شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بماذا انتصرت الشعوبية ولماذا صبرت؟
وفرق كبير بين الذي لا يعرف عن قومية العرب وشعوبية الفرس فلا يظن أن عرض التاريخ هو لب السياسة، وبين الذي يعرف قومه وأرضه فلا يرى إلا في عرض التاريخ هو عرض للسياسة.. فالتاريخ عن الماضي هو فقه لتاريخ الواقع، لهذا أكتب تحت هذا العنوان بماذا انتصرت الشعوبية ولماذا صبرت على مواقف قاهرة بسيف وقوة الذين صنعت لهم الشعوبية ملكهم العريض..
إن الشعوبية الفارسية ما كانت لتنتصر إلا بشدة القومية العربية في عهد أمية.. فالذين تعربوا من الفرس ما أجلهم ما أكثرهم وقبل عهد أمية وفي صدر عهد أمية كانت عرب اللسان عروبة البيان والوجدان تناول العلم المعلق بالثريا فما كانوا شعوبيين أعني أنهم لم يتكلفوا التعصب والعصبية، أسماؤهم معروفة مسجلة في ديوان اللغة وتدوين السنة وديوان العرب ديوان الشعر غير أن قومية أمية لم تنفرد في الشام ولم تنفرد بالعرب في غير الشام وإنما هي تغطرست على كل شرق الخليج فحين كانوا وحدة فتحوا الشرق كله، وحين استحالت قومية الفاتحين إلى عصبيات ضعفت القوة حين ذهب الحجاج وقتل قتيبة بن مسلم حتى صرخ نصر سيار من هذا الوضع فأنشد يقول:
أرى بين الرماد وميض نار
ويوشك أن يكون لها ضرامُ
فإن النار بالعودين تُذكي
وإن الحرب مبدؤها كلام
فقلت من التعجب ليت شعري
أأيقاظ أمية أم نيامُ
فما استيقظ هشام بن عبد الملك لأن النعمة أبصرها وما تبصر بها فأخذ قادة الشعوبية الفارسية من هذه الغطرسة ومن هذه الفرقة ومن كل الضعف أن يلتفت إلى وقع العصبية التي عاشت بين العرب وهاشمية، فالعبشمية هي السلطان والهاشمية متفرقة فأخذ أبو سلمة الخلال هذا اللقب (وزير آل محمد) يزرع الشعوبية عصبية فارسية قبل أن تكون تعصباً مذهباً، فإذا هم يطلبون السلطان كما هي دعوتهم (الرضي من آل محمد) فتجمعوا تحت زعامة القيادة لأبي مسلم الخرساني، وأرسلوا علوياً للبيعة فأبى (جعفر بن محمد) فمالوا إلى العباسية فإذا هم يتصلون وهشام غافل بإبراهيم بن محمد علي بن العباس الذي خشيته أمية فعجزته وكأنه السبعين بحران على مشارف الشام اتصلوا به فاستجاب ومعه أخواه السفاح والمنصور وعمه عبد الله بن علي فأشعل عبد الله ابن علي الحرب على أمية في الشام أيام مروان بن محمد وأمده أبو مسلم بحجز المدد عن الشام من العرب الذين كانوا عصبة اليشيميين فانهار ملك بني أمية وأقام ملك بني العباس غير أن إبراهيم مات فرضي أبو مسلم بالسفاح ثم رضي بالمنصور فإذا هو أعني أبا مسلم يحارب عبد الله بن علي في الشام، خاف أن يكون العربي ولا أدري هل هو خوف المنصور من عمه أم هي طاعة المنصور لأبي مسلم فإذا ملك العباسيين في يدي المنصور قوياً بأبي مسلم قوياً بالشعوبية ولكنه أبو جعفر لم يبق تحته نفوذ أبي مسلم فقتله في قصة مشهورة فإذا الشعوبية تصبر على قتل أبي مسلم لأن ما تريده هو أن تفرض سلطانه ولوضحت بأبي مسلم، ولكنها الشعوبية أبرزت البرمكي يحيى بن خالد يكون بعد المهدي والهادي هو السند للرشيد هارون، فإذا الشعوبية تفرح بالبرامكة فرضوا سلطانهم على الرشيد، ولكن هارون مازال عباسياً هاشمياً عربياً فنكب البرامكة ولم تكن العلة جعفر وما يتهم به ولكنه نفوذ الشعوبية أراد الرشيد أن يطيح به وصبرت الشعوبية على نكبة البرامكة كما صبرت على قتل أبي مسلم، فالمطلب هو سلطانها لا الواحد أو الآحاد الذين كانوا منها لها، ومات الرشيد فإذا الشعوبية تقتنص المأمون ربيب البرامكة تنصره على أخيه وتفرض عليه ولي العهد المفروض عليه من الشعوبية التي استحالت عصبيتها إلى تعصب، ولكن الشعوبية صبرت لعلّها تجد فرصة، ولكن عصر المأمون الزاهر لم يعطها الفرصة حتى إذا جاء المعتصم أجهز على شعوبية الفرس بشعوبية الترك وأخواله، وهكذا لم يعد للعرب سلطان، وإنما السلطان كان للشعوبية فارسية أو تركية، ثم دالت الأمور فإذا العباسي يخطب باسمه وليس له شأن في حكم الأقاليم فإذا هم ملوك الطوائف الذين لم يستطيعوا مقاومة التتار ولا الصليبيين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :600  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 1053 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج