شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كانت بيوت الضيافة.. لا فنَادق
ولعلّه قد فاتني أن أتوسع يوم كتبت ذكرياتي عن العهود الثلاثة لم أتوسع عن بيوت لضيافة في بلدنا كله قبليًّا وحضريًّا فالعربي عظيم بالخلتين الكرم والشجاعة، فإذا هو في تاريخ الأدب وأدب التاريخ الفارسي الذي افترس كل القوى التي حامت حوله أو تحاملت عليه، ففي الجاهلية كانت شجاعته وكانت صحراؤه الحامي ذماره والحامية، داره وفي الإسلام كان هو الفارس الذي افترس حين افترش مجد التاريخ وتاريخ المجد فاتحاً فأنار الدنيا بهداية القرآن الكريم واستنارت الدنيا بالحضارة الوسيط.
وبعد هذه المقدمة أسجل ذكرياتي عن بيوت الضيافة فالقبائل والحواضر في الصحراء يفتحون صدورهم للضيف حتى لا يبلغوا الكرم قيم العفو عن ضيف استقبلوه، إذا هو القاتل لواحد منهم وإذا هم بكرامة الضيافة لا يثأرون وإنما هم يعفون، فأي كرم أكثر من هذا ومذ اتضح، استرشادي وتكامل في مكة المكرمة والمدينة المنورة وفي جدة وما جهلت بيوت الضيافة في القبائل حول تهامة والحجاز فالعراقة واحدة.
ففي مكة المكرمة لم تكن فنادق وإنما كانت البيوت للضيافة للقادمين من أهل العلم والأدب كان هناك البيت يستضيف هؤلاء القادمين إلا وهو بيت الشيخ ماجد الكردي العريان في القرارة فقد عرفنا أنه استضاف الشيخ يوسف ياسين يرحمه الله وخير الدين الزركلي وكامل القصاب وخالد الحكيم في عهد الأشراف ولعلّه استضاف قبلهم في عهد الأتراك وفي مكة المكرمة أيضاً بيت الشيبي السدنة بني عبد الدار ما أحسبه كان يستضيف إلا من يعرفه أو من طلب منه أن يستضيف الضيف الذي استضافته الحكومة العربية السعودية يوم جاء زائراً مسلماً ومؤآخياً وذلك هو أمير البيان أبو غالب شكيب أرسلان فمن حصافة الأمير فيصل بن عبد العزيز نائب الملك في مكة المكرمة وهو التقدير لابن الحمولة فلا ينزله إلا في منزل من هم حمولة فإذا حمولة فإذا شكيب الضيف وهو ابن ماء السماء على عبد القادر الشيبي ابن عبد الدار وحان وقت العشاء وقام ابن عبد الدار إماماً يصلي بالضيف ومن إليه فقرأ السورتين
أَلَمْ تَرَ (الفيل: 1) لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (قريش: 1) حتى إذا سلم قال ابن ماء السماء أشهد أني في مكة المكرمة وإنك ابن مكة المكرمة، وفي ليلة زار البيت صديقنا الكبير ذو الخلق الكريم الأستاذ عبد الوهاب آشى فسأله الأمير شكيب مكبراً حين سمع النسبة ((آشي)) هل أنت من وادي أش يعني ذلك الوادي في الأندلس الذي شاع ذكره في أدب العرب كأنما وديان العرب وأنهرها تعرف وادي آش فقال عبد الوهاب لا. أنا من أندونيسيا لا من الأندلس وأريد أن تعرفوا وادي آش لماذا عشقه الأمير شكيب فمن شعراء الأندلس شاعر وصف هذا الوادي بقوله:
وقانا لفحة الرمضاء واد
سقاه مضاعف الغيث الحميم
نزلنا دوحة فحنا علينا
حنو المرضعات على الفطيم
تروع حصاه حالية العذارى
فتلمس جانب العقد النظيم
وما دام الشيء بالشيء يذكر فأختم الحلقة الأولى عن بيوت الضيافة بقصيدة رثا فيها الأمير شكيب أرسلان صديقه عبد القادر الشيبي حيث قال شكيب:
ورثيت صديقي المرحوم الشيخ عبد القادر الشيبي كبير سدنة البيت الحرام وعين أعيان مكة المكرمة..
سلاني هل على بعدي سلاني
وهل كان المغيب سوى العيان؟
وهل فارقته إلا توالت
رسائله عليّ بلا توان؟
صديق نادر الأمثال فيما
عهدت وما له في العهد ثان
وغطريف تعز به قريش
له في كل مكرمة يدان
من النفر الأُلى سادوا وشادوا
وجادوا للأقاصي والأداني
عريق المجد أروع عبدري
له شأن يكذب كل شأني
وكيف يكون من ينميه أصل
كعبد الدار أو عبد المدان؟
وكيف يكون مضطلع بأمر
تسجل بالمثالث والمثاني
أقر الله للشيبي حقاً
سدانة بيته طول الزمان
تغيرت البلاد ومن عليها
ورتبة آل شيبة في أمان
وقد ضموا إلي ما أورثوه
تميزهم بأخلاق حسان
وكان عميد هذا الوقت منهم
يشار إلى علاه بالبنان
يهز به الحجاز أخا مضاء
إلى العلياء كالسيف اليماني
وإذا فارقته في أرض وج (1)
وجا (2) قلبي التياع كالسنان
كأني قد شعرت لدى وداعي
بأني لن أراه ولا يراني
ولما جاءني منعاه أذكى
ضلوعي واستهل المدمعان
 
طباعة

تعليق

 القراءات :690  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 1087 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .