شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
البصير العاشق
والبصير العاشق ليس هو بشار بن برد الذي عشق بأذنه:
والأذن تعشق قبل العين أحياناً
يرى الفؤاد ما لا يرى النظر
فبشار علم في ديوان العرب، ومعلومة عند الذين يغترفون ولا يعترفون إن هذا البصير الذي أكتب عنه عرفته وهو يأكل الطعام ويمشي في الأسواق قارئ قرآن على الموتى، وفي المآتم ولكن عرفته عاشقاً مدنفاً أحب، كان فريسة من لمسة يد، من نغمة صوت، ولكن كيف عرفت ذلك، لقد كانت المصادفة حين دعاني السيد الصديق حسن أحمد الصافي الجفري إلى العشاء يرحمه الله فإذا نحن ثلاثة صاحب البيت وكاتب هذه الأسطر والشيخ الأخيمي البصير وسمعنا غناء بصوت محمد عبد الوهاب يغني قطعة شوقية شاعرها أحمد شوقي وهي:
ردَّت الروح على المضني معك
أحسن الأيام يوم أرجعك
مر من بعدك ما روعني
أترى يا حلو بعدي روعك
فقال الشيخ أنا الذي روعني بعدك وما كنت أصلح لأن؟ يرتاع لبعدي عنك.
وأخذت أتحدث أستأخر لأسأل العاشق البصير عن حال مضى له فقلت إن أحمد شوقي احترف المعارضة لأكثر من شاعر، فحين تأندلس في الفردوس المفقود عارض لسان الدين بن الخطيب في موشحه وعارض ابن زيدون، ولم أذكر شيئاً عن ابن الخطيب وإنما ذكرت وبسبب الأغنية القطعة التي عارضها شوقي فأنشدت:
ودع الصبر محب ودعك
ذائع من سره ما استودعك
يقرع السن على أن لم يكن
زاد في تلك الخطى إذ شيعك
يا أخا البدر سناء وسني
رحم اللَّه زماناً أطلعك
إن يطل بعدك ليلي فلكم
بت أشكو قصر الليل معك
فصرخ البصير (آه.. إن هذا القول يعني قول قصر الليل وطوله هو كما نقول نحن الصوفية) فقلت: وماذا قلتم؟ قال: قولنا هو (سَنَة الوصل وسنَة الهجر سَنَة) وسألناه مالك تحترق فهل استرقك حب؟ فقال: وأي حب.. لقد ماتت زوجة مدير السكة الحديد، فأخذوني أقرأ، فصافحتني ابنتها الشابة، وتكلمت تحييني، فإذا اللمسة وإذا الكلمة أشعلت الحب لها ولعلّها عرفت ذلك من رجفة ارتجفت بها فأخذت تكرمني تطلب مني الوصول إلى البيت حيناً بعد حين أقرأ القرآن كان ذلك صلة ولم يكن اتصالاً، وحان وقت السفر لها حين نقل أبوها إلى الآستانة عاصمة العثمانيين، فما استطعت التخلف عنهم شفعت لي عند أبيها أن أكون معهم في هذه الرحلة، وارتحلت من المدينة المنورة إلى القسطنطينية ولا شيء إلا أن أسمعها تتكلم كل هذا كان حبي، وكله كان عاطفتها الإشفاق ولا أكثر فقلت له لقد رجعت فهل ما زلت تحبها؟ فقال وهل حديثي عنها الآن إلا حبها، فقلت له أنت لم ترها ولكن في وجدانك السؤدد فدعني أصف حبيبتك وبهذا البيت للإمام عروة بن أذينة..
بيضاء باكرها النعيم فصاغها
بلباقة فأدقها وأجلها
وأخذ يضحك وهو يبكي..
وهذا الحديث قبل ستين عاماً وما زلت به وفيه وله..
وما دام الشيء بالشيء يذكر فهناك توارد خواطر، ليس معارضة بين ما جاء في أغنية محمد عبد الوهاب (أحب أشوفك) وبين بيتين لابن زيدون فالأغنية فيها:
أشوف خيالك بالوحدة دي (إدامي..)
أكلمك واسمع حسك وأشكو غرامي
(واؤوم) أضحك ملآشي غير أوهامي
والبيتان لابن زيدون هما:
أما رجا قلبي فأنت رجاؤه
يا ليتني أصبحت بعض رجاك
يدنو خيالك حين شط مزاره
وَهَمٌ أكاد به أقبل فاك
توارد خواطر ليس معارضة ولا سرقة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :625  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 1061 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج