شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نفثة مصدور.. وتنفس مقهور..!
والمصدور إلى درجة القهر. والمقهور إلى درجة تمزق الصدر هو العربي الآن:
لا لأنه يعيش المخافة من عدوه. وإنما يعيش الخوف.. خوف العربي من العربي.. فحين تسقط هذه المخافة نجد أنفسنا نحن العرب في وئام دون صدام ليكون كل ذلك باعث الشجاعة. نقاوم بها الخوف من العدو.
إن العربي اليوم قد أهدر الماضي وأفقر الحاضر. ولا مستقبل للذين يهدرون ماضيهم ويفقرون حاضرهم كأنهم وضعوا المستقبل على المقصلة. أو أنهم علقوه على المشنقة.
إنهم يقولون. لبنان عاش ويعيش شعوبية الطوائف. كأنما هم قد نسوا أن كلهم يعيشون الآن طوائف الشعوبية. شعوبية ليست تحارب العرق وإنما هي قد استعرقت فيها الإقليمية، كأنما إنسان الأرض العربية قد أصبح حرباً على أخيه وجعل من قطعة الأرض التي فيها إقليمه حرباً على قطعة أخرى فيها إقليم آخر. مع أن الأرض لا تقبل ذلك، فهي الوحدة من فجر التاريخ إلى دهر التاريخ. فالأرض واللغة وإن جار عليهما اختلاف المعتقدات فإنهما قد ابتلعا كل واغل ومشغب بالشعوبية. فالغزاة كان الدين واللغة والأرض هم السلاح الأقوى الذي اقتلع الغزاة أو ابتلع الغزاة. كانوا غزاة طغاة. فحين ابتلعتهم اللغة والأرض واحتضنهم الدين ذابوا في الأرض العربية إذ تأقلموا. ولكن الإقليمية الآن مرحلة.. وقت، يذيبها الزمن السرمدي. فلن يهزم هذا الدين وقد أبت اللغة العربية أن تنتصر. وتأبت الأرض أن تتمزق فهي الواحدة رغم أنف الأقاليم.
إن العربي اليوم في واقع الشعوب لا واقع الزعامات لا يتنكر لماضيه. ولكن هذه الذكرى للماضي لا يمتد بها عمله للحاضر، ولا أمله للمستقبل، لأنه يعيش الوحشة داخل إقليمه. ولكن الشعوب تأبى إلا أن تكون للأمة الواحدة حين يذوب الوقت إذ تذوب الزعامات.
ودعوني أقلد اللبناني الماروني المتمصر، ((أنطون الجميل)) رئيس تحرير الأهرام فيما سبق، كان يزخرف النثر بالشعر، أريد أن أقلده أتنفس ولو كان زخرفاً.
قال معروف الرصافي الشاعر العراقي يعيب الفخر بالماضي على الذين لا يحفلون بالحاضر.
وإن لهاشم في الدهر مجداً
بناه لها الذي هشم التريدا
فدعني والفخار بمجد قوم
مضى الزمن القديم بهم حميدا
فخير الناس ذو حسب قديم
أقام لنفسه حسباً جديدا
وشر العالمين ذوو خمول
إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
فالفخر بالماضي يزينه العمل للحاضر، ولكن يموت الحاضر حين تتصعلك الشعوب. حين يكون التفرد لواحد. والانفرادية للآخرين حين يصب الإذلال على العلية ليكون الإخلال بكل القيم.
وما أحسن قول المتنبي:
أفاضل الناس اغراض لذا الزمن
يخلو من الهم أخلاهم من الفطن
وتراني أستعذب هذا البيت ، لأن فيه حسرة العاطفة وسخرية الشاعر، أستعذبه أكثر من البيت التالي مع أن المعنى واحد :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوه ينعم
* * *
سيدة البيت:
نحن في مرحلة يتحكم فيها الفصام بين أعضاء الأسرة كان الوفرة والترف قد أشعلا نار الإنفرادية بالأنانية. وكان تعلم البنات قد أقصاهن عن عمل الأمهات فالأنثى أم ولو لم تلد. والأم زوجة. ويعني ذلك أن هذه الأم هي التي تنتظم بها الأسرة حين تكون راحمة لها. فالأم الرحم إذ تلد البناء، هي الأم الرحمة لرعاية الأبناء. فأين هي الأم الآن..؟
لقد فقدت الكثير من الرحمة حين زهدت أن ترضع طفلها، وأفقدت الأسرة قيمتها حين انصرفت عن رعاية البيت. مرحلة أنا على يقين أنها لن تدوم، فالأخطاء هي التي تبصر بالصواب وستعود الأم إلى مكانتها.
العلم لا يحجبها. بل هو إلزام لها بأن تلزم بالقيم، وأولها أن تكون هي واسطة العقد في الأسرة.
تحدث إلى كبير يطبق المفصل حين تشاكينا من أوضاع الأسرة الآن، فقال:
((لقد جرى بيني وبين الأمير الإنجليزي دوق أوف كنت فقال إن السيدة مارجريت تاتشر لا تذهب إلى داونج ستريت تدير أسلوب الحكم وتباشر السياسة إلا بعد أن تدخل إلى المطبخ. تعد بنفسها فطور زوجها وأبنائها)).
قلت له.. إنها أفعمت قلب زوجها وأفئدة بنيها بشيء من الإسعاد، وإلا فإنها تستطيع أن تكل إلى خادم أو خادمة تصنع صنيعها لكن الأمومة فيها وتقييم التربية وصناعة الحب ألزمتها أن تكون سيدة البيت لا تأنف أن تدخل المطبخ.
أما نحن الآن. فالخدم هم عماد البيت.. طباخات ونفاخات.. غسالات وكناسات. يتراطن بلغات شتى. حين أصبح البيت ((بابل)) أخرى تتبلبل فيه الألسنة. فأصبحت الكثرة من الخدم والخادمات عبئاً على دخل الأسرة وحتى على الدخل القومي.
وهذا له عقابيل أولها أنه أحدث الفصام في الأسرة.
وظاهرة أخرى هي الولع بالأسماء الأجنبية. يرفضون أسماء الجدات والأمهات. يرفضون اسم فاطمة، وزينب، ورقية، وهالة، وليلى، وهند، ودعد، إلى أسماء مثل سوزان، سوسن، شيرين، وأخشى أن يتمادوا فيسموا جوليانا، وجاكلين، وكارولين، ومارغريت، وديانا، ورينا، وسونيا.
ذلك يدل على أن الكثيرين منا والكثيرات أصبحوا وأصبحن يفعلون ويقبلن على الجديد ولو كان غير صالح.
* * *
- صور:
وقال أحدهم. كيف تكون النهاية في لبنان؟
قلت : ليس الصراع في لبنان الآن بين لبنان وإسرائيل أو بين لبنان وسوريا أو بين سوريا ولبنان وإنما هو الصراع غير الخفي بين إمبراطورية البيت الأبيض وإمبراطورية الكرملين وأخشى أن يصطلحا على توزيع الغنيمة.
* * *
وقالوا إن العجوز الشمطاء جولدا مائير قد خاطبها سكرتيرها بأن السناتور الأمريكي يريد التحدث إليها في لقاء كلف نفسه أن يحضر من أجله إلى إسرائيل.
فقالت هل هو صديق لإسرائيل.. وهل في صداقته نفع لنا؟
أجابها سكرتيرها أنه صديق وقد ينفع.
فقالت العجوز الشمطاء. دعوه يدخل إلى الصالون. سألقاه بعد..
وتركته في الصالون وذهبت إلى المطبخ. فانتظر طويلاً حتى سأل أين هي..
فالأمريكي لا بد أن يحاسب مائير على عطائه لها، فقالوا له إنها في المطبخ والأمريكي يحب الفضول. تعجبه المفارقات. فطلب أن يدخل إلى المطبخ ليراها فإذا هي تعد الشاي والكعك. فناولته كوباً من الشاي وقطعة من الكعك. كأنما هي الضبعة تريد أن تشبع فريستها. تخدر نفسه لتفترس عواطفه ثم أعدت صينية عليها أكواب من الشاي وأطباق من الكعك، وحملتها تخرج من المطبخ وتترك السيناتور، فسألها إلى أين؟
فقالت: إلى الحراس والخدم. فأنا أعد لهم ذلك بنفسي.
وكانت تمثيلية خرج بها السيناتور الأمريكي ليضع ((جولدا مائير)) وهي رئيسة الوزراء في الموضع الذي أرادته، تتركه مذهولاً.. فمأخوذاً يثني عليها.
إنها ممثلة بارعة، تبذل الخدمة لقومها على صورة ((سيدة البيت)) التي تعد الشاي والقهوة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :570  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 984 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج