شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الصخر أثمر والنهر أصحر
وليس عجيباً أن يكون هذا العنوان عن أرض الصخر والقفر وكيف ارتفع إنسانها، إلى فوق، وإنما العجيب هو الكلام عن أرض النهر وكيف رضي إنسانها أن يعيش الكفاف بل وأن يعيش من حوله بقسوة الجفاف وليس هو الجفاف في الأرض ذات الغابات وإنما هو جفاف الإنسان على نفسه رضي أن يعيش في غيبة عن النهوض، بينما كل ما حوله ينهضه ولنضرب المثل تلو المثل فليس هناك جزر قفراء تكثر فيها الزلازل والبراكين كاليابان، ولكن إنسانها وجد نفسه في قسوة حين يعيش على أرض طبعها الله على هذه القسوة فإذا القفر وازع ينهض يقتل الفقر يقاتل كل المعوقات لا زرع ولا ضرع ولا تربة ذات طينة يمكن أن يزرعها ولكنه وقف ناهضاً يستجلب كل ما أنهضه من النفط حتى التراب، فإذا اليابان دولة صناعية عظمى فقد استطاع الياباني حين أمسك بالسلاح وهو في أوج نهضته أن يهزم روسيا القيصرية، كما استطاع الياباني أن ينتصر على الهزيمة البشعة، قنبلة نووية أحرقت مدينتين وأهلكت الألوف ولكن الياباني انتصر على الهزيمة بالثبات، إنها قسوة الأرض، ألانت عاطفة الإنسان نحوها أو ليست اليابان هي التي أخرجت بريطانيا عن قاعدة الذهب فإذا الجنيه الذهب الذي كان أقل من الجنيه الورق يصبح ذا قيمة كبرى إن أغنت من اشترى فقد خسر بها بعض من فاته تحرك اليهود، لأن الذهب بين إصبعي اليهودي صنعت اليابان الثوب الرخيص من قطن تستجلبه، ثم نفط تصنعه، فإذا تجارة مانشستر تهبط إلى تحت، ولنذكر قصة في حوار بين الإمبراطور جورج الخامس ورئيس وزرائه ((رمزي ماكدولمس)) حين هبطت تجارة مانشستر ((المني فاتورة)) خاطب الملك جورج المستر ماكدولنج بدعوة إلى الخروج من هذه الأزمة، فتقدم رئيس الوزراء بالاستقالة لكن الإمبراطور قال له ((قُد السفينة إلى النجاة)) إمبراطور الأسطول يتكلم عن سفن الأسطول وصدع ماكدولنج بأمر الإمبراطور حتى إذا خرج قال ((خير للطالب أن لا يكون الأول في فرقته)) وكان الحل للخروج عن قاعدة الذهب والتعويم للأسترليني هكذا صنعت اليابان، صخرها أثمر لأن الإنسان هو التنمية، ونأتي إلى أرض النهر كيف أصحرت وهي ذات الخصب، الماء وفير والغابات ولكن الإنسان ما زال فقيراً، إن قارة إفريقيا أرض النهر النيل الكنغو الزمبيزي النيجر لكن كل هذه الأنهار إنسانها يعيش الكفاف حتى استعصى على الاستعمار الذي ما كان همه إلا النزح أن يأخذ من إنسان إفريقيا قياماً بما ينهض به، فالنهر يجري ولا زرع حوله، يشتغل به الإنسان يستثمره الإنسان، لكن الإنسان حول النهر قد استرقته رقة من طبيعة الأرض وافته رخاء فاسترخى، فلو زرع الإنسان صاحب النهر الذرة أو الحنطة أو الفول لأنتصب يقف أمام الدول الصناعية في أوروبا، والأعجب من ذلك أن بعض إنسان النهر يريد أن يكون صاحب صناعة كالحديد والصلب مع أنه ليس في حاجة إلى ذلك حاجته أن يزرع ويصدر لا أن يستورد الحنطة والذرة ولا أن يسترفد مستجدياً الغوث، فاليابان مثلاً قبل اليابان تربة قاسية لكن الأوروبي نهض فصنع وأعد القوة واستعمر فأستثمر فليس هناك من كان عديلاً لشعوب أوروبا إلا شعب اليابان، كانوا يسخرون منه أعني الأوروبيين يسخرون من الياباني يقولون إنه مقلد كأنه لم يرتضع عن القردة حتى ضربوا المثل بأن إنساناً أوروبياً تقدم إلى خياط ياباني ليصنع له ((جاكيته)) مثل التي عليه فنظر الياباني إلى الجاكيته فإذا فيها فتق كبير من آخرها فصنع له مثلها وبهذا الفتق، وصحيح أن الياباني أول الأمر قلّد لكنهم اليوم أصبحوا يقلدونه، وإندونيسيا خصبة ممطرة قالوا لو أن أحدهم ركز عصاته في طينها لأورقت العصا، ولكنها الأرض الخصبة الممرعة هي التي أعجزت إنسانها بينما الأرض القفر أعجزت بإنسانها، فالإنسان هو التنمية والعربي في جزيرته خرج من القفر والفقر حين أصبح أمة إلى ما سجله التاريخ فالعقيدة جمعت، ولكن ينبغي أن لا ننسى أن قسوة القفر طوعت العربي إلى أن يستطيع أن يصنع مجد التاريخ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :668  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 1063 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.