شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من شاعر الربابة إلى الإذاعة
هكذا العربي.. لم تتغير حماسته نحو الأبطال، ولا يعني أن يكون البطل من صناع تاريخه، فقد أصبح ((البطل)) في مشاعر العربي اليوم هو هادم تاريخه!
أيام شاعر الرَّبابة.. كانت الحماسة تغمر مشاعر العربي لأبطال الملاحم في تاريخنا، شاعر الربابة هو المخرج، والممثل، أما المسرح فهو المقهى.. بفلوس قليلة يدخل العربي إلى المسرح، فريق مع أبي زيد الهلالي، والآخرون مع ذياب بن غانم، وفريق مع ((خليفة الزناتي)).. حتى يصبح المسرح حلبة صراع بين زغابه، وزناته وهلال!
ولعلّ في تمثيلية أخرى عن ((عنترة)) أو ((ذات الهمة)) أو غيرهما تتوزع الحماسة كما توزعت في ملحمة بني هلال.
* * *
كان ذلك حياة في وجدان العربي، ولكن شاعر الربابة قد انتهى، وكاتب القصة اليوم ليس عربياً.. يكتبها كل برلمان في الديموقراطيات أيام الانتخابات. كل العالم العربي اليوم يسمر أذنه على المذياع.. بعضهم يريد أن يبقى ((بيغن)) ومنهم: ياسر عرفات. وبعضهم يريد ((بيريز))، كما كان العرب من قبل.. أي بعد الحرب العامة الأولى: منهم من أنصار حزب المحافظين، وفريق يعلن آماله في حل القضية على حزب العمال، كما هو الشأن في فرنسا: الراديكاليون.. اليساريون.. إلى الديجوليين. والاشتراكيين، فحين نجح حزب العمال برئاسة ((رمساي ماكدونالد)) في العشرينيات.. فرح كثير من الزعماء العرب لأن تغييراً في السياسة البريطانية سيحدث، وتفاءل الذين تستعمرهم فرنسا بأن أي خطوة إيجابية من حزب العمال ستتبعها خطوة إيجابية من فرنسا.. حتى أن سعد زغلول يرحمه الله، كان لديه هذا التفاؤل بحزب العمال، فذهب يفاوض.. حتى إذا عاد قال: (خسرنا المعاهدة وكسبنا صداقة الإنجليز)!.. وخصوم سعد يتهمونه بأنه لم يخسر صداقة الإنجليز في يوم ما!
هكذا العرب.. مع شاعر الرَّبابة كانوا يفتشون عن بطلهم، أما الآن فينتظرون بأسلوب التفاؤل، أو على طريقة (القعدية) من الخوارج أن يأتيهم الإنصاف والعدل من إحدى الإمبراطوريتين!
* * *
لقد كنت مع ((ياسر عرفات)) ومع كل الذين يحبذون بقاء ((بيجن)) رئيساً لوزراء إسرائيل لأنه قد أوصل الوضع في الشرق الأوسط كله إلى ذروة الشر، ولا أقول إلى حافة الهاوية، فحافة الهاوية مطلب الإمبراطوريتين، أما ذروة الشر فمخافة الإمبراطوريتين.
ثم.. إن ((بيجن)) بكل ما صنع في لبنان، وفي بغداد، وبكل السخرية أو التسخير لإطار ((كامب ديفيد)) قد أخرج أصدقاءه وأخرج أصفياءه.. فالولايات المتحدة قد وضعها في الموقف الحرج.. إذا كان ما نظنه فيها صحيحاً، أو أنه، ولا أدري، قد أوصلها إلى الطريق التي تخرج به.. تعلن أنه لا أصدقاء غير إسرائيل.. تعلن بصراحة - التي اضطرها إليها مناحيم بيجن - أنها مع إسرائيل ولو اقترفت إسرائيل إسقاط معاهدة السلام. ليقول ناطق أمريكي: إسرائيل قد حجزناها عن مصر، وحجزنا مصر عن إسرائيل، وكلاهما معنا.. بل إن منطق الاستحواذ عليهما أن يكون هناك بعض التفريق بينهما، ليكون كل من إسرائيل ومصر في حاجة إلينا!!
حين تكون النتيجة على هذه الصورة من مناحيم بيجن، فهو في اختيار الثائر العربي: أن يبقى رئيساً لحكومة إسرائيل.
* * *
أما ((بيريز)) فسيحاول التحذير بأسلوب وآخر.. يمد حبل المفاوضات.. يسترخي عضلات الطغيان في لبنان.. يكيل الوعود للحكم الذاتي، كأنه يعطي العرب جرعة مسكنة، ويعطي بيجن فرصة ممكنة.. و ((بيريز)) يعمل لـ ((بيجن)) كما أن بيجن قد عمل لبيريز، فهذا التساوي في نتيجة الانتخابات هل هو عمل برلماني حر، أم هو توزيع المقاعد لتوزيع التصرفات.. تفعله هذه العصابة اليهودية؟!
إن من الحماقة أن تتعامل الدول، وأخص منها الغربية التي تلقى بعض زعمائها الصفعات من مناحيم بيجن، مع إسرائيل على أنها دولة.. مع إنها عصابة!
إن الرواية لم تتم فصولها.. وقد يبدأ الفصل الثاني بعد الخامس من أغسطس في كامب ديفيد، أو في أي ((كمب)) آخر!
صورة:
الأستاذ ((رجاء النقاش)) أعطانا صورة جسد فيها المأساة.. زعم أنه يحذر الأدباء، مع أني أتهمه أنه أراد أن يغري هؤلاء الأدباء ليفضحهم، فرجاء النقاش ينتهج أحياناً في أسلوبه الإغراء بالخلفيات، فالنتيجة التي يريدها ليست في ظاهر الأسلوب، وإنما في ما يخفي ‍!
أعجبني هذا المقال لأنه أعلن أن ((رجاء)) يستطيع أن يكون كاتباً حراً، فحينما وجد الحرية التقطها، فأريد أن أحاوره على صورتين:
- الصورة الأولى: عن حسين فوزي - السندباد - الذي لا يعرف أن ثمانين في المائة من المصريين لا يعرفونه، ولكن 90% من العالم العربي يعرفونه. إن ((حسين فوزي)) حين ذكر الحضارة العبرية كان خائفاً من المجازفة يسير بها الباطل، فلم يقل اليهودية مع أن العبرانيين بعد أن كانوا بدوا أصحاب العير والبعير لم يعرف لهم شأن إلا لأنهم اليهود، فإطلاق العبرانية عليهم أو العبرية نظرية يختفي في ظلالها ((حسين فوزي))!
* * *
ثم.. أني أسأله: أين حضارة اليهود أو العبرانيين.. في أي مكان أقيمت.. في أي زمن نشأت؟ أتحداه أن يحدد الزمن أو المكان، فالحضارة إنسان وثقافة ووجدان ومكان، واليهود لم يمتد بهم زمان كزمن الفراعنة، أو عاد، أو ثمود، أو الكلدان أو غيرهم من أمتك العربية يا حسين فوزي. إن اليهود ليس لهم حضارة.. هم كالبوهيميين رحالة، سواء برغبتهم في الرحيل أو بطردهم، لو قرأ ((حسين فوزي)) التاريخ جيداً لعرف أن هيكل سليمان لم يشارك في بنائه يهودي واحد، وإنما هم ((فعلة)) مستأجرون أو مردة مسخرون!
لا حضارة لليهود، ولكن.. بعض هؤلاء: توفيق الحكيم أو حسين فوزي.. ردوا إلى أرذل العمر، أما جائزة نوبل فأبشر الأستاذ ((رجاء)) أنها ستعطى لأنيس منصور قبل حسين فوزي!!
- الصورة الأخرى: ذكرت الأستاذ الإمام صاحب الجواهر (طنطاوي جوهري) كأنك تبكيه.. تبصق على ضحكات بعض الساخرين منه. أتعرف أول من سخر منه؟ كثير من الزهريين والجامعيين، وأولهم أستاذك الدكتور طه حسين.. لعلّه قد تعرض لطنطاوي جوهري - إن لم أكن نسيت - في كتابه ((أديب)) حين قال ساخراً: إن بعض الناس يكلف القرآن بما لا يحتمل. ولا أدري عن موقف العقاد من الجوهري. فلعلّه يوم خرج هذا التفسير كان العقاد مشغولاً بشوقي وبسعد زغلول.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :663  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 987 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.