الأماني البيضَ وهي حقائقٌ |
وأراك بالإجلال دوماً ترمَق |
* * * |
وطني بنفسي أفتديه فحبذا |
موتي لسعدك والممات محقق |
ما مات من خَلَدت صحائفُ مَجده |
ولسعيه الوطنُ العزيزُ مصدق |