شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحرب الباردة..وقودها العرب!
وأرغم العرب أنفسهم أن يكونوا وقود الحرب الباردة بين الإمبراطوريتين العظميين، ذلك حين أرادوا أن يحاربوا الولايات المتحدة بالاتحاد السوفياتي، أو أن يحاربوا الاتحاد السوفياتي بالولايات المتحدة، ولو أنهم نظروا إلى أن الحرب الباردة بين الإمبراطوريتين ليست على أساس من وحدة الأيديولوجية من ناحية الخلاف في التطبيق والتنفيذ... فالخلاف بين الإمبراطوريتين ليس إلا على المصالح ومناطق النفوذ، وهذا ما تمكن المصالحة بينهما عليه، كما هو رأي الفيلسوف البريطاني (( راسل )) .
وحين أصبحوا وقود الحرب الباردة بين الإمبراطوريتين اشتعلت الحرب الباردة بين العرب جميعاً.. بل إنها استحالت بين حين وآخر - أعني الحرب الباردة - إلى حرب ساخنة... فبين المغرب والجزائر وموريتانيا وشعب الصحراء: حرب ساخنة!
وبين سوريا والعراق: حرب ساخنة، ولا شك وإن كانت غير مباشرة وإنما العون السوري لإيران استحالت به الحرب الباردة إلى حرب ساخنة.
كل ذلك أعطى لإسرائيل أن تشن حرباً ساخنة على المقاومة ومنظمة التحرير والصادقين من اللبنانيين!
إن كل فرد اليوم ليس همه إلا أن يقول: (أنا ومن بعدي الطوفان) سيجد نفسه فرحاً بعض الوقت.. ترحاً كل الزمن، فالتاريخ لا يرحم لأن الأرض قد ينسى إنسانها من أساء، ولكن في جوفها وعلى سطحها ذاكرة قوية... إذا ما رضيت عن الخيرين، فإنها الأشد غضباً على المتخاذلين الذين بين يديهم فرصة النصر على إسرائيل فأضاعوها.
إن (الصمود والتصدي) هو ما فعله ياسر عرفات ورفاقه..
أما الصمود المتخاذل، والتصدي المتردد والترددي.. فإنه قد أوضح أن بعض الشعارات زخرف ينطفىء لمعانه حين يصبح هذا الشعار كذبة على التاريخ!! كل يوم نكتب: إسرائيل، إسرائيل، أمريكا، أمريكا، كأنما تفرغ عواطفنا وانفعالاتنا في الهواء، بينما واقعنا كعرب ينبغي أن لا نكتب إلا عن هذا الواقع العربي!
وكما قال حافظ إبراهيم:
أنا لا ألوم المستشار إذا تعلل أو تصدى
فسبيله أن يستبد وشأننا أن نستعدا
إن الحرب الباردة بين العرب تبرز بروزاً واضحاً في المؤتمرات إلى درجة أن الفضيحة في السلوك السياسي أبعدت المؤتمرين عن الكياسة والحصافة، ولا أقول الحب.. فالحب بين الزعامات العربية مفقود، ولعلهم يحسنون إلى أنفسهم بأن لا تكبر المصائب، فلا يعودون يأتمرون.. لأن الخلاف إذا تجسد، وأصبح بارزاً بروزه اليوم، لعله يأتي بما هو جديد، كما أتت به حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين.
إن هذه الحرب التي اجتاحت إسرائيل بها لبنان فيها الشر الكبير، والضيم والإذلال.. ليس للذين يقتلون في ميدان الجهاد وإنما للذين يتقاتلون بالكلمات!
لكن كل ذلك سيعطي الشعوب العربي وعياً جديداً تعرف من الذي تلاعب بمصيرها: أمريكا، أم هم الذين لا يسألون عن المصير في سبيل ((المصاري))؟!
أعني من تخاذل. بل كل من تخاذل.
إن الحرب الباردة أصبحت ساخنة.. أعطت للأمبراطوريتين ولليهود ما أرادوا، وأخذت من العرب كل ما أعطاه العرب لهم!
- الفصام
ونسيت في مقالي السابق عن ((الفصام والخصام)) بين العربي والعربي أن أذكر هذه الحكاية التي تجسد هذا الفصام، وهذا الخصام:
فبعد أن انتهى مؤتمر الأدباء في تونس ركبنا الطائرة: الوفد المصري بكامله، والجواهري العراقي، وكاتب هذه السطور والأستاذ عبد الله بن خميس، ووجهتنا مصر عبر ليبيا.
ونزلنا في مطار طرابلس، وذهبنا إلى (البوفيه) كلنا جميعاً انحزنا جميعاً إلى جانب من الصالون، والوفد المصري في جانب آخر، وطلبنا بارداً لنشرب فلم نعط، لأنهم رفضوا أن يقبلوا الثمن دولارات!
وبعد أكثر من ربع ساعة دخل إلى الصالة ضابط ليبي... أشار بإصبعه يدعو الجالسين إلى الخروج معه، ولعل الإشارة كانت إلى الوفد المصري خاصة... قاموا فقمنا وراءهم، وخارج صالة (البوفيه) فتح باب صالون محترم.. وقف الضابط الليبي على الباب يدعو الوفد المصري للدخول، وبكل البراءة حسبنا أننا معهم.. فما كاد يدخل آخر عضو مصري حتى أغلق الباب دوننا!
وإذا ((أبو فرات)) الجواهري، وأنا وابن خميس نرد كاسفين فقلت للجواهري، وخشيت أن يظهر غضبه ولا نعرف بعدها النتيجة.. قلت له:
إنه تكريم على مستوى دولتي الاتحاد - أيام كان القذافي والسادات في مسلاخ واحد - إنه على مستوى دولتي الاتحاد لا على مستوى الأمة الواحدة!
فقال الجواهري: لا.. إنها نكسة حضارية يطول عمرها إلى ألف عام!
أفبعد هذا خصام وفصام أكثر من ذلك؟!
لنفترض أن الضابط الليبي أخطأ.. أما كان ينبغي لواحد من الوفد المصري أن يصحح هذا الخطأ.. يرشد الضابط الليبي!؟
- نزار
نزار قباني: كتب الحب بصورة لم يتوار فيها عن الحقيقة لمطلب الحب: الأنثى.. الجمال، ولم يتورع عن السب.. فالشاعر عاطفة، إن أحبت اعتلت، وإن غضبت تعالت ولو بأسلوب المغالاة، ولكنه بعد قتل بلقيس كتب عن الحب والغضب والحزن والمأساة... كأنه قد استحال إلى نقطة يبتدىء منه الفرق بين شاعر الجمال والحب، وبين شاعر المأساة والكرب!
نزار... يضع علامة تاريخية حين يكتب عن الغضب، ولا يكتب عن السبب!
إنه يجرم الجميع من أجل بلقيس، ولكني أدله أن يذهب مرة أخرى إلى ((بابل)).. لعله يجد ((عشتروت)) قد استوحت هاروت وماروت... يتعلم منها السحر الجديد، فإني أخشى عليه الآن وهو في القاهرة أن يعشق (هاتور)!
ولكن هناك الفرق الكبير بين عشق الساحرة، وعشق المسحورة!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :703  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 993 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.