شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صُور.. ثلاث
وهذه الصور المثلثة، تصويب ورثاء واعتذار، ولعلّي أزيدها صورة ليست الرابعة - وإن كانت - وإنما هي رابحة.
فالصورة الأولى التصويب هي التي عن مسيل العقيق حيث أخطأت في ذكرياتي ولم يكن هذا الخطأ عن جهل وإنما هي عجلة الإملاء ولا أقول سبق اللسان وإنما هو بعض الإهمال الذي تعودت أملي ما أكتب ويضيق صدري أن استقرأ ما أمليت لأجد الصواب ولأعرف الخطأ وكم من مرة أزمعت أن أثوب إلى رشد فتأخذني الثقة بمن أملي عليه ألا أضعه في موضوع الشك.
وهذا التصويب من الابن الصديق الشاعر الأستاذ حسن مصطفى الصيرفي المديني العقبي الجزائري تلفن إليَّ قائلاً: لقد قرأت في ذكرياتك أن العقيق يسيل شرق الجبل (عير) ما بين الحرة والجبل. وهذا خطأ قلت له: نعم لقد أخطأت فأنا أعرف أنه يسيل ملامساً غرب (عير) بين أدنى الحزم من هضبة الفريش والجبل. فهو يسيل على ذي حسي أبيار على الذي يحرم منه الحاج من المدينة وكأنه أبعد ميقات الإحرام. فكيف أنسى. وقد سال عرماً في أواسط الخمسينات الهجرية في ليل أليل أيقظنا من النوم وبيتنا على العدوة اليمنى من بطحان فيما يسمى السيح. وكان ذلك أوائل الصيف يوم كنا ننام على الأسرة من الجريد فوق السطح سمعنا الدوي هديراً عارماً حتى إذا صحونا وقد أشرقت الشمس سمعنا أخبار هذا الوادي. نال من جسر السكة الحديد ونال من عين الزهرة وردم الآبار في الجرف ومنها بئر رشيد السراني وانحرف عن مجراه فقد كانت عدوته اليمنى قريبة من عيون الخيوف التي يعانقها أحد. فإذا هو يميل على العدوة اليسرى ينال من خيف الشنبيبلية وأم البيض. فهو - كما ذكرت ولما أشكرك عليه - يسيل معانقاً ضرس عير ثم يعتنق حرة واقم وتعانقه الجماء.
ولعلّ أهل المدينة يعرفون أن آبارهم وعيونهم لا تشبع إلا من وادي العقيق. فلا قناة ولا بطحان (أبو جيدة) يشبعان البئر والعين بالماء فنسأل الله أن يغيث المدينة المنورة بالعقيق. فهو غوثها من فضل الله وهو ربيعها يوم كانت تعيش الترف يسيلها عن القرف. هو سلوتها ترفاً لعواطفها وإن كان شظفاً من الذين من حقها عليهم أن يتعاطفوا معها. فشظف المادة والقرف من المدد رفضتهما التربة الغزلة.
والصورة الثانية، رثاء للصديق الأستاذ عبد الله سلامة الجهني، أو هو الجهيني ينتسب إلى القبيلة التي تحتضن رضوى وعيون ينبع النخل ووادي الحمض، أن هذا الأستاذ قد عرفته في القاهرة يوم كان طالباً متوقد الذهن يجري وراء المعرفة التي قد يقيدها، فدراسة المنهج ليست غايته وإنما الغاية أن يشبع فكره وتفكيره من ثقافة وعلم، عرفته صديقاً للأستاذ عبد الرحمن طيبة زميل الدراسة معه فوجدته الذي أرجوه مثقفًّا لا يبيع تفكيره، وإنما هو يشتري الفكرة في أي كتاب. هو مدين لمعرفة السلبيات. هدته إلى الايجابيات. فكثيراً ما كان الباطل السبيل نور الوجدان بصدق الإيمان ثم تواصل بكل الصلة معي.. يشكو أو يستشير، وآخر لقاء بيني وبينه كان في النادي الأدبي نادي المدينة المنورة. فرأيته وقد ركبه الملل من ضحولة الذين ما كانوا مثله وتكوّنوا قبله. تكون المادة بوسائل تنحرف بها المعرفة لأن الاحتراف يزيد به الاغتراف من المادة ويسلط الانحراف على المعاني، وهو البدوي القبلي لا يعرف إلا استقامة الطريق. له مؤلفات في الأنساب والتفسير وغيرها لم أحط بها. ولكنها تحيط بالذين يلبسون الأنصاف كبرياء ويرفضون الاعتساف تكبراً.
يرحم الله هذا الجهني، الذي ينتسب إلى قبيلة عريقة القدم عمرت مساكنها كما عمَّرت جنوب مصر وشمال السودان. إن جهينة نسب لا حلف احتفظت بالنسب فلم تكن مطية جور لحساب سلطان ولم تكن فاعلة الجور إلى مدينتها المنورة.
والصورة الثالثة، اعتذار للأستاذ الدكتور الحسيب النسيب نايف الدعيس، فما كان لي أن أتأخر لا اسمع محاضرته في نادي جدة الأدبي. فقد كنت مشغولاً في حفل أقمته في بيتي لحفيدي الدكتور أسامة إبراهيم ناصف القادم من كندا يحمل شهادته العليا في الطب وأخيه جمال إبراهيم ناصف حامل الماجستير والقنصل في سفاراتنا بالجزائر. وبالابن بنوة الصهر الأستاذ طلال عبد الرحمن داعوس أحد أعضاء سفارتنا في لندن فتكريم هؤلاء شغلني عن الحضور وألا فالدكتور نايف ليس هو ابن اللبون حاشياً لا يقوى على الحمل وإنما هو من البزل القناعيس. ولست (الناب) لا أتحرك من عطني بل نادى جدة هو من أعْطَاني لأنه أعطاني، والأبل تحن إلى إعطائها. ما أنا إلا بدوي ما زلت أحب العطن أي الوطن فتحية للدعيس لأن صداقتي لأبيه يوم كان تلميذي وأنا معلم صبيان وتقديري لجده يوم كان ذا طول لا يتطاول به على أحد.
والحلية بعد المربعة لا الرابعة كانت في المسجد النبوي بعد صلاة العشاء فاقبل عليّ طالب علم فأجرينا حواراً وقد جاء فيه كلام ووصل إلى معرفة المثلث فقال: المثلث لا ظل له، وتلا الآية: انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ. لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (المرسلات: 30 - 31) فقلت كيف؟ فالآية وصفت المثلث ذا ظل ونفت أنه لا ظليل أي لا يظلل أحداً لأنه ضعيف الظل. ولتعرف إن عود الكبريت له ظل فالمثلث له ظل لكنه لا يتسع لأحد يتظلل تحته فقال: كيف فاتني ذلك؟ قلت: لأنك ما زلت على حالك انطبعت عليه فألبسك الحالك تنفي الظل عن المثلث.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1008  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 1088 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج