شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فلسطين في مؤتمر جنيف
وما لي أستعجل، أكتب عن مؤتمر جنيف، تم انعقاده بقرار من هيئة الأمم وتحت رعايتها ولمّا يصدر القرار من هذا المؤتمر؟
إن الإجابة على هذا السؤال هي في توضيح العراقيل والمعوقات التي حاولت دول شتى ألا يعقد هذا المؤتمر، كما أني أعتبر أن المؤتمر أصدر قراره حيث إنه قد أعطى منظمة التحرير صفة العضو من بين أعضاء المؤتمر فمحا عنها صفة المراقب ويعني ذلك أنه اعتراف ضمني بأنها ((دولة)) داخل المؤتمر وقد يلزمها ذلك أن تعلن تأسيس الحكومة الفلسطينية في المنفى!
كأنما هذا القرار من المؤتمر أعطى لفلسطين مكانتها وطلب منها أن تعلن إمكانها وليس هناك ما يأتي من قرارات بعد أقوى من هذا القرار، اعترف بمنظمة التحرير عضواً كأي دولة عضو في هذا المؤتمر.
إن هذا المؤتمر في جنيف كان امتحاناً للدول التي حاولت ألا يعقد؛ لأن مائة وثلاثين دولة أي مائة وثلاثين شعباً، أكثرية ساحقة وضعت الدول التي مانعت في أن يكون وامتنعت أن تكون عضواً في موضع قد لا تحمده هي لنفسها لأنه وصمها بوصمة التبعية لليهود، كما أنه وصمها بكذبة الصداقة للعرب. كما أنه قد وصمها بطابع الانخذال أمام الاتحاد السوفياتي تعطيه مكرهة أو طائعة مكاناً خفياً لدى العرب ، فهل هناك عطاء للاتحاد السوفياتي من خلال هذا العطاء منهم لليهود أكثر من هذا الموقف المتخاذل من أجل اليهود؟
إن فرنسا التي ذرف العرب كثيراً من الدموع يوم وطأتها جحافل النازية هدمت خط ((مجينو)) وأظلمت بعنفوان النازية مدينة النور.
إن فرنسا التي عظمت إمبراطوريتها باستعمار الكثير من الشعوب العربية قد نسيت عطاء هذه الشعوب لها، كما نسيت غضبة هذه الشعوب عليها؛ لأن فرنسا التي رضيت أول الأمر أن يعقد هذا المؤتمر في باريس رفضت انعقاده لديها حين أخضعها اليهود أو مارست الولايات المتحدة بأسلوب الرجاء الضغط عليها، رفضت فرنسا أن يعقد هذا المؤتمر وكادت سويسرا أن تتلكأ تحاول أن لا يعقد في جنيف.
ولكن الحياد الصادقة في سويسرا وصداقة سويسرا مع الأرصدة العربية التي غصت بها بنوك سويسرا وتحركت بها إلى فوق قد أرضت سويسرا أن يعقد فيها هذا المؤتمر من جل فلسطين، كأنما هي قالت لليهود: لقد اتسعت لكم سويسرا أن يعقد فيها مؤتمر ((بال)) فينبغي أن تتسع سويسرا كما اتسعت لكم فلا ترفض في جنيف أن يعقد هذا المؤتمر من أجل فلسطين.
والامتحان أيضاً قد انصب على الدول الغربية صاحبة البيانات المشتركة وصاحبة التصريح تلو التصريح، تعلن فيها كلها أنها النصير للعرب، كان الامتحان ((فضيحة خلقية)) فقد امتنعت أن تكون من أعضاء هذا المؤتمر فأرسلت من يمثلها بصفة المراقب.
إن هذه الجفوة أتلقفها شاكراً لهذا الدول؛ لأنها أوضحت موقفها ولأنها قد أعطت المؤتمر السلامة من موقف المعارض، فما أقل ما نصرت به اليهود حيث حجزت نفسها عن موقف المعارض وما أجل ما أعطت العرب حيث ابتعدت عن المعارضة، إنها رقيب مشاهد وذلك عجز سلطة اليهود عليها وتعجيز من سلطان العرب في هذا المؤتمر.
أما الولايات المتحدة فمواقفها مع إسرائيل تحت ضغط اليهودية العالمية لا تحتاج إلى تعليق، لكني وعن طريق الفقه للتاريخ ولما يصدر من هذا المؤتمر أتطوع بالشكر للولايات المتحدة أيضاً، لأن فقه التاريخ لهذا الموقف فيه العطاء للصورة الواضحة عن مواقف الولايات المتحدة وهي أنها لم تعد تطيق سقوط هيبتها أكثر مما جرى فامتنعت عن الحضور لئلا تتورط بالمعارضة أو أن تتورط بالموافقة، تجنبت المعارضة من أجل هيبتها وتجنبت الموافقة من أجل هيبتها أيضاً وذلك منتهى ((الحرج)) لإمبراطورية عظمى تستطيع بقوة ما تملك أن تصنع السلام حين تمتنع عن عطاء ما تملك لليهود حرباً على السلام.. فشكراً للولايات المتحدة؛ لأن في هذه السلبية عطاء للمؤتمر أن تنتصر فيه المبادئ حين ابتعدت عنه ضغوط ومواقف المغرضين.
وحين ألقى فاروق قدومي خطابه رجوت ألا يطلب تطبيق العقوبات؛ لأن ذلك لن يتحقق بل هو قد لا يميل إليه كثير من أعضاء المؤتمر، لكنه في كل هذا الخطاب قال المعلقون إن فاروق قدومي كان رجل دولة حدد المطالب بوضوح دون تشدد فكانت الثمرة أن يقرر المؤتمر في أول يوم اعتبار فلسطين عضواً كامل العضوية، دولة من دول هذا المؤتمر وإن لم يكن لها مظهر الدولة.
إن مائة وثلاثين دولة قد قارب عددها أن يكون ثلاثة أضعاف الدول التي صوتت فصدر قرار تأسيس الدولة الإسرائيلية، كأنما هذه الدول المائة والثلاثون قد نسفت قرار هيئة الأمم الأول الذي صدر بأكثرية قليلة، تأسست بموجبه دولة إسرائيل، فقرار الأقلية لم يكن قوة يتم فيه تنفيذ القرار لتأسيس الدولة وإنما كانت القوة في يد ترومن واستالين، في يد الإمبراطوريتين جعلتا هيئة الأمم كعصبة الأمم الأولى فليس هناك فرق بين هتلر وموسوليني وبين ترومن واستالين.
فالأولان حطما عصبة الأمم والتاليان استغلا هيئة الأمم فهي إن لم تتحطم أصبحت بالإمبراطوريتين إدارة التحطيم.
استقالة بيجن
ومالي أستعجل، أكتب عن استقالة بيجن ولم يقدمها حين أكتب هذه الكلمة، لقد أذاعوا أنه ((يستقيل)) ولكنه لم يبت إلى الآن. مالي أكتب عن ذلك أستعجل التعليق؟
إن الإجابة أستوضحها لأوضحها كالتالي:
- أولاً: إني أطرح سؤالاً هل سئم بيجن سلطان الحكم؟ أم أنه قد خضع لقرار الكهنوت اليهودي في نيويورك، يأمره بالاستقالة؟ أم أنه أراد إحراج الولايات المتحدة في لبنان؟
- ثانياً: إن الطاغية اليهودي لا يسأم سلطان الحكم ولكنه أراد أن يخرج محتفظاً بما صنع لإسرائيل، خشية أن يتورط في لبنان أكثر فيفقد صداقته الخفية للاتحاد السوفياتي.
إن بيجن وقبله جولدا مائير وابن غوريون وغيرهم وكل المؤسسة العسكرية ما هي إلا توظيف لمخططات كهنوت اليهودية العالمية، فلا تحسبوا أن كلاً من هؤلاء يستطيع أن يفعل ما يريد وإنما هو يفعل ما يأمره به هؤلاء الدهاقين.
فالقوة بما فعلوا ما هي إلا من أوامر الكهنوت اليهودي، فلعلّ هذا الكهنوت أراد أن يغير وجهاً طاغياً كمخدر مؤقت يتناسى العرب به طغيان بيجن وينسى العالم مواقفه في هايدبارك على كل المنابر.
فالكهنوت اليهودي ذو نفس طويل يسترخي بعض الوقت ليجد الفرصة في وقت آخر وإخراج بيجن عملية استرخاء.
- ثالثاً: أما إن مناحم بيجن والكهنوت اليهودي، كل منهما يريد إحراج الولايات المتحدة في لبنان وإخراجها من مبادرة الرئيس ريجان.
قد ظهرت البوادر حين أرادت إسرائيل أن تنسحب إلى الجنوب الذي لن تنسحب منه قط. أرادوا أن تتسع الحرب الأهلية في لبنان وأن تتورط الولايات المتحدة فيها كعملية اعتذار من بيجن واليهودية العالمية للاتحاد السوفياتي ومن إليه.
فإسرائيل لا تريد أن تتورط في لبنان أكثر بل إنها تجني الثمرات من خلال تورط الولايات المتحدة وتسلم من غضب الاتحاد السوفياتي. حتى إنها وقد بدأت تنسحب من الجبل وبيروت تقدم الرئيس ريجان برجاء أن تبقى لتكون قوة ضاغطة على لبنان تستطيع بها الولايات المتحدة الحيلولة دون اتساع الهجمات عليها.
أنا كمعلق أفقه تاريخ، أجدني مع هذا الاستنتاج ألا وهو أن استقالة مناحم بيجن تكسب منها إسرائيل توريط الولايات المتحدة وتعطيل مبادرة ريجان.
وليست إسرائيل في حاجة إلى بطل، فكل الأبطال في إسرائيل يقتلون تاريخاً، وكل رجل في إسرائيل يستطيع أن يكون مناحم بيجن، فالعجوز الشمطاء جولدا مائير كانت البطل ليس هو الظاهر في تنفيذ السياسة الإسرائيلية وإنما البطل هو الكهنوت اليهودي والدهاقين في نيويورك.
وكان في إمكاني أن أستأخر ولكن مقال الأسبوع لا يساعد في التأخير.
صورة:
مسكين شاعر العروبة فؤاد الخطيب حينما تفاءل بأمته العربية يوم أنشد قصيدته:
لمن المضارب في ظلال الوادي
ريانة العرصات بالرواد
اللَّه أكبر تلك أمة يعرب
نفرت من الأغوار والأنجاد
ثم تفاءل أكثر فقال:
تعس العداة فما يفرق شملنا
متفرق السماء والآحاد
ظلموا وما علموا بأن وراءهم
شعباً وإن الله بالمرصاد
ما ظلمنا أعداؤنا يا فؤاد وإنما نحن الظالمون لأنفسنا!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :665  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 985 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل