شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الإيمان حرية بلال وسلمان
وما أكتب عن الإيمان للإشادة أو للإفادة فالذين اعتقدوا فاعتنقوا ليسوا في حاجة إلى تذكير والذين لم يعتنقوا لا ينفع معهم التذكير. تمذهبوا حين أعجبهم الطارف من نزع إبليس فانشقوا على التالد تبعاً لأدونيس. بعض هؤلاء أعرفهم بسيماهم بريق عيونهم كاذب ونظرة الجبين نحاسية. يذهب طلاؤها كما يذهب طلاء النحاس.
ولا أدري كيف يحترمون حاضرهم ويعملون لمستقبلهم وهم الساخرون بماضيهم. ومن حيث أردت أن أكتب عن هذا تذكرت إيمان بلال العبد الحبشي لأقارن بينه وبين إيمان سلمان الحر الفارسي الذي استرقوه حين سرقوه. فإذا المقارنة تمنحني أن إيمان بلال أسرع به إلى الحرية وإيمان سلمان تسارع حاله إلى العبودية، عبودية البشر زالت والعبودية لله ما زالت عالية.
إن بلالاً ما كان على علم يدله على أن نبيًّا خاتم رسل سيبعث ولكن حين صدع الرسول على الصفا بشيراً ونذيراً حانت الفرصة لبلال أن يغتنمها لينال الحرية، فإذا الإيمان يناله النصر من بلال. فطلب الحرية كان وسيلة حتى إذا أشرق نور الإيمان في قلب هذا العبد المسترق كانت الكلمة كلمة التوحيد مشرقة على لسانه (أحد أحد). رضي بالعذاب يصبه أمية ابن خلف على جسد بلال بينما الإيمان قد انتصب في فؤاد بلال كأنه بلسم الجراح لا يسأل بلال عن عذاب الجسد لأنه ذاق عذاب الروحانية بهذا الإيمان، عذبوه في الرمضاء فاستعذب العذاب لأنه كان عذاباً عليهم، فالإهانة لمعتقد الصنديد كأنما هي الصديد يتجرعه لأن الصنديد إذا ما اعتلى عليه العبد لفضيلة الخلق يشعر بالذلة أمام صبر هذا العبد سيدنا بلال.
هو سيدنا، لم أقلها أنا. وإنما قالها الفاروق عبقري هذه الأمة ابن الخطاب عمر رضي الله عنه قال يوم برز الإيمان يعتز به أبو بكر رضي الله عنه حين علم أن بلالاً يعذب. فإذا نعمة الله تنطق أبا بكر لماذا تعذب هذا المسكين؟ يسأل أمية ابن خلف. وإذا رحمة الله على بلال ونصر الله للإيمان ينطقان أمية. وهو لا يدري ما صنع قال: اشتراه. فشراه أبو بكر وأعتقه وهرول أبو بكر يبشر رسول الله سيدنا محمداً صلَّى الله عليه وسلم نبي الرحمة. قال أبو بكر رضي الله عنه لقد أعتقت بلالاً. فسر النبي صلَّى الله عليه وسلم وقال: الشركة يا أبا بكر يريد النبي أن يشارك أبا بكر في ثمن بلال فقال أبو بكر ((لقد أعتقته)) وقالها عمر بعد: ((أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا)).
أفكان يقولها عمر قبل أن يسلم؟ لا! وإنما قالها إيمان عمر رضي الله عنه.
ويستشهد بلال، يدفن في الشام فإذا هو المعلوم في ثبت الإيمان والمجهول من نقابة الذين يتنافون عن إسلامهم.
من أجل بلال أنعم الله على أبي بكر الذي أعتق ثمانية يعذبون في الله بما جاء في سورة الليل فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (الليل: 5 - 10) الثناء على أبي بكر رضي الله عنه والذم على أمية.. وقوله تعالى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى. وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى. إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى. وَلَسَوْفَ يَرْضَى (الليل: 18- 21) ثناء على أبي بكر رضي الله عنه.
ويأتي نصر الله في بدر. فإذا بلال يمسك برمية الله، يفتش عن أمية ابن خلف: (لا نجوت إن نجا أمية).. حتى إذا رآه بين يدي عبد الرحمن ابن عوف يستأسر عدا بلال لا يسأله عن ابن عوف صديقه، صاحبه، المؤمن معه يضرب أمية الذي كان يعذبه بقتله، فإذا عبد الرحمن ابن عوف الصحابي الجليل لا يمنع بلالاً. لكنه قال ((يرحم الله بلالاً قتل أسيري وحرمني سلبه)).
ونأتي إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه. كان حراً طليعة في فارس عرف خبر المبعوث رحمة للعالمين. ترك وطنه لأنه يريد أن يترك المجوسية رفض فؤاده أن يظل مزدوكيًّا مانويًّا زردشتيًّا لأنه لم يطمئن إلى مجوسية تعبد إلهين إله الخير وإله الشر، النهار والليل، وقد فسرها لنا المتنبي لأن المناوية تضم الليل إله شر.. قال المتنبي أحمد ابن حسين: ((وكم لظلام الليل عندي من يد)).
يخبر أن المانوية تكذب فكذبها قبل المتنبي سلمان رضي الله عنه يطوي الأرض شبراً شبراً حتى وصل إلى المدينة المنورة فإذا هو الرقيق سرقوه فاسترقوه فكم سرقوا من الروم ومن الفرس وأمن سلمان عن معرفة هدفها الإِيمان وإن استهدف سلمان إلى أن يسترق. وطلب سلمان الحرية ليتمتع بإيمانه لا يعيش في بيت مشرك، فإذا الله ينعم على سلمان بالحرية التي ما أرادها سيده، وإنما هي إرادة الله حين أعمى الله بصيرة سيده يكاتب سلمان على العتق ويشتد في الشرط لأنه يريد بهذا التعسير ألا يصبح سلمان حراً. اشتد في الشرط يكاتبه سلمان بتوفيق الله على أن يغرس مائة نخلة. شرط صعب لا يطبقه سلمان. ولكن نعمة الله أعمت السيد وأنارت بصيرة العبد. لقد ظن سيده أن سلمان لا يستطيع أن يشتري الصنوان وأن يحفر مائة حفرة لمائة نخلة. ولكنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ولكنهم الأنصار والمهاجرون بذلوا العون لسلمان. جلبوا الصنوان. حفروا الأرض زرعوا المائة في بضعة أيام أو بعض يوم وإذا سلمان عتيق وإذا الإِيمان عتاقة وعراقة. وإذا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم السيد في هاشم بل في قريش بل وبل هو سيد الناس جميعاً يقول تكريماً لسلمان من كرامة الوحدة في المسلمين إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات 13 ) قال صلَّى الله عليه وسلم: سلمان من آل البيت، أهو المولى بالعتق أو هو الحليف بعرف العرب؟ لا.. هو الإِيمان.. هو الإِسلام.. جعل سلمان في ثبت بني هاشم رضي الله عنهم أجمعين.
وتأتي صورة ملحقة عن خوف عمر من السابقين وجبروت عمر على الذين هم صناديد.. صناديد قريش أو عواهل العرب، ويأتي يوم يقف أبو سفيان صخر ابن حرب يستأذن على عمر رضي الله عنهما فتأخر الإذن وجاء بلال وسلمان وصهيب يستأذنون فأذن لهم قبل أبي سفيان كأنما عمر قد أراد ذلك وكان مع أبي سفيان سهيل ابن عمرو الشهيد في اليرموك، فقال أبو سفيان: والله ما رأيتك اليوم نستأذن فلا يؤذن لنا، ويؤذن لهؤلاء العبدة.. كان ذلك صعباً على شيخ قريش فقال سهيل: لقد دعوا فاستجابوا ودعيت فلم تستجب.
وعن بلال وقد علا صوته ليؤذن فوق سطح الكعبة فإذا بعض الطلقاء يعجب من هذا الغراب الأسود كيف علا سطح الكعبة. وما يدري أنه ليس الغراب الأسود وإنما هو سؤدد الإيمان.. سؤدد كلمة التوحيد.. ذلك السؤدد الذي أورثهم إمبراطورية عظمى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :806  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 1090 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج